"قمة النقب" التاريخية.. دلالات التوقيت والأهداف
تنطلق في النقب، جنوبي إسرائيل، أعمال "قمة النقب" بمشاركة وزراء خارجية إسرائيل، الولايات المتحدة، الإمارات، مصر، البحرين والمغرب.
تلك القمة التاريخية تأتي على وقع زيارة يجريها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حيث يحمل 3 ملفات رئيسية في جولته، التي تشمل 3 دول عربية وإسرائيل.
وتكاد أجندة بلينكن في إسرائيل وفلسطين والمغرب والجزائر تكون مثخنة بالملفات، إلا أن الرئيسية منها هي الأزمة الروسية-الأوكرانية، والملف النووي الإيراني، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ووصل بلينكن إلى إسرائيل، مساء السبت، حيث عقد لقاءات مكثفة مع المسؤولين الإسرائيليين، قبل أن يتوجه إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتركز زيارة بلينكن، وهي المحطة الأولى في رحلة ستقوده أيضًا إلى الضفة الغربية والجزائر والمغرب، على حشد الدعم لأوكرانيا بعد الهجوم الروسي.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن هناك مسألتين رئيسيتين أخرييْن على جدول أعمال الزيارة: تهدئة مخاوف إسرائيل بشأن اتفاق نووي وشيك مع إيران.
وإضافة إلى ذلك، مناقشة النقص العالمي المحتمل في القمح الناجم عن الحرب في أوكرانيا والذي يمكن أن يسبب أزمة في الشرق الأوسط المعتمد بشدة على استيراد هذه المادة، بحسب الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس.
استقبال حار
وبدأ وزراء الخارجية المشاركون في "قمة النقب" ، مساء الأحد، بالتوافد إلى إسرائيل للمشاركة في أعمال القمة.
وغرد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: "أهلا بك في قمة النقب - وزير خارجية مملكة البحرين عبد اللطيف الزياني".
كما وصل في وقت لاحق وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إلى إسرائيل للمشاركة في أعمال "قمة النقب"، بحسب الهيئة العامة للبث الإسرائيلي.
وجرى استقبال الوزير رسميا من قبل مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل أن يتوجه إلى مكان انعقاد "قمة النقب" في سديه بوكر.
وغرد لابيد باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: " أهلا بك في قمة النقب - وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد"شكل الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين الإمارات وإسرائيل خطوة مفصلية نحو إحلال السلام وتعزيز الأمن ودعم الاستقرار في المنطقة.
ورحب لابيد أيضا بوزير الخارجية المصري لدى وصوله إلى إسرائيل للمشاركة في القمة التاريخية.
كما غرد باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: "أهلا بك في قمة النقب - وزير خارجية مصر سامح شكري".
ووضعت وزارة الخارجية الإسرائيلية اللمسات الأخيرة لـ"القمة النقب" وهي الأولى من نوعها في إسرائيل بمستوى المشاركة العربية فيها.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان، إن اللقاء سيبدأ بعشاء للوزراء المشاركين في فندق بمنطقة "سديه بوكر".
وأشارت إلى أنه غدا صباحا ستعقد لقاءات وزراء الخارجية المشاركين ويختتم بتصريحات للوزراء.
وقالت وزارة الخارجية "يشارك في هذا الاجتماع التاريخي ستة وزراء خارجية هم: وزير الخارجية يائير لابيد، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ووزير خارجية البحرين الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، ووزير خارجية مصر سامح شكري".
وكانت الاستعدادات بدأت في منطقة الفندق الذي ستعقد فيه اللقاءات برفع أعلام الدول المشاركة.
قمة بعد سلام تاريخي
وبالإضافة إلى الظروف المحيطة بالمنطقة من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أو إمكانية موافقة واشنطن على توقيع اتفاق نووي مع إيران، فإن القمة تعد امتدادا لمعاهدات السلام التاريخية واتفاق إبراهيم، بين إسرائيل ودول الإمارات والبحرين والمغرب.
وعقب توقيع معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل في سبتمبر/أيلول 2020 حققت العلاقات الثنائية بين البلدين تطورا ملحوظا في مختلف المجالات والقطاعات تعززه لغة الأرقام.
فقد بلغت قيمة التجارة البينية بين الإمارات وإسرائيل أكثر من 3.5 مليار درهم حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2021 وتجاوزت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين 2.9 مليار درهم خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري.
وفي مارس/آذار العام الماضي، أنشأت دولة الإمارات صندوقا بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار بقطاعات استراتيجية في إسرائيل تشمل الطاقة والتصنيع والمياه والفضاء والرعاية الصحية والتكنولوجيا الزراعية وغيرها.
وجاء إنشاء الصندوق في إطار التزام البلدين بتنمية العلاقات الاقتصادية والتدفق الحر للسلع والخدمات وكذلك التعاون في مجالات إقامة المعارض وتبادل الخبرات والمعارف وزيارات الوفود والتعاون بين الغرف التجارية وكذلك في مجال التقنيات الزراعية وتعزيز البحث والتطوير المشترك.
وبناء على رؤية الاتفاق الإبراهيمي للسلام وإيمانا بالهدف المشترك المتمثل في تحقيق الرفاه لشعبي البلدين وشعوب المنطقة شكل البلدان لجنة اقتصادية مشتركة برئاسة وزارتي الاقتصاد بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية حيث تم إطلاق محادثات بين البلدين للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لتعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين تحت مظلة الاتفاق الإبراهيمي للسلام.
كما شهد التعاون الثنائي بين الإمارات وإسرائيل تطورات ملحوظة عقب توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام خصوصاً في مجالات الطاقة والبيئة والفضاء والتكنولوجيا المتقدمة والتعليم والبحوث وغيرها من القطاعات ذات الاهتمام المشترك وقد جرى التوقيع على أكثر من 60 اتفاقية للتعاون الاستراتيجي بين البلدين كما جرت محادثات لاستكشاف آفاق تعاون أرحب في مجالات الطيران والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتحلية المياه والذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وتنطلق دولة الإمارات في علاقتها مع دول العالم أجمع مرتكزة إلى وثيقة "مبادئ الخمسين" التي أطلقتها قيادتها الرشيدة وتتضمن 10 مبادئ أساسية ترسم المسار الاستراتيجي للدولة خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
وأسهم الاتفاق الإبراهيمي في إرساء دعائم السلام في المنطقة وفتح نوافذ أمل وفرص للشباب وللأجيال المستقبلية وهو ما يعكس نهج الإمارات الراسخ القائم على التسامح وإعلاء القيم الإنسانية والتعايش والتضامن الإنساني.
ويواصل البلدان تعميق الحوار الاستراتيجي الوثيق والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الإقليمية واغتنام الفرص بما يوفر آلية فعالة لتعزيز القوة الإيجابية للسلام والنهوض بالمنطقة وتقديم نموذج متفرد لأهمية السلام في تحسين حياة الشعوب.
السلام الدافئ
كما في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، وقعت إسرائيل بالبيت الأبيض اتفاق سلام مع الإمارات، وإعلان تأييد سلام مع البحرين.
ومعاهدة السلام أُعلن عنها في الثالث عشر من أغسطس/آب 2020، قبل التوقيع عليها بالبيت الأبيض في 15 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وسط حضور دولي لافت.
ومنذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي مرّ قطار السلام بمحطات مهمة، وحقق إنجازات قياسية في فترة قصيرة، تعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة وتوثيق العلاقات بين الشعوب.
وفي فبراير/ شباط الماضي، اتفقت البحرين وإسرائيل على إنشاء خطة ثنائية مدتها عشر سنوات تعرف بـ"استراتيجية السلام الدافئ المشتركة" تكون بمثابة خارطة طريق لتنمية العلاقات بين الجانبين.
جاء ذلك في بيان مشترك أوردته وكالة أنباء البحرين بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى البحرين.
وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث جرى استعراض مختلف جوانب التعاون الثنائي بين البلدين، وفرص تعزيزه وتنميته، خاصة في القطاعات الحيوية التي تحظى باهتمام متبادل بما يحقق تطلعاتهما إلى آفاق أوسع من التعاون والعمل المشترك المثمر في إطار ما تضمنه إعلان تأييد السلام، واتفاق مبادئ إبراهيم.
وأكد الجانبان، خلال اللقاء، مواصلة دعم العلاقات الثنائية والعمل المشترك بما يعزز مصالحهما ويخدم الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة.
وأوضح البيان المشترك، أن الجانبين ناقشا تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأمنية لمواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك التهديدات النووية والنشاط الإرهابي والتطرف والفقر والتحديات الاجتماعية، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون المدني والاقتصادي والتجاري بين البلدين لتأمين السلام وتحقيق الرخاء الذي يحقق مصالح الشعبين.
ووفقا للبيان، فقد اتفق الجانبان على الإسراع في المفاوضات حول اتفاقيات حماية الاستثمارات والعمل المشترك على اتفاق ضريبي يوفر البنية التحتية لتعزيز التعاون التجاري الآمن، وعلى دعم وتشجيع التجارة والاستثمارات المشتركة والزيارات المتبادلة للوزراء والمسؤولين الحكوميين، على أن يتم إنشاء لجان اقتصادية مشتركة لتعزيز وتوسيع التعاون المدني والاقتصادي والتجاري بين البلدين.
كما تم الاتفاق على تعميق الروابط بين الشعبين من خلال التبادل الثقافي والتعاون التربوي والأكاديمي، ودعا الجانبان الشباب في البلدين إلى المشاركة بنشاط في بناء السلام لإفادة أنفسهم والأجيال القادمة.
اتفاق السلام مع المغرب
وفي 22 ديسمبر / كانون الأول 2020، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقاً ثلاثيا، تم بموجبه استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، وتم الاتفاق على فتح مكاتب اتصال وتقوية العلاقات.
وفي الذكر الأولى عقب التوقبع بعام تم تنظيم لقاء افتراضي، عبر تقنية الفيديو بين وزراء خارجية إسرائيل والمغرب والولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة مرور عام على توقيع اتفاق السلام بين المغرب وإسرائيل.
واحتفى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد ونظيره المغربي ناصر بوريطة، الأربعاء، بمرور عام على توقيع اتفاق السلام بين البلدين.
وكتب لابيد، حينها، في تغريدة على حسابه باللغة العربية والعبرية، قائلا: "قبل عام تم التوقيع على اتفاق السلام بين إسرائيل والمغرب، ولقد احتفينا أنا ووزير خارجية المغرب بهذا اليوم في محادثة احتفالية".
وأضاف: "أشكر العاهل المغربي الملك محمد السادس، ووزير الخارجية ناصر بوريطة - إيمانكما بالسلام والصداقة مهم للغاية بالنسبة لنا. معا، نخلق فرصا جديدة في الشرق الأوسط".
وفي فبراير/ شابط الماضي، أبرمت المملكة المغربية وإسرائيل صفقة عسكرية قيمتها 600 مليون دولار أمريكي، وذلك في إطار علاقاتهما الثنائية القوية.
وبحسب ما ذكره موقع "N12 " الإسرائيلي، حينها، فإن الصفقة تأتي في سياق الاتفاقيات العسكرية التي تم توقيعها بالرباط قبل ثلاثة أشهر بين بيني جانتس وزير الدفاع الإسرائيلي ومسؤولين مغاربة.
ووفقا للموقع الإسرائيلي، فإن المملكة المغربية ستتوصل بأنظمة الدفاع الجوية "باراك-إم إكس" المتطورة.
وهذا النظام العسكري الدفاعي تم تصميمه لمواجهة تهديدات الصواريخ والطائرات.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، زار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس المملكة المغربية، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إسرائيلي في ذات المنصب.
وخلال هذه الزيارة تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين البلدين، وذلك في سياق زخم دبلوماسي كبير بين البلدين منذ استئناف العلاقات الثنائية بينهما.