الحلول القائمة على الطبيعة.. أبجديات إنقاذ الأرض في COP28
تعرف الأمم المتحدة الحلول القائمة على الطبيعة، أو "Nature-based Solutions" بأنها "إجراءات لحماية وحفظ واستعادة واستخدام مستدام وإدارة النظم الإيكولوجية الأرضية والمياه العذبة والساحلية والبحرية الطبيعية أو المعدلة".
عديد من الحلول المناخية القائمة على الطبيعة يعتبرها خبراء المناخ والبيئة حلا مثاليا للتعامل مع أزمات المناخ خاصة مع إمكانية انسجامها مع الخطط والاستراتيجيات الوطنية في قضية المناخ.
فمن الأسوار البحرية الطبيعية إلى أشجار المانغروف، بدأت كثير البلدان في مكافحة تغير المناخ بحلول قائمة على الطبيعة.
ومن المأمول أن يقود مؤتمر المناخ COP28 الذي تستضيفه دبي في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى 12 ديسمبر/كانون الأول المزيد من هذه الجهود.
- اليوم العالمي للمانغروف.. "العين الإخبارية" ترصد تطور "حراس الطبيعة" في الخليج (تحليل رقمي)
- اليوم العالمي لغابات المانغروف.. نموذج إماراتي ملهم
وفي مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28 ستتاح لقادة العالم فرصة لزيادة الاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة لدعم أجندة المناخ التي تدمج أهداف التنوع البيولوجي والحفاظ على بالوعات الكربون ووجهات النظر والمصالح المحلية.
الحلول كامنة في الطبيعة
مع ازدياد درجة حرارة العالم وإطلاق المزيد من غازات الدفيئة، تتعرض قدرة الطبيعة على أداء وظائف النظام البيئي المهمة -مثل عزل الكربون وتنظيم درجة حرارة الأرض وتوفير الهواء النظيف والماء- للخطر.
هذه الوظائف جزء لا يتجزأ من الحد من تغير المناخ وبناء القدرة على الصمود أمام آثاره، وهذا أمر أساسي بشكل خاص على سبيل المثال بالنسبة لجزر آسيا والمحيط الهادئ ، حيث تكون آثار تغير المناخ أكثر بروزا وحيث تظل الطبيعة مكونا أساسيا في الحياة اليومية أكثر من البيئات الحضرية.
ويعترف الفريق الدولي المعني بتغير المناخ بالطبيعة كحل مناخي ومفتاح لتحقيق هدف 1.5 درجة في اتفاقية باريس للمناخ والذي، إذا تم تجاوزه، يشكل مخاطر متزايدة بشكل كبير على صحة الإنسان وسبل عيشه ورفاهه.
ويقدر بعض الخبراء أن 37% من تخفيضات غازات الدفيئة المطلوبة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2030 يمكن تحقيقها من خلال الحلول القائمة على الطبيعة.
أهمية حلول الطبيعة
تعد الحلول القائمة على الطبيعة مهمة وتبرز تلك الأهمية في نقاط عديدة أبرزها:
- قدرتها على توفير بالوعات الكربون ضمن جهود التخفيف من حدة المناخ.
- المساعدة في التكيف والقدرة على الصمود، خاصة في المناطق الساحلية.
- تقليل الحلول القائمة على الطبيعة لعواقب تغير المناخ.
- تقليل الانبعاثات عن طريق وقف - أو على الأقل تقليل - تدهور النظم الإيكولوجية وتدميرها.
وبشكل عام تساعد هذه البرامج القائمة على الطبيعة على تحديد وتوسيع مجالات جديدة ذات قيمة عالية لتخزين الكربون والتكيف معه من أجل الحماية وإعادة التحريج والتجديد.
كما تعمل الحلول القائمة على الطبيعة أيضا على بناء القدرة على التكيف مع الأحداث المناخية وتقليل مخاطر الكوارث.
وفي أفضل حالاتها، تجمع الحلول القائمة على الطبيعة بين تدخلات التكيف والتخفيف، وتحقيق التوازن بين الحاجة إلى التنمية المستدامة واستراتيجيات الحد من الانبعاثات.
وفي حين أن تغير المناخ يسبب تدهور النظم الإيكولوجية، وفقدان الموائل وتدهور التنوع البيولوجي، فإن الحلول القائمة على الطبيعة ترتبط ارتباطا جوهريا بالنتائج الإيجابية للتنوع البيولوجي.
المانغروف في فيجي
برزت في العالم تجارب ونماذج كثيرة ناجحة انتهجت الحلول القائمة على الطبيعة في التعامل مع قضية تغير المناخ ومنها على سبيل المثال ما حدث في جزر فيجي في في جنوب المحيط الهادئ .
وبحسب الخبيرتين الدكتورة سالي جين باش، الأستاذة بجامعة موناش ، وأسترا راشتون آلان ، في مقال لهما نشره مركز "كلايمت ووركس" فإن الدفاع الساحلي لفيجي ضد ارتفاع معدل الأعاصير هو جدار بحري طبيعي يجمع بين أشجار المانغروف والصخور وعشب نجيل الهند.
ويجلب الجدار البحري الطبيعي فوائد الحماية الصلبة -حاجز يفصل بين البحر والبر- دون التآكل الذي غالبا ما يأتي مع الجدران البحرية التقليدية.
إذن هو حل قائم على الطبيعة، وهو واحد من العديد من الفرص في المحيط الهادئ للاستفادة من الموارد العضوية لمعالجة تغير المناخ، مع فوائد للتخفيف والتكيف.
وهذا الشكل من "البنية التحتية الخضراء الرمادية"، بحسب الخبيرتين هو محاولة لدمج الهندسة الناعمة مع البيئة الطبيعية للمنطقة ، وتأسيس جهود التكيف على الحلول التي تعكس المكان الذي تم تضمينها فيه.
وتثبت فيجي ذلك تماما: فأشجار المانغروف تسحب الكربون بشكل طبيعي وتوفر إعادة زراعتها الحماية الساحلية والدعم لنظام بيئي مستدام.
إلى جانب الصخور ونجيل الهند -عشب متكتل غير جراحي- توفر هذه الجهود حلا قائما على الطبيعة يدعم التخفيف ويساعد على تعزيز قدرة البلاد على التكيف مع ارتفاع منسوب مياه البحر والمزيد من العواصف.
100 مليون شجرة مانغروف إماراتية
تعتزم دولة الإمارات، الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف COP28، زراعة أكثر من 100 مليون شجرة مانغروف بحلول عام 2030، والتقاط ما يقدر بنحو 43,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
ويعد هذا جزءا من مشروع البلاد لاستعادة أشجار المانغروف المتدهورة وهو أمر غاية في الأهمية لاحتجاز الكربون لأن أشجار المانغروف تحسن قدرة المجتمع على الصمود في مواجهة العواصف وهي نقاط ساخنة للتنوع البيولوجي.
وتبين هذه الإجراءات الآثار الإيجابية للمناخ والمنافع المشتركة لصحة النظم الإيكولوجية ورفاه الإنسان من الحلول القائمة على الطبيعة.
يمكن أيضا توسيع تعريف الحلول القائمة على الطبيعة إلى ما هو أبعد من التدخلات البشرية في الطبيعة ليشمل تطوير البنية التحتية واستخدام التكنولوجيا للتخفيف من حدة المناخ، مثل الطاقة المتجددة المولدة من تقنيات الرياح والطاقة الشمسية والمحيطات.
إن تأثير التخفيف من هذه الحلول له مغزى خاص للدول الجزرية ، التي يمكنها الاستفادة من الموارد الساحلية والبحرية لإنشاء مصادر طاقة متسقة ونظيفة ومستدامة.