سياحة فرنسا 2025.. موسم متقلب ينعشه الزوار الأجانب ويكشف تحولات ما بعد الأولمبياد

رغم تراجع إنفاق الفرنسيين وتباطؤ الحركة في المدن الكبرى، فقد أعاد الزوار القادمون من أمريكا الشمالية وأستراليا والبرازيل الحيوية إلى الموسم السياحي.
وبعد عام واحد فقط من انتهاء الألعاب الأولمبية، كانت فرنسا تأمل في تحقيق أرقام قياسية جديدة لقطاع السياحة، كما حدث في برشلونة عام 1992 ولندن عام 2012. لكن "تأثير الأولمبياد" لم يكن بالزخم الموعود. ومع ذلك، لم يخرج الموسم خاسراً بفضل السياح الدوليين الذين سدّوا جزءاً كبيراً من الفجوة.
موسم متفاوت
الهوتيليرز، مؤجرو الشقق السياحية، مشغلو المخيمات والنوادي والفنادق السياحية عاشوا موسماً مقبولاً، بينما تراجعت أعمال الكثير من المطاعم ومحال التذكارات والأنشطة الترفيهية بشكل لافت. السبب: قدرة شرائية فرنسية منهكة، بحسب صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.
من جانبه، قال ديدييه أرينو، مدير مكتب "بروتوريسم": "الصيف كان مخيباً إجمالاً، لكن الزبائن الأجانب والطقس الجيد أنقذوا الموسم". فقد جاء بكثافة الزوار من أمريكا الشمالية وأستراليا والبرازيل، إضافة إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح الآسيويين، خاصة من الهند وإندونيسيا.
ارتفاع في أعداد الوافدين الدوليين
وأظهرت بيانات وزارة السياحة الفرنسية زيادة بنسبة 2.5% في أعداد الزوار الأجانب خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب مقارنة بصيف 2024.
وسجلت منطقة بروفانس-ألب-كوت دازور قفزة مزدوجة الأرقام مع السياح البرازيليين والكنديين والهنود وزوار الشرق الأوسط.
من جهتها، رحبت الوزيرة المنتدبة للسياحة ناتالي ديلات بالنتائج قائلة: "رغم الظروف العالمية، فرنسا تواصل جذب السياح الأجانب. وإذا استمرت الوتيرة، قد نتجاوز 80 مليار يورو من العائدات السياحية الدولية في 2025، علماً أن الهدف الرسمي هو 100 مليار يورو بحلول 2030.
الوجهات الساحلية تنتعش
وأشارت "لوفيجارو" إلي أن موجات الحر دفعت الزوار نحو السواحل والمناطق الجبلية مثل بريتاني ونورماندي، بينما عانت المدن الكبرى. مجموعة باريير الفندقية سجلت نمواً مزدوج الرقم في منتجعاتها الساحلية بفضل تدفق الأمريكيين، الخليجيين، والبريطانيين.
حتى منصة Airbnb أكدت أن 60% من حجوزاتها كانت من الفرنسيين، لكن الحجوزات الأجنبية ارتفعت بأكثر من 10%، مع هيمنة الألمان والأمريكيين.
الفنادق الباريسية الراقية مثل بنسولا في الدائرة 16، بأسعار تبدأ من 2000 يورو لليلة، لم تتوقع موسماً قوياً بعد أولمبياد 2024، لكنها حققت إشغالات مماثلة بفضل حجوزات اللحظة الأخيرة. اللافت أن السياح باتوا يخططون أقل ويمددون إقامتهم بشكل غير متوقع، وهو ما أنعش القطاع.
تراجع في العائدات المحلية
رغم الإشغالات الجيدة، أظهرت بيانات مكتب MKG تراجعاً بنسبة 9.1% في إيرادات الفنادق والقرى السياحية مقارنة بعام 2024، فيما انخفضت الأسعار بنحو 10.5% لتعويض ضعف الطلب.
بدوره، قال فانغيليس بانايُوتيس، رئيس المكتب: "باريس والكوت دازور فقط استفادتا حقاً من زخم الأولمبياد. لكن مقارنة بعام 2023، النشاط لا يزال في تحسن".
إجازات أقصر وإنفاق أقل
المعادلة الأبرز: الفرنسيون يسافرون ولكن بأقل تكلفة. كما أن تقارير من شركات سياحة مثل أوداليس تؤكد أن الإقامات القصيرة (أقل من أسبوع) ارتفعت بنسبة 28% في يوليو و64% في أغسطس/آب. منذ نهاية جائحة كورونا، ارتفعت أسعار السياحة بنحو 25% بينما لم تواكب الأجور ذلك. النتيجة: الأسر الفرنسية تقلص ميزانيات المطاعم والأنشطة الترفيهية، بل إن بعض المخيمات resort اضطرت لتقديم خصومات لملء الأماكن الشاغرة.
دروس صيف 2025
بعض المطاعم أخطأت مجدداً برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، فيما لجأ آخرون لاستراتيجيات ذكية بعروض محدودة الهامش لجذب الزبائن. ومع توقع خريف اقتصادي صعب، يعترف كثير من المهنيين بأن مرحلة "السياحة بأي ثمن بعد كوفيد" قد انتهت، وبات لزاماً إعادة النظر في سياسة الأسعار وجودة الخدمات.