"ليالي محفوظ في شبرد".. كتاب جديد عن "جلسات الحرافيش"
الكتاب صدر في جزءين، ويرصد ما دار في جلسات الأديب الأبرز عربيا نجيب محفوظ من 5 يناير/كانون الثاني 2003 إلى 23 يوليو/تموز 2006.
صدر حديثا عن دار بتانة كتاب "ليالي محفوظ في شبرد" للباحث إبراهيم عبدالعزيز. يتضمن الكتاب 122 ليلة من ليالي الصالون، ينقلها المؤلف بحيوية وبساطة كأنها حوار تسمعه وتراه وتعيشه بين "الأستاذ" و"الحرافيش".
الكتاب صدر في جزءين، ويرصد ما دار في جلسات الأديب الأبرز عربياً من 5 يناير/كانون الثاني 2003 إلى 23 يوليو/تموز 2006.
كان نجيب محفوظ على صلة وثيقة بالصالونات والمقاهي والحرافيش والناس منذ العام 1945، ولم تنقطع جلساته الأسبوعية في “مقهى الأوبرا” (مقر صالونه الأول صباح كل جمعة) حتى عام 1962، بسبب التدخلات والتقارير الأمنية. وتعددت صالونات محفوظ بعد ذلك في أمكنة مختلفة، من أبرزها: نادي القصة، مقهى سفنكس، مقهى ريش، مقهى لاباس، كازينو قصر النيل، مقهى ركس، مقهى عرابي، مقهى الفيشاوي، مقهى قشتمر، مقهى سي عبده، ومقهى علي بابا، وغيرها.
وبعد محاولة اغتياله في عام 1994، ولأسباب صحية وشُرطية أيضًا (تأمينية في هذه المرة)، عرف نجيب محفوظ طريقه إلى مقاهٍ ملحقة بالفنادق، منها: مينا هاوس بالهرم، شبرد بالتحرير، سوفيتيل بالمعادي، وهليوبوليس في مصر الجديدة.
وتعود بداية الجلسات المحفوظية في مقهى فندق شبرد إلى مطلع عام 2003، وفق تدوينات الكاتب إبراهيم عبدالعزيز، الذي أراد لمقدمة كتابه أن تكون أيضًا خزانة أسرار لأديب نوبل، انطلاقًا من اعترافاته وحكاياه التي تلصص عليها مؤلف “ليالي شبرد”، سواء في صالون الفندق، أو في لقاءات أخرى جمعته بمحفوظ.
ومما يسرده عبدالعزيز في مقدمته أن محفوظ “دفع نفقات مئتي حاج من ماله الخاص لغير القادرين من محدودي الدخل على أداء تلك الفريضة”، أما السبب فهو “التعويض عن تلك الفريضة التي لم تتيسر له سبل أدائها في الوقت المناسب لصحته وقدرته”.
يعتبر المؤلف أنه سر شخصي بسيط، لكنه يقدم إجابات عن تساؤلات كثيرة بشأن موقف مؤلف “أولاد حارتنا” من الأديان، ومن الإيمان، ويحكي أيضًا: “لا يفوت نجيب محفوظ والسيدة زوجته عطية الله، حرصا على قيمة التضحية، أن يذبحا بقرة وكبشين ليأخذ كل محتاج نصيبه”.
وإلى سر آخر، يتعلق هذه المرة بعلاقة محفوظ بالآخرين، إذ يروي عبدالعزيز أن محفوظ ظل حريصاً طوال حياته على ألا يسيء إلى أحد، حتى لو أساء إليه الآخرون، إلا إذا تعدّت الإساءة حدود الأدب، كما فعل ذات مرة مع الناقد صبري حافظ، حين تورط في مهاجمة محفوظ في مجلة “الأقلام” العراقية، ثم حينما حصل محفوظ على جائزة نوبل في العام 1988، اتصل به ليهنئه، فقال له محفوظ: “تشتمني ثم تهنئني؟!”، وأغلق السماعة في وجهه.
ويستعرض كتاب “ليالي شبرد” شهادة للكاتب عادل كامل، صديق محفوظ الذي توقف عن الكتابة مبكرًا بعد روايته “مليم الأكبر”، ويوضح عادل (أحد أعضاء شلة الحرافيش) أن الحرافيش منهم الأصليون المعروفون (نجيب محفوظ، ومحمد عفيفي، وعادل كامل، وصلاح جاهين، وتوفيق صالح، وأحمد مظهر صاحب تسمية الحرافيش، ومنهم الأسماء التي لا يعرفها الكثيرون: أحمد زكي مخلوف، وأمين الدهبي، ود.محمد إبراهيم السيد، وثابت الذهبي، وبهجت عثمان”.
يأخذ المؤلف القارئ ليعيش أجواء “ليالي شبرد” كفليم سينمائي، لبطلها الدائم العم نجيب محفوظ، ومن حوله الأصدقاء والزوّار والجمهور والأحداث والوقائع التي يحكيها أو يعلق عليها.
في ليلة 27/4/2003، سُئل محفوظ عن مدى استحقاق يوسف إدريس جائزة نوبل؟ فقال: “إبداعه لا يؤهله لها”، وعلق أحد الحاضرين: “لقد حصل على جائزة صدام حسين، واعتبرها جائزة نوبل”، وهنا قال محفوظ ما يحتمل أكثر من تأويل: “ما دام أخذها، تبقى أكبر من نوبل”.
ومن أجواء ليلة 8/6/2003، في صالون شبرد، ما أذاعه نجيب محفوظ عن محاولة المتطرفين تطليقه من زوجته السيدة عطية الله، ولم يذكر محفوظ السبب بوضوح، لكن جرى فهم كلامه في سياق أزمة روايته “أولاد حارتنا”، التي ظلت ممنوعة في مصر سنوات طويلة.
أما ليلة 28/9/2003، ففيها يقيّم محفوظ الرئيسين جمال عبدالناصر والسادات، مشيرًا إلى أن التاريخ لن يترك خيرًا فعلاه من أجل الشعب، ويقول: “في رواية (أمام العرش) أعطيت كل واحد حقه على قدر الإمكان، ما يستحقه وما يؤخذ عليه، وقد أدخلتهما الجنة لأنهما عملا أعمالًا عظيمة".
ولا يمانع محفوظ أن يكون رئيسًا للجمهورية إذا عُرض عليه ذلك، وفق ما قاله في ليلة 12/10/2003، إذ سأله سائل: “ماذا سيكون موقفك لو عرض عليك عبدالناصر رئاسة الجمهورية بعد الثورة، كما سبق أن عرضها على أحمد لطفي السيد؟، فقال محفوظ: لم يكن يوجد مانع لأكون رئيسًا للجمهورية آنذاك، الأديب المسرحي التشيكي فاسلاف هافل صار رئيسًا لبلاده”.
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز