المعارضة ترحب بتعيين جراد رئيسا لوزراء الجزائر: خطوة مهمة
جزائريون وأحزاب معارضة بالجزائر ترحب بتعيين شخصية أكاديمية ومعارضة لنظام بوتفليقة على رأس الحكومة وتفاؤل بشأن مستقبل الحوار.
يترقب الجزائريون في غضون الأسبوع الحالي الكشف عن أول وزراء الطاقم الحكومي الذي يقوده عبدالعزيز جراد بعد أن كلفه الرئيس عبدالمجيد تبون بتشكيل الحكومة، وسط ترحيب لافت من المعارضة وبعض وجوه الحراك الشعبي.
- الرئيس الجزائري يعين عبدالعزيز جراد رئيسا للوزراء
- عبدالعزيز جراد.. أكاديمي مستقل يتولى "المهمة الصعبة" بالجزائر
وعيّن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، السبت الماضي، عبدالعزيز جراد أول رئيس للوزراء في عهده، وكلفه بتشكيل الحكومة، ليكون بذلك رئيس الحكومة رقم "20" في تاريخ الجزائر.
وعقب تكليفه بتشكيل الحكومة، أدلى عبدالعزيز جراد بأول تصريح للتلفزيون الجزائري الحكومي، أقر فيه بصعوبة مهمته، والتي حددها في "استرجاع ثقة الجزائريين في هذه المرحلة الصعبة".
وقال: "نحن أمام تحدٍ كبير من أجل استرجاع الثقة في مجتمعنا وتحديات اقتصادية واجتماعية يجب أن نعمل مع كل الكفاءات والمواطنين من أجل الخروج من هذه المرحلة الصعبة، ومتأكد أن ما يحتويه برنامج الرئيس يُمكنني من العمل في إطار المصلحة الوطنية العليا".
ترحيب واسع
وأحدثت المواقف "المرحبة" بتعيين عبدالعزيز جراد رئيساً للوزراء الصادرة من أحزاب معارضة بالجزائر والتي سبق لها مقاطعة لانتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي "الحدث" من جديد، بعد ترحيبها بدعوة الرئيس الجزائري المنتخب إلى حوار شامل مع الطبقة السياسية والحراك الشعبي.
أول ردود الأفعال جاءت من حزب "جيل جديد" المعارض؛ إذ وصف رئيسه جيلالي سفيان رئيس الوزراء الجديد بـ"الشخصية غير الملوثة بفساد النظام البوتفليقي"، واعتبر أن تعيين "شخصية أكاديمية خطوة إيجابية قام بها رئيس الجمهورية".
وربط جيلالي سفيان نجاح جراد في مهمته الصعبة بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بـ"حسن اختيار الطاقم الحكومي"، وأشار إلى أنه "إذا وفق جراد في تشكيل الطاقم الحكومي سيكون قادراً على مواجهة الصعاب والمشاكل التي نعيشها"، وتوقع في المقابل أن "تكون حكومة مؤقتة إلى غاية تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة".
كما اعتبر مولود حشلاف المكلف بالإعلام في حملة المرشح السابق لانتخابات الرئاسة علي بن فليس أن تعيين عبدالعزيز جراد "مؤشر إيجابي لمرحلة جديدة، ونتوسم فيه الخير لمستقبل البلاد، لكن الأعمال خير حكم".
أما حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي كان حاكماً في عهد الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، فقد وصف اختيار أكاديمي على رأس الحكومة بأنها "رسالة إيجابية موجهة للنخبة المثقفة للمشاركة في صناعة القرار في الجزائر الجديدة".
كما أبدى عدد من الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن "تفاؤلهم" باختيار "كفاءة أكاديمية"، وتوقعوا أن تضم الحكومة المقبلة "عددا من الكفاءات وبداية للقطيعة مع تعيينات الولاء والحسابات الانتخابية والجهوية".
في سياق متصل، أشار متابعون للشأن السياسي في الجزائر أن "عدم استشارة الرئيس الجزائري الأغلبية البرلمانية الحالية" مؤشر على "تغير كبير في الخارطة السياسية للبلاد"، وأن ذلك مرده إلى "أن البرلمان الحالي مطعون في شرعيته ومرفوض من قبل الجزائريين".
من جانب آخر، أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن الاختيار الأول للرئيس الجزائري كان وزير الإعلام الأسبق عبدالعزيز رحابي في منصب رئيس الوزراء.
وكشفت عن أن "رحابي منسق مؤتمر المعارضة رفض القبول بالمنصب، واشترط أن يكون تعيينه وفق مشاورات مع المعارضة، وأن يكون مقترحاً منها، على أن يكون ملف الحريات أولوية سياسية في برنامجه".
وتوقع مراقبون أن يركز عبدالعزيز جراد في انتقاء الوزراء الجدد على الوزارات الاقتصادية، وهي وزارات المالية والتجارة والفلاحة والصناعة والمناجم والطاقة، خاصة وأن تبون كشف في أول خطاب له بعد أدائه القسم الدستوري عن أن "إصلاح الوضع الاقتصادي والمالي أولوية في ولايته الرئاسية"، وسط توقعات أيضا بأن يكون غالبية الوزراء الجديد من المستقلين أو من أحزاب معارضة قد تشارك للمرة الأولى في الحكومة بينها "حزب طلائع الحريات" الذي كان يقوده رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، وقرر الاعتزال السياسي بعد خسارته للمرة الثالثة في انتخابات الرئاسة.
اقتراب من الحراك
واعتبر مراقبون أن رئيس الوزراء الجزائري الجديد "أقرب للحراك من السلطة"، بالنظر إلى "ماضيه السياسي" الذي حافظ فيه على مواقفه المعارضة لنظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة من إقالته من منصب أمين عام وزارة الخارجية في 2003.
وتسبب موقفه من دعم المرشح المستقل علي بن فليس في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2004 في إبعاده من منصبه بوزارة الخارجية، وكان حينها من القيادات البارزة في حزب جبهة التحرير الحاكم، قبل أن يستقيل منه.
ومنذ بدء الحراك الشعبي في فبراير/شباط الماضي، انتقد جراد اعتماد السلطات الجزائرية "على الحل الدستوري للأزمة" بعد تمسكها بتطبيق المادة 102 من الدستور التي تقر بخلافة رئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) رئيس البلاد في حالات الوفاة أو الاستقالة أو العجز.
وكان من المطالبين بما أسماه "المزج بين الحلول الدستورية والسياسية"، في إشارة إلى تطبيق جزء من المادة 102 التي فرضت على بوتفليقة الاستقالة، بينما يتم "تكليف شخصيات مستقلة بقيادة مرحلة انتقالية"، وهو ما رفضته المؤسسة العسكرية وحذرت من تبعاته، وذكّرت مراراً بتجارب الجزائر الفاشلة مع ذلك النوع من الحلول للأزمات السياسية التي مرت بها منذ استقلالها.
ويتوقع المراقبون، استقطاب السلطة الجزائرية الأحزاب المعارضة وجزء كبيراً من الحراك بعد تعيين شخصية مستقلة وأكاديمية ومعارضة لنظام بوتفليقة إلى الحوار الشامل الذي دعا إليه عبدالمجيد تبون بعد انتخابه رئيساً للبلاد.
وستشرف الحكومة الجديدة على جلسات الحوار وتعديل الدستور وقانون الانتخاب، بالإضافة إلى إشرافها على الانتخابات البرلمانية والمحلية بعد أن ألمح تبون إلى حل البرلمان والمجالس المحلية بعد إقرار التعديلات القانونية.
كما ينتظر أن تواجه حكومة جراد مهمة صعبة في الجانب الاقتصادي، بعد أن شهد 2019 ركوداً اقتصادياً والتراجع الكبير في احتياطات البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع معدل البطالة الذي فاق مع نهاية العام الحالي 1.5 مليون عاطل عن العمل.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg جزيرة ام اند امز