خبراء عن لقاء السيسي وحفتر: شراكة تتعمّق وتنسيق عالي المستوى
تواصل مصر جهودها لتعزيز الاستقرار في ليبيا ودعم مؤسساتها الوطنية في ظل تعقيدات إقليمية متسارعة تمس الأمن القومي للبلدين.
وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم الإثنين، المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، في لقاء رفيع المستوى شارك فيه من الجانب الليبي الفريق أول خالد خليفة رئيس الأركان العامة، والفريق أول صدام خليفة نائب القائد العام.
ومن الجانب المصري، حضر اللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة، اللقاء.
ملفات النقاش
المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، قال إن اللقاء استعرض عمق العلاقات المصرية–الليبية، حيث شدد السيسي على دعم مصر الكامل لسيادة ليبيا ووحدة أراضيها واستقرارها.
كما أكّد الرئيس المصري، أهمية إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وتعزيز دور المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها الجيش الوطني الليبي.
كما جدّد الرئيس السيسي دعم مصر للجهود والمبادرات الرامية لحل الأزمة الليبية، وفي مقدمتها الدفع نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.
في المقابل، أعرب حفتر من جانبه عن تقديره للدور المصري المحوري في دعم ليبيا منذ بداية الأزمة، مشيرًا إلى حرصه على مواصلة التنسيق مع القاهرة حيال مختلف التطورات.
وتناول اللقاء أيضًا تطورات الأوضاع في السودان، حيث شدد الجانبان على أن استقرار السودان يمثل جزءًا من الأمن القومي لمصر وليبيا.
كسر الجمود
وتعليقا على اللقاء، قال أستاذ العلاقات الدولية المصري، حامد فارس، إن مصر تسعى بوضوح إلى كسر الجمود في الملف الليبي وأخذ زمام المبادرة لدعم الحلول السياسية بين الليبيين.
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية" أن القاهرة لطالما كانت سبّاقة في دعم ليبيا، موضحًا أن مصر شاركت قبل نحو شهر في اجتماع ثلاثي مع تونس والجزائر، لتنسيق مواقف دول الجوار ودعم مناخ يُسهّل إجراء الانتخابات.
وأشار فارس إلى أن اللقاء اليوم يحمل طابعًا رفيع المستوى للغاية، بمشاركة الرئيس المصري ورئيس المخابرات من جانب، والقيادات العسكرية الليبية من جانب آخر، ما يعكس أن الملف الأمني على رأس أولويات النقاش.
ونبه فارس إلى أن الأمن القومي للبلدين مشترك، وهو ما يجعل تعزيز التنسيق الأمني والعسكري ضرورة وليس خيارًا، مؤكدا أن القاهرة تسعى لتهيئة الظروف نحو تسوية سياسية شاملة تُعيد ليبيا إلى الاستقرار خاصة أن لمصر تجارب ناجحة في دعم الحوار الليبي–الليبي.
بدوره، يرى الخبير السياسي المصري محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن اللقاء يؤكد عمق العلاقات والتنسيق الاستراتيجي بين البلدين، خاصة في ظل طبيعة الملفات المشتركة مثل السودان، مشيرا إلى أن ليبيا تُعد عمقًا استراتيجيًا لمصر، وأن القاهرة تعمل باستماتة لدعم استقرار مؤسسات الدولة الليبية وتعزيز قدراتها.
وأوضح الشريف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الجيش الليبي يمثل ركيزة الاستقرار، وأن العلاقة الخاصة بين السيسي وحفتر تسهم في تعزيز التنسيق حول أمن واستقرار البلدين.

تعميق التنسيق
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الليبي ناصر سعيد، قال إن اللقاء يؤكد مرة أخرى مستوى التنسيق الرفيع بين مصر وليبيا، خصوصًا في الملفات الأمنية والاستراتيجية.
وأكد أن الزيارة تأتي في توقيت حساس تتقاطع فيه التحديات الداخلية مع التطورات الإقليمية، وهو ما جعل النقاشات تتمحور حول دعم الاستقرار، وتعزيز الأمن الوطني، والتعامل مع مصادر التهديد وفي مقدمتها الوجود الأجنبي والمرتزقة.
وأوضح سعيد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الموقف المصري الثابت الداعم لوحدة ليبيا وسيادتها يعكس دورًا محوريًا في حماية المسار السياسي ودعم إجراء الانتخابات، كما أن المشير حفتر دائمًا ما يشيد بالدور المصري، وهو ما يعكس الثقة المتبادلة وعمق الشراكة.
ونبه سعيد إلى أن حضور الملف السوداني بقوة في النقاشات يعني أنه من المتوقع التوافق على دفع الجهود الدولية لإيجاد حل يضمن استقرار السودان، باعتباره جزءًا من منظومة الأمن القومي للبلدين.
وأكد سعيد أن الرسالة الواضحة للزيارة هي أن التنسيق الأمني والاستراتيجي بين مصر وليبيا يتعمّق، والشراكة تتجدد، والعمل المشترك نحو الاستقرار مستمر.
من جانبه، يرى الباحث والمحلل السياسي الليبي عمر بوسعيدة، أن هذه الزيارة الرفيعة تشير إلى قوة العلاقات بين البلدين.
وأشار بوسعيدة في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الزيارة تبعث برسالة واضحة عن حرص البلدين على مواجهة التحديات المتسارعة بشكل موحّد لتعزيز الأمن الإقليمي.
ملفات مشتركة
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، إن اللقاء يُقرأ في عدة اتجاهات، خاصة مع التطورات الإقليمية المتلاحقة التي تمس الأمن القومي للبلدين.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن العلاقة بين مصر وليبيا، "علاقة دول جارة وصديقة تجمعهما مصالح أمنية واستراتيجية متشابكة"، مؤكدا أن اللقاء يحمل مؤشرا على إمكانية تغيّرات في ملفات مشتركة مثل الهجرة غير الشرعية، التهريب، والجرائم العابرة للحدود.
ونبه الأوجلي إلى أن مصر لاعب رئيسي في دعم المبادرات الليبية والحوار الداخلي، وقد أسهمت في رعاية مسارات لإنجاح التفاهمات السياسية.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن الملف السوداني كان حاضرًا بقوة في النقاش نظرًا لخطورة الأوضاع هناك وضرورة التنسيق لمنع امتداد تداعياته إلى مصر أو ليبيا
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز