عبدالعزيز جراد.. أكاديمي مستقل يتولى "المهمة الصعبة" بالجزائر
عبدالعزيز جراد رئيس الوزراء الجزائري الجديد أكاديمي مختص في العلوم السياسية، وسبق له العمل مع الرئيس الأسبق اليامين زروال.
عيّن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، السبت، عبدالعزيز جراد أول رئيس للوزراء في عهده، وكلفه بتشكيل الحكومة، ليكون بذلك رئيس الحكومة رقم "20" في تاريخ الجزائر.
وعقب تكليفه بتشكيل الحكومة، أدلى عبدالعزيز جراد بأول تصريح للتلفزيون الجزائري الحكومي، أقر فيه بصعوبة مهمته، والتي حددها في "استرجاع ثقة الجزائريين في هذه المرحلة الصعبة".
وقال: "نحن أمام تحدٍ كبير من أجل استرجاع الثقة في مجتمعنا وتحديات اقتصادية واجتماعية يجب أن نعمل مع كل الكفاءات والمواطنين من أجل الخروج من هذه المرحلة الصعبة، ومتأكد من أن ما يحتويه برنامج الرئيس يُمكنني من العمل في إطار المصلحة الوطنية العليا".
وتنص المادة 93 من الدستور الجزائري على أن "يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول، وينسق الوزير الأول عمل الحكومة، وتعد الحكومة مخطط عملها وتعرضه في مجلس الوزراء".
ويتضح من خلال السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الجزائري أنه شخصية تكنوقراطية وليس لها أي انتماء سياسي، ولا ينتمي إلى الأغلبية البرلمانية التي تشترط المادة 91 من الدستور على الرئيس الجزائري استشارتها لتعيين الحكومة.
ويؤكد ذلك ما تداولته وسائل إعلام محلية مؤخراً، عن رفض عبدالمجيد تبون التعامل مع حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذين يمثلان الأغلبية البرلمانية مجتمعين.
وقدم خبراء قانونيون لـ"العين الإخبارية" تفسيراً قانونياً لعدم استشارة تبون الأحزاب التي كانت تدعم بوتفليقة إلى أنه يمكن "النظر إلى الأغلبية من حيث عدد مقاعد الحزب الواحد في البرلمان، ومن خلاله يظهر أنه لا يوجد أي حزب يملك الأغلبية البرلمانية، وهو ما يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين رئيس للحكومة من خارج الأحزاب المشكلة للبرلمان".
ويعد عبدالعزيز جراد من الشخصيات غير المعروفة لدى الرأي العام بالجزائر، رغم المناصب الرفيعة التي تولاها قبل مجيء عبدالعزيز بوتفليقة إلى الحكم، وظهوره في وسائل الإعلام الحكومية "محللاً سياسياً" في الفترة الأخيرة.
من هو عبدالعزيز جراد؟
ولد رئيس الوزراء الجزائري الجديد في 12 فبراير/شباط 1954 بمحافظة خنشلة الواقعة شرق البلاد، والتي شهدت خروج أول مظاهرة مطالبة برحيل الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في 19 فبراير/شباط الماضي.
حصل على شهادة ليسانس (بكالوريوس) في العلوم السياسية من جامعة الجزائر العاصمة عام 1976، ليقرر بعدها التنقل إلى فرنسا لاستكمال الدراسات العليا في جامعة باريس، والتي حصل منها على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عام 1981 حول العالم العربي.
كما حصل عام 1992 على رتبة "أستاذ جامعي" عام 1992، وبات منذ ذلك الوقت واحداً من أبرز الأكاديميين الجزائريين في جامعات البلاد، وهو المنصب الذي قربه من صناع القرار بالجزائر خلال سنوات العشرية السوداء التي شهدتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
وكان عبدالعزيز جراد منذ 1992 إلى 1994 مستشاراً دبلوماسياً للرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للدولة الراحل علي كافي، ثم عينه الرئيس الجزائري الأسبق اليامين زروال في منصب "أمين عام الرئاسة" بعد فوزه في أول انتخابات رئاسية تعددية في نوفمبر/تشرين الثاني 1995، ثم أميناً عاماً لوزارة الخارجية إلى 1999.
تولى رئيس الحكومة الجزائرية الجديد منصب مدير المدرسة العليا للإدارة لمدة 5 أعوام والتي تخرجت منها شخصيات جزائرية كثيرة تولت مناصب عليا في البلاد، ليتفرغ بعدها للتحليل السياسي في وسائل الإعلام الحكومية، خاصة بالإذاعة الجزائرية.
يعد "جراد" من بين الأكاديميين الجزائريين الذين نشروا عدة دراسات وكتب في العلوم السياسية باللغتين العربية والفرنسية، بينها "العالم العربي بين ثقل الخطاب وصدمة الواقع"، "الجيو سياسية مفاهيم معالم ورهانات"، بالإضافة إلى إلقائه محاضرات في 2019 عن "تجارب المراحل الانتقالية في العالم".
خلفية إقليمية
ويعد تعيين عبدالعزيز جراد أول رئيس للوزراء في عهد الرئيس الجديد المنتخب عبدالمجيد تبون "مفاجئا" للمتابعين، بالنظر إلى أنه من الشخصيات غير المعروفة لدى الرأي العام.
غير أن الواضح، بحسب مراقبين، أن تبون قرر بذلك التعيين "تغيير واجهة السلطة الجزائرية وعدم الاعتماد على شخصيات كانت لها علاقة بنظام بوتفليقة، وفي المقابل اعتماده على شخصية عملت في النظام الجزائري وتعرف أبجديات التعامل مع مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
فيما أشارت مصادر سياسية جزائرية لـ"العين الإخبارية" بأن عبدالعزيز جراد كان من بين "الشخصيات التي تم تهميشها وإبعادها في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، حيث أبعد غالبية الشخصيات التي كانت مقربة من الرئيس الأسبق اليامين زروال عن المناصب الكبيرة في الدولة"، في حين ذكرت مصادر إعلامية جزائرية أنه كان "من الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس ودعمه في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2004".
كما توحي السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الجزائري الجديد، بأن الرئيس الجزائري قرر الاعتماد على شخصية سياسية وأكاديمية "مطلعة على الأوضاع الإقليمية والداخلية ورهانات المرحلة المقبلة، وإمكانيات التعامل معها".
ويعد جراد من بين الأكاديميين الجزائريين الذين حاضروا كثيراً عن مخاطر التدخلات الخارجية في الأزمة الليبية ومنطقة الساحل، وأثر ذلك على دول الجوار الليبي التي اعتبرها في مداخلات سابقة أنها "الأكثر تضرراً والأكثر استهدافاً من التواجد الأجنبي في المنطقة".