«عصيان الاحتياط» يزحف من الجو إلى البحر.. نتنياهو في مأزق

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاصرة تحرك مئات جنود الاحتياط بسلاح الجو ضد الحرب في غزة ليجد نفسه أمام تحرك جديد لعشرات الضباط السابقين في البحرية.
فالمشترك في كلا التحركين هو أنهما يعارضان الحرب باعتبارها تمثل خطرا على حياة الرهائن الإسرائيليين، لكن المقلق بالنسبة لنتنياهو هو أن كليهما يتهمان الحكومة بإعطاء الأولوية للمصالح السياسية والشخصية، على حساب المصالح الأمنية الإسرائيلية.
وحاول نتنياهو وصف تحرك مئات جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي بأنه «تمرد»، قائلا في بيان: «إن التمرد هو تمرد، حتى عندما يُصاغ بلغة مهذبة. التصريحات التي تضعف الجيش وتمنح العدو دفعة معنوية وقت الحرب، هي أمر لا يُغتفر».
كما وصفهم بـ«مجموعة هامشية صاخبة لا تمثل الجنود ولا الجمهور»، متهما إياهم بـ«محاولة إسقاط الحكومة من خلال بث الفرقة في الداخل».
رسالة الطيارين
وكان الجنود الاحتياط والمتقاعدون في سلاح الجو كتبوا في رسالتهم التي نشرت بعدد من الصحف: «نحن، طيارو سلاح الجو في الاحتياط والتقاعد، نطالب بإعادة المختطفين إلى ديارهم دون تأخير، حتى وإن تطلب ذلك وقفًا فوريًا للقتال. الحرب الحالية تخدم مصالح سياسية وشخصية، ولا تحقق أهدافًا أمنية، بل تهدد حياة المختطفين، وتستنزف الجيش والمجتمع».
ووقع على الرسالة قادة كبار سابقون مثل رئيس هيئة الأركان الأسبق دان حالوتس، واللواء المتقاعد نمرود شافير.
وسارع عدد من الموقعين على الرسالة إلى دحض ادعاءات نتنياهو بـ"التمرد"، مؤكدين أنهم لم يدعو على الإطلاق إلى رفض الخدمة بالجيش الإسرائيلي.
وقال اللواء (احتياط) نمرود شافير، الرئيس السابق لدائرة التخطيط في قيادة أركان الجيش وأحد مُبادري رسالة الطيارين ضد استمرار الحرب، لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "حتى قبل 7 أكتوبر، اتُهم طيارو سلاح الجو بالتردد، ولكن في مفاجأة تامة، تحركت القوات للظهور بكامل قوتها - طيارين، وملاحين، ومقاتلين، وفنيين، وموظفي صيانة، وموظفي إدارة".
وأضاف: "بعد ما حدث هنا خلال العام والنصف الماضيين، لم يعد سلاح الجو بحاجة لإثبات أي شيء لأحد. لقد أثبت جدارته ميدانيًا، في جميع المجالات".
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير وقائد سلاح الجو تومر بارد ردا على تحرك الجنود الاحتياط والمتقاعدين بفصل جنود الاحتياط العاملين.
ومن أصل نحو 970 وقعوا على الرسالة قدرت مصادر الجيش الإسرائيلي أعداد الجنود الاحتياط العاملين بنحو 60-90.
وقال شافير: "أستغرب قرار قائد الجيش الإسرائيلي بمخاطبة الموقعين على الرسالة بهذه الطريقة وتهديدهم. هؤلاء أشخاص أمضوا عشرات ومئات الأيام في خدمة الاحتياط خلال العام والنصف الماضيين. الرسالة دعوة للحكومة الإسرائيلية لإعادة المختطفين إلى ديارهم. هذه مسؤوليتكم النهائية، فافعلوا ذلك! هذه ليست دعوة لسلاح الجو، ولا كلمة واحدة فيه عن سلاح الجو، ولا عن رئيس الأركان".
ولطالما حاول نتنياهو دحض الاتهامات الموجهة له بمحاولة إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية وشخصية وليس لاعتبارات سياسية.
تحرك 150 ضابطا سابقا في سلاح البحرية
لكن رد نتنياهو وقرار الإقالات في سلاح الجو لم يردع ضباطا سابقين في سلاح البحرية عن نشر رسالة مماثلة.
فقد وقّع أكثر من 150 ضابطًا سابقًا في البحرية الإسرائيلية رسالةً تطالب بوقف فوري للحرب في غزة، محذرين من أن المسار الحالي يُعرّض كلاً من الرهائن والجنود للخطر.
وتُشير الرسالة إلى أن "استئناف القتال يُؤخّر إطلاق سراح الرهائن، ويُعرّض الجنود للخطر، ويُلحق الضرر بالمدنيين الأبرياء".
وانتقد ضباط البحرية سلوك الحكومة، مُدّعين أنه "يُقوّض أسس الحكمة السياسية، ويُقوّض ثقة الجمهور، ويُثير مخاوف جدية من أن القرارات الأمنية تُملى بناءً على اعتباراتٍ غير مشروعة".
وتُؤكّد الرسالة على أن "59 رهينة لا يزالون في أنفاق حماس، وأن الدولة تبتعد أكثر فأكثر عن التزامها بإطلاق سراحهم".
واتهموا الحكومة بإعطاء الأولوية "للمصالح السياسية والشخصية، على حساب المصالح الأمنية"، مُضيفين أن "استئناف القتال يُؤخّر إطلاق سراح الرهائن، ويُعرّض الجنود للخطر، ويُلحق الضرر بالمدنيين الأبرياء".
آباء وأمهات الجنود يتحركون أيضا
وفي خطة لافتة، أعلن آباء وأمهات الجنود الاحتياط والنظاميين في الجيش الإسرائيلي، دعمهم لأبنائهم الذين وقعوا على الرسالة.
وقالوا في رسالة طالعتها "العين الإخبارية": "نحن الموقعون أدناه، آباء وأمهات جنود الجيش الإسرائيلي، نعرب عن دعمنا غير المشروط لحق جنود وجنديات الاحتياط في التعبير عن موقفهم بشأن استمرار القتال الذي يخوضونه هم أنفسهم منذ عام ونصف العام".
وأضافوا: "تعتبر رسالة الطيارين التي تطالب بإعادة المختطفين إلى ديارهم، حتى لو أدى ذلك إلى وقف القتال فوراً، حقاً أساسياً لمن يوقعون عليها كمواطنين في بلد ديمقراطي".
وتابعوا: "إن رأيهم بأن الحرب في هذا الوقت تخدم في المقام الأول مصالح سياسية وشخصية وليس مصالح أمنية، هو رأي مشروع، وهو رأي لديهم في إطار حرية التعبير".
وأشاروا في رسالتهم إلى "أن موقفهم القائل بأن استمرار الحرب لا يساهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وسوف يؤدي إلى مقتل رهائن وجنود إضافيين من الجيش الإسرائيلي واستنزاف جنود الاحتياط أنفسهم هو نداء واضح وملّح للقيادة السياسية التي ترسلهم للقتال للرد، ولا يجوز إسكاتها".
وقالوا: "ندعو رئيس الأركان وقيادة الجيش الإسرائيلي إلى العودة إلى رشدهم، وفهم أن الجيش الإسرائيلي، باعتباره جيش الشعب في دولة ديمقراطية، لا يجوز له تحديد و/أو إيذاء جنود الاحتياط الذين يعبرون عن موقفهم، دون أي دعوة أو تلميح إلى الرفض".
وتابعت الرسالة: نحن نحذر من أن الرد غير المتناسب الذي ينهي خدمة الموقعين على هذه الرسالة، أو أولئك الذين يأتون من وحدات إضافية، قد يؤدي إلى تآكل ثقة أفراد الخدمة الذين يضحون بأنفسهم خلال الأشهر الطويلة من القتال لإعادة المختطفين إلى ديارهم".
وأضافوا: "نطالب رئيس الأركان وقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي بالتوقف فوراً عن أي خطوات عقابية ضد الموقعين على هذه العريضة. إن حق المقاتلين في التعبير عن آرائهم ـ مثل حق كل مواطن في دولة ديمقراطية ـ هو شرط للمشاركة الحقيقية في تحمل الأعباء. الصمت ليس أمرًا، بل هو لفتة طيبة. سحب قرار إنهاء خدمة الموقعين على الرسالة المذكورة فوراً".
انتقادات معلقين
وقال المتحدث السابق بلسان الجيش الإسرائيلي آفي بنياهو على منصة "إكس": "في إسرائيل، يتمتع كل مواطن بالحق (بل وحتى بالالتزام في هذه الأيام) في التعبير عن موقفه الشخصي دون خوف، كما يتمتع بالالتزام (وهو حق أيضاً) بالخدمة في الاحتياط عندما يُطلب منه ذلك، وأثناء ارتداء الزي العسكري، يجب عليه أن يحافظ على آرائه يميناً ويساراً في المنزل".
وأضاف: "لقد كان الأمر هكذا دائمًا. ومن غير المعقول أن لا يتمكن مواطن وهو أيضا عضو في قوات الاحتياط من التعبير عن رأيه كتابيا أو شفويا، عندما لا يكون في الخدمة الفعلية".
وحذر من أنه "إذا كان على جنود الاحتياط الآن أن يختاروا بين الخدمة في الاحتياط والقدرة على التعبير عن موقفهم كتابياً، فإننا في دوامة خطيرة لا تقل خطورة عن الوضع المعاكس".
ومن جهته قال النائب الأسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي وزعيم حزب "الديمقراطيون" المعارض يائير غوىن على منصة "إكس": "إن لرافض الحقيقي هو نتنياهو. إنه يرفض القتال الحقيقي من أجل المختطفين، ويرفض حشد الجميع للدفاع عن الدولة، ويرفض تحمل المسؤولية - حتى بعد أكبر كارثة في تاريخنا".
وأضاف: "لا يوجد في الرسالة كلمة واحدة عن الرفض. إن الموقعين على الرسالة ليسوا من الرافضين، بل هم جنود احتياط قدموا مئات الأيام من أجل البلاد. إنهم المدافعون عن الدولة. إنهم جدارها الواقي".
أما المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت فقد كتب عن نتنياهو على منصة "إكس": "إنه يكذب كما يتنفس. بدون قيود وبدون حدود.لا يوجد رفض في الرسالة لا في تلميح، ولا في جو".
وأضاف: "الذي حطم المجتمع الإسرائيلي وأضعف الجيش الإسرائيلي هو أنت. السيد نتنياهو. ملاك التخريب (حسب اسحق شامير). الذي يروج للرفض الجماعي حتى في هذه اللحظة هو أنت. الذي يضعف الجيش هو أنت. إن الذي يقوم بهجوم وحشي على جميع كبار المسؤولين الأمنيين هو أنت".
aXA6IDMuMTQyLjIxMi4yNDUg جزيرة ام اند امز