استدعاء وفدي أمريكا وإسرائيل من مفاوضات هدنة غزة.. ضغط أم انهيار؟

بعد أيام من أجواء التفاؤل التي سادت حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بات الاتفاق «في مهب الريح».
فقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي استدعاء الوفد الإسرائيلي من الدوحة للتشاور قبل إعلان المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف استدعاء الوفد الأمريكي، «لكن بلهجة حملت انهيار المفاوضات برمتها».
وقال ويتكوف على منصة "إكس": "قررنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الرد الأخير من حماس، والذي يُظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة". وأضاف: "رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء، لا يبدو أن حماس منسقة أو حسنة النية".
وبحسب ويتكوف فإنه: "سندرس الآن خيارات بديلة لإعادة الرهائن إلى ديارهم، ومحاولة تهيئة بيئة أكثر استقرارًا لسكان غزة".
وقال ويتكوف: "من المؤسف أن تتصرف حماس بهذه الطريقة الأنانية. نحن مصممون على السعي لإنهاء هذا الصراع وتحقيق سلام دائم في غزة".
إغلاق الباب؟
وتكاد تكون اللغة التي استخدمها ويتكوف قد أغلقت الباب تماما أمام المفاوضات، رغم أن المصادر الإسرائيلية فسرت بيانه على أنه محاولة أخيرة للضغط على "حماس" للقبول بالعرض الذي قدمته الوسطاء.
كما أن اللغة التي استخدمها مخالفة تماما للغة التي استخدمها رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح، الذي يقوم بدور الوساطة في قطر بين "حماس" والإدارة الأمريكية.
وقال بحبح في منشور على "فيسبوك" في وقت سابق: "قدمت حماس هذا الفجر ردها على المقترح الإسرائيلي حول موضوع إعادة الانتشار وتبادل الأسرى. رد حماس كان واقعيا وايجابياً. الآن على إسرائيل الدخول في مفاوضات جدية وسريعة للتوصل إلى وقف إطلاق النار. الكل ينتظر الفرج. اهل غزة عانوا الكثير من القتل والدمار والجوع".
رسائل متناقضة
ولوحظ أن الجانب الإسرائيلي غيّر -أيضا- من لهجته، فبعد أن نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن "ردّ حماس الجديد أكثر إيجابية من الرد السابق"، وإن "عودة الوفد الإسرائيلي لا تعني انهيار المفاوضات، بل تأتي في إطار تنسيق مسبق بين جميع الأطراف" فإن الجانب الإسرائيلي استخدم لغة مماثلة لما قاله ويتكوف.
فقد نقلت القناة 13 الإخبارية الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في محادثات الدوحة، قوله: "الرد الذي تلقيناه غير مقبول بالنسبة لنا. لذلك، تقرر عودة الوفد إلى الوطن".
وأضاف: "هناك خلافات في جميع المجالات التي يجري التفاوض عليها. واجهنا صعوبة في مناقشة مفاتيح التعامل مع الأسرى الفلسطينيين".
وتابع: "الرد الذي تلقيناه هذا الصباح لا يسمح بإحراز تقدم إلا إذا تغير موقف حماس".
ومع ذلك فقد استدرك: "لا يوجد أي انفجار أو انهيار للمحادثات - نعتزم مواصلة المناقشات من الوطن باستمرار".
وتعكس الفقرة الأخيرة مؤشرا على أن المواقف هي ضغط على "حماس" للقبول بالمقترحات دون تعديل.
كما نقلت القناة الإخبارية 14 الإسرائيلية المقربة من نتنياهو عن مصدر إسرائيلي قوله: "ما زلنا نعتقد أنه من الممكن الاستمرار في العمل على تضييق الفجوات، ما زلنا نعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق. المشكلة تكمن في سلوك حماس والمواقف التي تطرحها في المفاوضات".
وأضاف: "لا يوجد انفجار أو انهيار للمحادثات، لكن في المفاوضات التي استمرت 18 يوما بعد أشهر من المحادثات الأولية، أحرزنا تقدما، لكننا بحاجة إلى العودة إلى المشاورات".
وتابع: "منذ اندلاع الحرب، لم يكن هناك وفد مكث في قطر لفترة طويلة، فقد عمل الوفد على استنفاد كل صدع وكل إمكانية في مواجهة الصعوبات التي تفرضها حماس. ستعود إلى قطر بمجرد العثور على الطريق وتضييق الفجوات. نحن لا نتخلى عن أي مختطف وعن المهمة المقدسة المتمثلة في إعادة المختطفين - سواء كانوا أحياء أو أموات ".
مفاتيح الصفقة
وكانت هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله: "طرح وفد حماس مجددًا مسألة "مفاتيح الصفقة"، مطالبًا بالإفراج عن 200 سجين امنيا فلسطينيا، بالإضافة إلى نحو 2000 معتقل من سكان غزة تم توقيفهم بعد السابع من أكتوبر، وهي أرقام تفوق ما نصت عليه مبادرة الوسطاء التي تضمنت الإفراج عن 120 أسيرًا أمنيًا و1200 معتقل من غزة".
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية النقاب إنه "للمرة الأولى في المفاوضات، تطالب حماس بالإفراج عن عناصر النخبة الذين شاركوا في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر في إطار صفقة إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة".
وأضافت: "لم تقدم حماس قائمة بأسماء الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم، بل طلبت مبدئيا بعدد الأسرى ونوع الأسرى، بمن فيهم عناصر النخبة والسجناء المؤبد وما شابه ذلك".
وتقدر إسرائيل بأنها تعتقل المئات من عناصر النخبة في حركة "حماس" الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر.
مطالب الانسحابات
وبشأن انسحابات الجيش الإسرائيلي في داخل قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، فقد أشارت هيئة البث الإسرائيلي:
- شمال قطاع غزة: إلى مسافة كيلومتر واحد من السياج الحدودي
- شرق غزة: إلى مسافة كيلومتر واحد من السياج الحدودي في المناطق غير المأهولة بالسكان و800 متر من المناطق المأهولة بالسكان.
- جنوب قطاع غزة: إلى مسافة 1.2 كيلومتر في المناطق غير المأهولة بالسكان و700 متر في المناطق المأهولة بالسكان.
رسائل مختلفة
وتلقت عائلات الرهائن الإسرائيليين رسائل مختلفة من الجانبين الإسرائيلي والأمريكي.
فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وحدة شؤون الأسرى والمفقودين التابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قولها في رسالة لعائلات الرهائن الإسرائيليين أن "الطاقم سيعود إلى البلاد بهدف تقليص الفجوات في التفاوض".
وشدد على أن "جميع الإمكانيات استُنفدت بإصرار، وسيواصل الطاقم العمل بنفس الروح لاستعادة جميع الأسرى، أحياءً وأمواتًا".
كما أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن مسؤولين أمريكيين نقلوا رسالة لعائلات الرهائن مفادها: "لا يزال من الممكن استغلال الزخم والتوصل إلى اتفاق".
البدائل؟
ولم يستطع المحللون الإسرائيليون تفسير ماهية البدائل التي تحدث عنها ويتكوف لإعادة الرهائن سيما بعد أن فشلت الحرب التي استمرت سنة و10 أشهر في إعادتهم.
لكنّ المحللين أشاروا إلى أمرين اثنين يحتمل أن يكون ويتكوف قد قصدهما وإن كانوا يميلون إلى أنه يمارس الضغط على "حماس".
الأول:
أن توجه الولايات المتحدة الأمريكية اللوم لحركة "حماس" على فشل المفاوضات وتطلب من الدول التي لها علاقة بالحركة أن تقطعها وأن تطرد قادة الحرة من أراضيها.
الثاني:
أن تمنح الولايات المتحدة الأمريكية الغطاء لاحتلال إسرائيلي كامل لقطاع غزة.
وفي هذا الصدد قال المحلل اليميني في القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية عميت سيغل: "حاولت إسرائيل، خوفًا من الرأي العام، الادعاء بأن استدعاء الوفد لا يعني انهيارًا. صرّح ويتكوف بالحقيقة البسيطة: لا يوجد من يمكن التحدث إليه. ويمكن إضافة ذلك: الطريق إلى الجحيم مُعبّد بالنوايا الحسنة. كل هذا الضغط على إسرائيل لمواصلة التنازلات أدى إلى تصلب حماس بشكل متزايد".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA==
جزيرة ام اند امز