اعتراف واشنطن بضم إسرائيل للجولان.. مخاوف يحولها نتنياهو لورقة انتخابية
نتنياهو اصطحب السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان والسيناتور ليندسي غراهام، في جولة بمروحية فوق الجولان السوري المحتل
مؤشرات تلوح بإمكانية اعتراف أمريكي بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية، لم يفوّت رئيس الوزراء الإسرائيلي اقتناصها لتحويلها إلى ورقة دعائية للانتخابات المقبلة.
فرغم مرور نصف قرن على احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان في حرب 1967، إلا أنها لم تستطع حتى اليوم، انتزاع اعتراف دولي بشرعية الاحتلال، لكن مؤشرات برزت في الساعات الماضية عن إمكانية تحقيق واشنطن لرغبة نتنياهو، قبل انتخابات الكنيست، المقررة الشهر المقبل.
وتحول الاعتراف الأمريكي بالضم الإسرائيلي للجولان إلى واحدة من قضايا الدعاية الانتخابية في إسرائيل.
ففي شريط فيديو دعائي قال نتنياهو، أمس الإثنين: "اجتمعت مع صديقي السيناتور ليندسي غراهام والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.. هما صديقان حميمان لإسرائيل".
وكانت إسرائيل احتلت مرتفعات الجولان السورية إثر حرب 1967، وفي العام 1981 تبنى الكنيست قانون ضمها، لكن المجتمع الدولي رفض هذا القرار.
وأضاف: "لاحقا حلقنا بمروحية فوق الجولان وشرحت لهما الوضع، فقال غراهام إنه سيعود لطرح مشروع قانون في الولايات المتحدة الأمريكية يعترف بمرتفعات الجولان جزءا من دولة إسرائيل إلى الأبد.. إن هذا الأمر مهم جدا".
ومرتفعات الجولان هي منطقة استراتيجية بمساحة 1200 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 20 ألف نسمة.
ويعتبر الجزء الأكبر من سكان الجولان سوريين، إضافة إلى وجود أكثر من 17 ألف مستوطن إسرائيلي يقيمون في 30 مستوطنة.
وتقول إسرائيل إن المنطقة ذات أهمية أمنية استراتيجية لها، لكن تفاصيل المفاوضات الإسرائيلية-السورية خلال سنوات التسعينيات تشير إلى أن تل أبيب كانت مستعدة بالفعل للانسحاب منها مقابل ترتيبات أمنية متفق عليها مع دمشق وتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في اتفاق سلام.
وسعى نتنياهو خلال العام الماضي، إلى الحصول على قرار أمريكي بالاعتراف بضم بلاده لمرتفعات الجولان بعد أن اعترفت الولايات المتحدة نهاية 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.
غير أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، قال خلال زيارة إلى إسرائيل في أغسطس/آب الماضي، إن الإدارة الأمريكية لا تناقش الاعتراف بالسيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.
وأضاف بولتون آنذاك: "سمعت أن الفكرة طُرحت لكن لا يوجد نقاش يدور حولها ولا قرار داخل الحكومة الأمريكية، بالطبع نفهم قول إسرائيل إنها ضمت هضبة الجولان، ونتفهم موقفها، لكن لا تغيير في موقفنا حاليا".
لكن وفيما يمثل تغيرا في الموقف الأمريكي، كتب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، في تغريدة على تويتر، أمس الإثنين،" تم تقديم أدلة مقنعة على الأهمية الاستراتيجية الحاسمة للسيطرة الإسرائيلية على هذه الأرض".
وكان فريدمان يشير بذلك إلى قول نتنياهو خلال جولته في مرتفعات الجولان "كانت هضبة الجولان تشكل جزءا من إسرائيل دائما، ومنذ أول أيام تاريخنا، فبالتأكيد إنها تشكل جزءا من دولتنا منذ العام 1967، وبصورة أشد مؤخرا منذ 1981".
وأضاف نتنياهو: "هضبة الجولان هي جزء من إسرائيل ويجب أن تبقى جزءا من إسرائيل إلى الأبد، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يعترف المجتمع الدولي ولا سيما صديقتنا الكبيرة، الولايات المتحدة بهذه الحقيقة وبقبولها".
وفيما مثل مفاجأة لنتنياهو قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام : "سأعود إلى مجلس الشيوخ حيث سأعمل مع السيناتور تيد كروز على بدء حراك يسعى إلى الاعتراف بالجولان كجزء من دولة إسرائيل إلى الأبد".
وتابع:"إنني أقف على أحد الأماكن الأهم في دولة إسرائيل استراتيجيا".
لكن حزب "أزرق- أبيض" برئاسة الرئيس السابق لأركان جيش الاحتلال بيني جانتس، رأى في هذا الحراك محاولة لتعزيز شعبية نتنياهو قبيل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من الشهر المقبل.
واستنادا إلى استطلاع للرأي العام نشره التلفزيون الإسرائيلي، فإن حزب "أزرق- أبيض" يتفوق على "الليكود" برئاسة نتنياهو بحصوله على 31 مقعدا مقابل 28 مقعدا.
ومن المرتقب أن يغادر نتنياهو إلى الولايات المتحدة، نهاية الشهر الجاري، للمشاركة في المؤتمر السنوي للجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك) التي تعمل على الترويج لمصالح إسرائيل في مراكز صنع القرار في واشنطن.
ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش أعمال المؤتمر الذي ينعقد على مدار يومين في الـ ٢٤ من الشهر الجاري.
ونقلت القناة الإسرائيلية 13 عن مقربين من بيني جانتس إنه يتوقع أن يعترف ترامب خلال اللقاء مع نتنياهو بالضم الإسرائيلي لمرتفعات الجولان في مسعى لمساعدته بالفوز في الانتخابات.
وأضافت "يقول مساعدو جانتس إنه إذا فعل ترامب هذا الأمر، فإنه سوف يمنح نتنياهو إنجازا كبيرا لحملته الانتخابية".
ورفض البيت الأبيض التعقيب على أقوال مساعدي جانتس.
لكن السفير الأمريكي الأسبق لدى تل أبيب، مارتين أنديك، حذر في تغريدة على تويتر، اليوم الثلاثاء، من أن "اعتراف الولايات المتحدة بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان سيكون مخالفة مباشرة لقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي شاركت واشنطن في صياغته".
وتابع أنديك: "شئنا أم أبينا، فإن مرتفعات الجولان هي أرض سورية، ولا يمكن لإسرائيل أن تتخلى عنها الآن بالنظر إلى مخاوفها الأمنية المشروعة. لكن الاعتراف بضم إسرائيل للأرض التي ليست خاصة بها هو لعب بالنار لأغراض سياسية حزبية، ولن تقبله أي دولة عربية".