بعد الخارجية الألمانية.. كيف أمنت بيربوك مستقبلها في نيويورك؟

كانت تتجه إلى "أفول معتاد" في السياسة الألمانية، لكنها حولت لحظتها الصعبة إلى انطلاقة جديدة في عالم "نيويورك".
إنها وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي من المنتظر أن تصبح رئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تركها منصبها الحالي، لكن كيفية حصولها على هذا المنصب تتسبب في اضطرابات في برلين.
وقوبل هذا التطور بدهشة في برلين، وانتقادات واضحة في الأوساط الدبلوماسية، ونقاش واسع في وسائل الإعلام حول الأسلوب والتوقيت.
مناورة سريعة وسرية
بعد أسابيع قليلة فقط من خسارة حزبها الخضر في انتخابات البرلمان، يبدو أن بيربوك بدأت مناورة قصيرة المدى، إذ أقنعت الحكومة الألمانية بترشيحها للمنصب المرموق في نيويورك.
وكان مبررها موجزًا: ”تشكيلة سياسية ألمانية قوية“ في الجمعية العامة، تكون بمثابة ”لبنة مهمة لترشيح ألمانيا لمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي في 2027/2028“، كما كتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زملائها في حزب الخضر.
ووفقًا للمعلومات التي نشرتها مجلة دير "شبيغل" الألمانية، من المحتمل أن يكون هذا الأمر قد تم إعداده بسرعة وبدرجة عالية من الكتمان.
على سبيل المثال، من الواضح أن بيربوك تحدثت أولاً مع المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز ثم مع فريدريش ميرتس، خليفته المحتمل.
ويبدو أن كلاهما أعطى الضوء الأخضر بسرعة؛ شولتز بدافع حسن النية، وميرتس بحجة أن وجود ثقل سياسي يمكن أن يعزز موقف ألمانيا في الأمم المتحدة، وفق دير شبيغل.
ووفقًا لتحقيق "دير شبيغل"، من المحتمل أن وزارة الخارجية الألمانية لم تبلغ الوزارات الأخرى بالقرار إلا قبل وقت قصير من صدوره.
تغيير صادم
جاء القرار بمثابة مفاجأة للكثيرين في برلين. إذ جرى ترشيح الدبلوماسية رفيعة المستوى ذات الخبرة هيلغا شميد لهذا المنصب بالفعل في صيف 2024، ووافق مجلس الوزراء على الترشيح.
ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، أجرت شميد، التي تتمتع بعلاقات دولية ممتازة، محادثات بالفعل مع حوالي 100 دولة للتحضير لمنصبها الجديد، لكن بيربوك انتزعت الترشيح فجأة.
وقوبل هذا التغيير بانتقادات واضحة بين الخبراء الدبلوماسيين، إذ يقولون إن هيلغا شميد هي الخبيرة المتمرسة المطلوبة لمثل هذا الدور الدولي.
وكانت هناك أيضًا معارضة سياسية سريعة، إذ تحدث كريستوف هيوسغن، الذي كان حتى وقت قريب رئيسًا لمؤتمر ميونخ للأمن، عن ”غضبه“ من هذا التغيير،
وجاءت الانتقادات أيضاً من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم حاليا، إذ قال وزير الخارجية الأسبق زيغمار غابرييل لصحيفة ”تاغس شبيغل“، إن شميد ”دبلوماسية عظيمة، يمكن للسيدة بايربوك أن تتعلم منها الكثير.“
كما انتقد السياسي في الحزب الديمقراطي الحر "ليبرالي"، مايكل لينك، ”توقيت الإعلان“، و”أسلوب الصفقة لتعيين أنالينا بيربوك في المنصب الجديد“.
واستعدت ألمانيا منذ 2024، للفوز بهذا المنصب، لذلك فإن فوز بيربوك به يعد مسألة وقت فقط.
والواقع أن منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة هو منصب رمزي في المقام الأول. وتقتصر ولاية المنصب على سنة واحدة وليس له تأثير مباشر على قرارات أو مقررات مجلس الأمن؛ الجهة الأهم في المنظمة الأممية، ولكن من الناحية العملية، يظل الأمين العام للأمم المتحدة هو واجهة المنظمة.
ولكن هناك شيء واحد مؤكد: ستبقى بيربوك حاضرة على الساحة الدولية، على الرغم من التغيير في الحكومة الألمانية.
aXA6IDE4LjIxNi42Ny45NCA= جزيرة ام اند امز