عنوان واحد للانتخابات الإسرائيلية.. "بقاء نتنياهو أو سقوطه"
في ليلة الانتخابات الإسرائيلية يوم التاسع من أبريل سيهيمن عنوان واحد فقط "نجح نتنياهو" أو "سقط نتنياهو".
عادة ما تهيمن البرامج السياسية على الانتخابات الإسرائيلية، ولكنها تجري هذه المرة تحت عنوان واحد وهو بقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو مغادرته.
ويوظف المنافسون لنتنياهو كل أدواتهم الشخصية والإعلامية في سبيل ربط نتنياهو أكثر فأكثر بملفات فساد بدأت تفوح رائحتها في عام 2016.
أما نتنياهو فيطرح شعاره "بيبي أو طيبي" في إشارة إلى حكومة يمينية برئاسته، حيث يطلق عليه في إسرائيل لقب بيبي، أو حكومة وسط-يسار تعتمد على دعم الأحزاب العربية ومن بينها النائب العربي أحمد طيبي.
وحتى الآن تكتسب شعارات نتنياهو زخما في الشارع الإسرائيلي الذي يميل نحو اليمين الإسرائيلي بمقابل أحزاب وسط لا تركز على برامجها السياسية وتكتفي بالإشارة إلى فساد نتنياهو.
وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها فإن استطلاعات الرأي العام في إسرائيل تتوقع حصول اليمين على 65 مقعدا في الانتخابات المقبلة في التاسع من أبريل/نيسان المقبل مقابل حصول أحزاب اليسار والوسط على 43 مقعدا و12 مقعدا للأحزاب العربية.
وكانت توقعات قد سادت بلفت نتنياهو الأنظار عن ملفات الفساد بتصعيد عسكري في غزة أو سوريا، لكن يبدو أنه اختار الخطوات السياسية التي تدغدغ مشاعر اليمين الإسرائيلي المتشدد.
وبالمقابل فقد اختار الوسط الإسرائيلي، المدعوم في جزء كبير منه من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، أن يقلل من أهمية أي إنجازات سياسية بطرح مزيد من المعلومات عن ملفات الفساد.
وفي الأسبوع الأخير حقق نتنياهو 3 إنجازات سياسية ضخمة هلل لها اليمين في إسرائيل، بدءا من افتتاح مكتب تمثيل مجري في القدس كأول مكتب أوروبي ذات تمثيل دبلوماسي في المدينة منذ الاحتلال عام 1967، ومرورا بزيارة غير مسبوقة لنتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى حائط البراق في القدس الشرقية المحتلة.
وفي اليوم ذاته الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته الاعتراف بسيادة إسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وكان نتنياهو دعّم ترامب علنا في دعايته الانتخابية في مواجهة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
ويقول المنافسون لنتنياهو إن جوائز ترامب لنتنياهو لا تتوقف عند حد سابقة زيارة حائط البراق وإعلان نيته الاعتراف بسيادة إسرائيلية على الجولان وإنما سيستقبله في البيت الأبيض يوم الإثنين ويتناول معه طعام العشاء يوم الثلاثاء.
وعلى غير العادات الدبلوماسية الأمريكية فإن بومبيو لم يلتقِ في زيارته التي استمرت يومين لإسرائيل ممثلي المعارضة التي لم يحظوا أيضا بلقاء ترامب خلال زيارتهم بعد يومين إلى واشنطن للمشاركة في المؤتمر السنوي للجنة العلاقات العامة الإسرائيلية-الأمريكية (الأيباك).
وبحسب توقعات الإعلام الإسرائيلي فإن ترامب سيوقع مرسوم الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان خلال لقائه نتنياهو في البيت الأبيض بعد أن كانا تحادثا هاتفيا الخميس.
وكتب ديفيد أكسلرود، المستشار السياسي الرفيع السابق في البيت الأبيض، أن "ترامب يرمي لنتنياهو عجلة إنقاذ عشية الانتخابات"، فيما قال اهارون ديفيد ميلر، الذي عمل مستشارًا للشرق الأوسط في 5 إدارات أمريكية، إن "خطوة ترامب هي سياسة بحتة، فهو يساعد نتنياهو على إعادة انتخابه، وهو أمر جيد لسياسة ترامب نفسه، لا توجد هنا مصلحة قومية للولايات المتحدة".
وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: "سيكون للاعتراف الأمريكي بضم الجولان تداعيات مهمة جدا، سيزيد اليمين ضغطه لسريان القانون الإسرائيلي على مناطق "ج" في الضفة الغربية (60% من مساحة الضفة)، التي توجد فيها كل المستوطنات".
وفي هذا الصدد قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات: "إذا ما أراد رؤساء الحملة الانتخابية لنتنياهو جيسون جرينبلات والسفير التوراتي نتيجة الانتخابات الإسرائيلية بإعلان نتنياهو الرابح قبل إجرائها في أبريل فعليهما أن يطلبا من الرئيس ترامب أن يعلن اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ولاحقا يعلنان دولة غزة تحت راية حماس المظفرة".
وجرينبلات هو مساعد الرئيس الأمريكي والمبعوث الخاص للمفاوضات الدولية الذي لا يتوقف عن تأييد سياسات الحكومة الإسرائيلية، فيما أن السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان الذي يوصف في الإعلام الأمريكي بـ"السفير التوراتي" والذي كتب عنه الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان "سفير أمريكا في إسرائيل يروج للاستيطان أكثر من الدبلوماسية".
ولا تتوقف المفاجآت السياسية لنتنياهو عند هذا الحد؛ إذ يصل إلى إسرائيل نهاية الشهر الجاري الرئيس البرازيلي اليميني جايير بولسونارو الذي يلوح منذ فوزه بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
التشكيك بكفاءة الخصوم
ويقول المنافسون لنتنياهو إنه تعمد تسريب أنباء عن اختراق المخابرات الإيرانية للهاتف النقال لمنافسه بيني جانتس في محاولة للتشكيك بكفاءته.
ولذلك قال نتنياهو: "كيف يمكن لمن لا يقدر أن يحمي هاتفه النقال أن يحمي دولة إسرائيل".
وذهبت وسائل الإعلام اليمينية الإسرائيلية إلى حد التحذير من المعلومات التي قد يكون احتواها الهاتف النقال لجانتس ووصلت المخابرات الإيرانية.
يذكر أنه عسكريا لا يمكن لنتنياهو أن يشكك بالكفاءة العسكرية لرئيس الأركان الإسرائيلي السابق جانتس وشريكيه رئيس الأركان الأسبق جادي اشكنازي ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعالون.
ملفات الفساد
وبمقابل ذلك فتواصل وسائل الإعلام الإسرائيلية الكشف عن مزيد من ملفات الفساد التي تورط فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فبعد أن أعلن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت نهاية الشهر الماضي نيته توجيه اتهامات "تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة" إلى نتنياهو إلى 3 ملفات فساد فقد كشف النقاب خلال أيام الأسبوع عن تورط نتنياهو في ملف جديد.
فالملفات التي اتخذ ماندلبليت قرارا بشأنها هي: ملف 1000 والمتعلق بتقديم نتنياهو تسهيلات لرجال أعمال مقابل الانتفاع بهدايا ثمينة، والملف 2000 المتعلق بإجراء مفاوضات مع ناشر صحيفة"يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس للحصول على تغطية إعلامية إيجابية مقابل التضييق على صحيفة "يسرائيل هيو" المنافسة، أما الملف 4000 فيتعلق بتقديم نتنياهو تسهيلات لشركة "بيرزك" للاتصالات التي كانت تدار من قبل رجال الأعمال شاؤول الوفيتش مقابل الحصول على تغطية إعلامية إيجابية في موقع "والا" الإخباري المملوك لألوفيتش.
ولكن هذا الأسبوع برز مجددا ملف شراء غواصات من ألمانيا معروف باسم ملف 3000، حيث قال مسؤولون في سلطات إنفاذ القانون إنه ينبغي إطلاق تحقيق جنائي ضد نتنياهو في هذا الملف بعد الكشف عن أسهم كان يمتلكها في شركة أمريكية تبين أن لها صلة بهذا الملف.
ولكن وأيضا كان القرار أن التحقيق لن يبدأ قبل الانتخابات الإسرائيلية، حيث قرر ماندلبليت تأجيل جلسة استماع مع نتنياهو حول ملفات الفساد إلى ما بعد الانتخابات قبل قراره توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو.
وفي كل الأحوال فإن جلسة الاستماع قد تستمر شهور طويلة يعقبها قرار توجيه لائحة اتهام ولكن حتى لائحة الاتهام لا تلزم نتنياهو بالاستقالة إلى حين إدانته فعليا.
وهذا يضع نتيناهو أمام 4 خيارات: الاستمرار في الانتخابات لتشكيل الحكومة الجديدة والدفاع عن نفسه وهو في موقعه وهو المرجح أو التنحي للدفاع عن نفسه قانونيا، وهذا مستبعد أو القبول بعد الانتخابات بالمشاركة في حكومة وحدة بعد الانتخابات وهو خيار ممكن أو أن تتفق أحزاب من الوسط واليمين على ائتلاف حكومي يستبعد الليكود برئاسة نتنياهو.
ولكن حتى لو شكل نتنياهو الحكومة المقبلة فإن هذا لن ينقذه من السجن في حال إدانته بتهم الفساد.
الاستطلاعات
حتى اللحظة تشير نتائج استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى تفوق حزب "أزرق - أبيض" برئاسة بيني جانتس على حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو ولكن مع أفضلية تشكيل حكومة جديدة لنتنياهو بسبب قوة اليمين الإسرائيلي.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، الجمعة، "يحصل الليكود على 26 مقعدًا في حين أن حزب "أزرق – أبيض" يحصل على 30 مقعدا"، وأضافت" من المعقول الافتراض، وفقا لهذه النتائج، أن بنيامين نتنياهو سيحصل على تفويض لتشكيل الحكومة، مع حصول الكتلة اليمينية على 62 مقعدًا على الأقل".
ويلزم أي شخصية مكلفة بتشكيل الحكومة الحصول على تأييد 61 عضوا على الأقل في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.
وتقول صحيفة "هآرتس" اليسارية الإسرائيلية في افتتاحيتها: "فشل جانتس في موضوعين أساسيين لا يمكن التساهل بهما، الموضوع الأول هو تهرّبه في جميع مقابلاته من إعطاء رد واضح حول ما إذا كانت قائمته تؤيد حل الدولتين.. لماذا لا يكون الشخص الذي يدّعي أنه يمثل البديل لحكم بنيامين نتنياهو مستعداً للكشف عن موقفه من موضوع مصيري وهو حل المشكلة الفلسطينية؟ لماذا لا يجرؤ من يدّعي أنه البديل لنتنياهو وأنه أكثر اعتدالاً منه، على التعبير عن تأييده لحل أيّده حتى نتنياهو؟ إن البديل الوحيد لحل الدولتين هو حل الدولة الواحدة. وثمة شك في أن جانتس يتبناه. إن التهرب من تأييد الحل الوحيد المتبقي لا يثير أملاً كبيراً بالشجاعة السياسية لمن يدّعي أنه البديل".
وأضافت: "الموضوع الثاني والأخطر هو موقف جانتس من الأحزاب العربية، فقد قال إنه لن يُجري أي حوار سياسي مع ممثلي الأحزاب العربية، (الزعامة السياسية للعرب في إسرائيل ارتكبت خطأ كبيراً.. فهي تتحدث ضد دولة إسرائيل، لذلك لا أستطيع إجراء حوار سياسي معها)، قال جانتس للقناة 11، وبذلك ينضم جانتس إلى اليمين الذي يعمل على نزع الشرعية عن التمثيل السياسي للمواطنين العرب في إسرائيل".
في ليلة الانتخابات الإسرائيلية يوم التاسع من أبريل/نيسان سيهيمن عنوان واحد فقط "نجح نتنياهو" أو "سقط".
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز