هل ينهي الاقتصاد الجديد عصر سيطرة الرجل؟.. إجابات صعبة
منذ نحو عشر سنوات بدأ حديث المحللين والخبراء عن انتهاء عصر سيطرة الرجل على سوق العمل،
مع ظهور الاقتصاد الجديد الذي لم تعد أغلب وظائفه تحتاج إلى قوة عضلات الرجل، بقدر ما تحتاج إلى مستويات أعلى من التعليم. في الوقت نفسه فإن أحدث البيانات المتاحة تشير إلى سيطرة الفتيات على مقاعد الدراسة في الجامعات.
وخلال السنوات القليلة المقبلة ستكون هناك بنتان حاصلتان على درجة جامعية مقابل كل شاب يحصل على الدرجة.
وتقول أليسون شراجر الخبيرة الاقتصادية وأحد كبار زملاء معهد مانهاتن للدراسات إنه يمكن القول إنه "أخيرا ستحصل المرأة على حقها بعد عقود من التهميش في سوق العمل والحصول على أجر أقل من الرجل"، مضيفة أنه تجب الإشارة إلى أن الرجال ما زالوا يمثلون الأغلبية من المسجلين لدراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المدارس العليا والجامعات وهو يتيح لهم الحصول على وظائف ذات أجر أعلى.
الاقتصاد ليس معادلة صفرية
وتوضح شراجر في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن الاقتصاد ليس معادلة صفرية، وأن تخلف جزء كبير من الرجال عن تطورات سوق العمل لن يفيد أحدا. فالرجال ذوو الدخل المنخفض ومستوى التعليم الأقل، ليس من المحتمل بدرجة كبيرة أن يكونوا مستعدين للزواج. ولكي يصبح الأمر أسوأ، فاحتمال التحاق الأطفال الذين ينشأون في أسرة ذات عائل واحد بالجامعة يكون أقل.
وهذا التأثير لن يكون بنفس القدر بالنسبة للفتيات اللائي ينشئن في أسرة من عائل واحد.
وتقول أليسون شراجر هناك أسباب عديدة غير وضع الأسرة تفسر عدم إقبال الأولاد على استكمال تعليمهم الجامعي. فبعض الشباب الذكور لا يرون قيمة كبيرة في اقتراض مبالغ طائلة لتمويل تعليمهم الجامعي والحصول على شهادة لا ترتبط بشكل مباشر بالوظيفة. والحقيقة أن بعض المدارس لا تضيف الكثير للطلبة بالفعل.
ويقول ديريك تومسون من معهد ذا أتلانتيك الأمريكي إن الأولاد أكثر عرضة للمعاناة في المدرسة، لذلك من غير المستغرب أن نجدهم لا يرغبون في قضاء عدد سنوات أكثر في الدراسة. كما يشير تومسون إلى أن البحث يقول إن الأولاد أقل قدرة على الصبر وانتظار التقدير لما يبذلونه من جهد.
وهذه مشكلة كبيرة. فالاقتصاد يتطور، والتعليم ما بعد الثانوية أصبح شرطا أساسيا لحياة مستقرة في الطبقة المتوسطة. وهناك تفاوت كبير في الدخول بين الحاصلين على شهادات جامعية وغير الحاصلين عليها. والآن يمكن أن نرى تأثيرات ذلك على المدى الطويل. فالرجال الأقل تعليما لا يعملون فقط في الوظائف الأقل أجرا، وإنما قد لا يعملون على الإطلاق.
الذكور الحاصلون على شهادة المدارس العليا
ففي عام 1992 كان حوالي 72% من الذكور الحاصلين على شهادة المدارس العليا فقط والأقل من 25 عاما يعملون. ولكن نسبة الذين كانوا يعملون من هذه الفئة قبيل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في العام الماضي كانت 64% فقط. وازداد الأمر سوءا بالنسبة إلى هؤلاء خلال العام ونصف العام الأخير. فقد انخفضت نسبة من يعملون من هذه الشريحة خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 61% فقط.
وتعني التغيرات الحالية في التكنولوجيا والتجارة أن الاقتصاد يتطور بحيث يكون الجزء الأكبر من النمو في أنواع الوظائف التي تعمل فيها النساء بشكل عام، مثل الرعاية المنزلية والتعليم، والكثير من الوظائف ذات الأجر الأعلى والتي تحتاج إلى مؤهلات جامعية.
وتسيطر البنات على أغلب مقاعد الدراسة الجامعية في هذه المجالات، فالبنات أكثر من الأولاد في كليات الطلب. وكذلك يزيد عدد النساء الحاصلات على درجة الدكتوراه عن الرجال. ومع سيطرة النساء على المجالات الأسرع نموا، سيكون من المحتم أن يواجه الرجال غير الحاصلين على مؤهلات عليا خطر الانزلاق إلى الطبقات الأدنى بصورة دائمة.
الرجال مضطرون للتكيف
صدق أو لا تصدق، فهذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها الرجال أنفسهم مضطرين للتكيف مع تغيرات الاقتصاد وسوق العمل حتى لا تسيطر عليه النساء.
فبحسب جويل موكير المؤرخ الاقتصادي في جامعة نورث ويسترن الأمريكية فإنه عندما قامت الثورة الصناعية، كان أصحاب المصانع يفضلون النساء والأطفال على الرجال في العمل بالمصانع لأن النساء والأطفال كانوا أكثر استعدادا لطاعة الأوامر وأكثر مناسبة لنمط الاقتصاد التصنيعي.
ولكن الرجال تمكنوا من التكيف من هذا التطور وعادوا للسيطرة على سوق العمل من جديد، وهو ما استغرق نحو 100 عام منذ انطلاق الثورة الصناعية.
والآن يدور التطور الاقتصادي دورته ويظهر اقتصادا جديدا يتيح للمرأة فرصا أكبر من الرجل للعمل والحصول على أجر أعلى. وسيكون على الرجال بذل الجهد وتغيير القناعات مرة أخرى حتى يلحقوا بقطار الاقتصاد الجديد.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuNjEg
جزيرة ام اند امز