ما بعد صنع الله.. ليبيا تتنفس نفطا وغازا
يبدو أن آبار النفط الليبية كانت تنتظر رحيل مصطفى صنع الله، لتهب الليبيين كشفا جديدا يعزز احتياطياتها من النفط والغاز.
بعد إنجازات قطاع النفط الليبي على صعيد الإنتاج، إضافة للنجاحات الإدارية، في فترة قصيرة من إدارة مؤسسة النفط الجديدة بعد إقالة رئيسها السابق مصطفى صنع الله، أضيف اليوم إنجاز آخر بكشف نفطي، جاء عقب تكليف مجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط الليبية.
وتمثل الإنجاز، الذي أعلن عنه اليوم رسميا في ليبيا، في اكتشاف مخزونات جديدة من النفط والغاز تعزز الاحتياطي العام للذهب الأسود في ليبيا، البلد الذي يعتمد بشكل كلي على إيرادات البترول في ميزانيته العامة.
وأعلنت عن الاكتشاف الجديد شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز، بواسطة جهاز مسح ثلاثي الأبعاد جديد، استخدم في مساحة إجمالية تقدر بـ(3560) كم2 في حوضي غدامس وسرت.
جهاز المسح السيزمي
ويسمى الجهاز "المسح السيزمي ثلاثي الأبعاد"، ويصدر موجات صوتية مرنة بين التكوينات الصخرية والطبقات الأرضية، ليسهل عملية تحديد مواقع الأجسام المدفونة المطلوب استكشافها مثل المكامن النفطية أو الغاز.
والاكتشاف الجديد، الذي أفصحت عنه شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز عبر رسالة وجهها رئيسها إلى مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية جاء فيها أن الشركة "تمكنت من تحقيق نتائج باهرة في مجال المسح السيزمي ثلاثي الأبعاد بحوضي غدامس وسرت رغم الظروف الأمنية واللوجستية لهذين الحوضين الواقعين في عمق الصحراء".
وفــي رسالة تحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، قالت الشركة إن "النتائج التي تحققت من خلال هذه المسوحات عكست جودة أعمال التقييم والمراقبة التي يتم إجراؤها بصورة يومية على البيانات السيزمية".
كما عكست أيضا "الدقة في إعداد مجال العمل لتنفيذ هذه المشاريع من قبل العناصر الوطنية المتميزة بإدارة الاستكشاف بالشركة والحرفية العالية التي تميزت بها الشركة العربية لخدمات الاستكشاف الجيوفيزيائي التي نفذت المشروع".
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة سرت في رسالته أن "إنجاز هذا العمل المتميز كان ثمرة الدعم الكبير من المؤسسة الوطنية للنفط، مثنيا على الجهود المبذولة من المختصين الوطنيين في الإشراف والمتابعة الميدانية للعمل والمهنية العالية للشركة المنفذة".
وأشاد بالدور الذي اضطلعت به الفرق الأمنية التابعة لجهاز حرس المنشآت النفطية بتوفير الحماية الأمنية اللازمة للعمال والمعدات ومخيمات الفرقتين العاملتين بهذه المشاريع".
كما نوّه مدير الشركة إلى أن "استكمال تنفيذ هذه المشاريع الهامة في هذا الوقت -وبنجاح منقطع النظير- سيشجع باقي شركات القطاع على تنفيذ مشاريع مماثلة بالامتيازات التابعة لها بهدف استكشاف مخزونات جديدة من النفط والغاز لتعزيز الاحتياطي في ليبيا".
وتعتبر ليبيا من الدول النفطية التي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، حيث تشير آخر الاحصائيات العام الماضي 2021 إلى أن هناك احتياطيا نفطيا يقدر بـ48.4 مليار برميل، الأمر الذي يجعلها صاحبة أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في أفريقيا، فيما تشغل الترتيب التاسع من حيث الأكثر امتلاكا للاحتياطيات عالميا بحصة 3%.
وتجاوز إنتاج النفط الليبي مليونا و200 ألف برميل يوميا، خلال الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، حسب ما أكدت المؤسسة الوطنية للنفط اليوم السبت في بيان مقتضب اطلعت عليه "العين الاخبارية".
مكاسب جديدة لقطاع النفط الليبي
وبذلك، يواصل قطاع النفط الليبي تحقيق مكاسب جديدة وانجازات كبيرة بعد الإطاحة بمصطفي صنع الله رئيس مؤسسة النفط السابق في 7 يوليو/تموز الماضي، على خلفية مطالبات أهالي المناطق النفطية الذين أقفلوا التصدير لثلاثة أشهر بإقالته وهو الذي أدار القطاع لثماني سنوات بالمخالفة للقانون الليبي.
وفور إقالته خرج مصطفى صنع الله في كلمة مصورة تحدث فيها بشكل هستيري رافضا إقالته ومتمسكا بالكرسي الذي تولاه في 20 مايو/أيار 2014، بعد أن كلفه وكيل وزارة النفط والغاز المكلف بمهام تسيير الوزارة عمر علي الشكماك آنذاك.
ورغم أن ذلك التكليف جاء بشكل غير شرعي لأن الشكماك ذاته مكلف بتسيير مهام الوزارة ولا يملك صلاحيات تغيير رئيس تلك المؤسسة بحسب القانون، إلا أن صنع الله بقي في الكرسي ثماني أعوام كاملة إلى أن أطيح به قبل أشهر.
وقرّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، في 12 يوليو/تموز 2022 إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، الرجل القوي الذي يقود قطاع النفط في البلاد منذ سنة 2015، عقب اتهامات له بحجب تقارير عن الحكومة.
ونجاحات قطاع النفط الليبي بعد الإطاحة بصنع الله لم تتوقف عند رفع إنتاج البلاد، بل تواصل ذلك لتنظيم البيت الداخلي وإنهاء مركزية التنمية وافتتاح فروع جديدة للمؤسسة للمرة الأولى في شرق البلاد وجنوبها.