«رهان المطابخ».. تعثر الحكومة لا يمنع بايرو من مطاردة «مقعد ماكرون»

لا يعني السقوط "المرجح" لرئيس وزراء فرنسا، وفق المعطيات الحالية، لحظة النهاية لمسيرة طويلة من الرهانات "الصائبة" والالتصاق بالوسط.
من المنتظر، وفق المعطيات الحالية، أن يسحب البرلمان الثقة من رئيس وزراء فرنسا، فرانسوا بايرو، الإثنين المقبل، لكن هذا لا يعني بالضرورة نهاية الطريق للسياسي الماكر الذي ترشح للرئاسة ثلاث مرات.
ورغم ذلك، يبقى السؤال: هل لا يزال الرجل البالغ من العمر 74 عامًا قادرا على الوصول إلى قصر الإليزيه في 2027؟
بايرو يعرف حظوظه
ويبدو أن بايرو مصر على السير في هذا الطريق، دون أن يحبطه أداؤه الضعيف الحالي في استطلاعات الرأي. فمن وجهة نظره، لن تبدأ الأمور في التبلور إلا في شتاء أواخر عام 2026، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
بايرة يعتقد أن ”المعيار هو أن يكون هناك أشخاص في مطابخهم، حول وجبات الطعام العائلية، في أقرب وقت في عيد الميلاد، أو في مارس/آذار (من ذلك العام)، يقولون: هذا الشخص قادر على القيام بذلك (الرئاسة)“.
في الوقت الحالي، يبدو من غير المرجح أن يكون بايرو هو ”هذا الشخص“، إذ من المتوقع أن يخسر بايرو تصويتًا على سحب الثقة الأسبوع المقبل بعد فشله في تمرير مجموعة من التخفيضات الشديدة في الميزانية التي يقول إنها ضرورية لمنع فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، من الانزلاق إلى أزمة ديون على غرار اليونان.
لكن منطق بايرو هو أنه سيتم تبرئته في النهاية باعتباره من حذر من مخاطر الإنفاق المفرط، وبالتالي سيتحول الأمر لنقطة قوة وليس ضعفا.
وإذا ثبتت صحة تحذيراته القاتمة، فإن كل أسرة تضطر إلى التوفير في هدايا أطفالها في عام 2026 أو في الأطعمة الأساسية للاحتفال مثل الشمبانيا والمحار في عيد الميلاد، سترى بايرو على أنه المعلم الذي ”حذركم من ذلك“.
ومع ذلك، لا يزال أمام الرجل طريق طويل لاستعادة شعبيته.
ووفق بوليتيكو، قد تكون المواجهة الرئاسية الكبرى في ربيع عام 2027 بعيدة، لكن رئيسي الوزراء الوسطيين السابقين، إدوار فيليب وغابرييل أتال، يبدوان حالياً في وضع أفضل في السباق.
السياسة في جبال البيرينيه
بايرو، عمدة مدينة بو، فخور بتراثه الإقليمي وأصوله الريفية ومعاناته الشخصية، إذ لقي والده، الذي كان مزارعاً، حتفه بعد أن سحقته عربة قش.
لكن ذلك يخفي حقيقة أن بايرو سياسي مخضرم، ومؤيد قوي للتعليم الكلاسيكي، نجح في البقاء في الساحة، لعقود بفضل موهبته في تقدير التقلبات السياسية في فرنسا.
وبايرو، وهو مدرس سابق، يستلهم من (وكتب كتابًا عن) هنري الرابع، الملك الشهير، واقعيته، إذ تحول الملك الراحل من المذهب البروتستانتي إلى الكاثوليكية لإنقاذ فرنسا من إراقة الدماء في حروب الدين.
ولم يخشَ بايرو من إعلان دعمه للمرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند وقطع علاقاته بالرئيس اليميني الوسطي نيكولا ساركوزي قبل انتخابات الرئاسة عام 2012، التي خسرها ساركوزي.
وساعدته مثل هذه الرهانات الناجحة على أن يصبح وجه الوسطية الفرنسية في الأشهر التي تلت ذلك.
وكان بايرو أيضًا من أوائل المؤيدين لوزير اقتصاد شاب مجهول تقريبًا يدعى إيمانويل ماكرون، الذي تخلى عن الحزب الاشتراكي في عام 2016 لينشئ حركته الوسطية الخاصة في محاولة بعيدة المنال للفوز بالرئاسة. حتى إنه اشتهر بتفاخره بأن ماكرون ما كان ليفوز بالرئاسة لولا دعمه.
وبعد أن فشل في الفوز بالرئاسة في 2002 و2007 و2012، لم يتبق لبايرو سوى فرصة واحدة؛ هي انتخابات 2027، إثر اعتبارات السن.