«دجبة» البربرية.. مدينة التين «التاريخية» في تونس

تشتهر قرية دِجْبَّة التابعة لمحافظة باجة الواقعة بالشمال الغربي لتونس بإنتاج كميات كبيرة من التين، ويعد عماد الاقتصاد المحلي والمورد المالي الرئيسي لسكان القرية.
وتنتشر في قرية دجبة الجبليّة آلاف من أشجار التين في "حدائق معلقة" مدرجة ضمن نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية، من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة(الفاو).
في المنحدرات، توجد "الحدائق المعلقة" المثبّتة بمدرجات تشكّلت طبيعياً أو بناها المزارعون من الأحجار الجافة، وهي تفصل بين الحدائق وتعد "مثالاً على الزراعة الحرجية المبتكرة"، وفق تقرير سابق لمنظمة "الفاو" .
تُعرف مدينة دجبة بلقب "مدينة التين" نظرًا لأهمية زراعة التين في هذه القرية البربرية التونسية، ويشهد مهرجان التين الذي يُقام سنويًا على أهمية هذه الفاكهة للمنطقة وسكانها.
تشتهر دجبة بالتين عالي الجودة الذي يحمل علامة تسمية مُثبتة للأصل، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المميز وطبيعتها الخلابة. وهي منطقة غنية بالآثار التاريخية من الحقب النوميدية والرومانية والبيزنطية، كما تُعتبر وجهة للسياحة البيئية والجبلية وتضم منتزهاً طبيعياً مليئاً بالكهوف.
ويُصدّر تين دجبة إلى الأسواق العالمية نظرًا لجودته وفرادته، حيث تم تسجيله كتسمية تثبت أصلًا في المنظمة العالمية للملكية الفكرية لحماية المنتج وضمان قيمته المضافة ويُصدّر إلى دول مثل فرنسا وكندا.
ويعمل مزارعو دِجْبَّة على النهوض بمنتوجهم فانطلقوا في تجربة تحويله إلى منتجات أخرى مثل المربى والتين المجفف.
وقال محمد صالح الجبي وهو ناشط بالمجتمع المدني وصاحب ضيعة لإنتاج التين لـ"العين الإخبارية" إن قرية دجبة تملك حوالي 25 ألف شجرة تين وتنتج 17 صنفاً من هذه الغلال.
وأكد أن دجبة معروفة بإنتاج صنف التين "بوحولي"، وهو نوع فاخر من التين ذي جودة عالية ولون أسود ناصع ولب أحمر وطعم حلو عسلي كما تنتج عدة أنواع أخرى من التين؛ منها "الوحشي، وهي من أقدم الأنواع، ثم الزيدي والخرطومي والنمري وبوحرّاق والسلطاني والفواري والقوطي".
وأشار إلى أن قريته رائدة في زراعة هذا النوع من التين، حيث يتبع المزارعون طرقًا تقليدية للعناية به، مثل استخدام الأسمدة العضوية والتلقيح بالذكار لضمان إنتاجية وجودة الثمار.
وأوضح أن الحدائق المعلقة بدجبة هي نظام زراعي تقليدي فريد يقع في منطقة دجبة العليا في تونس، وهو مُصنّف ضمن "نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية" من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وأوضح أن هذه الحدائق تعتمد على الزراعة الحراجية على شكل مدرجات تم بناؤها من الأحجار أو تشكلت طبيعياً، وتتضمن زراعة التين بشكل رئيسي.
وقد صنفت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، في يونيو/حزيران 2020، الحدائق المعلقة بدجبة، ضمن قائمة "نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية" (SIPAM).
وقالت المنظمة الأممية، إن "حدائق دجبة تشكل نظاماً فريداً من نوعه في الزراعة الحراجية.. تمكن المزارعون من الاستفادة من هذه الأراضي الجبلية عن طريق دمج الزراعة على المدرجات، التي تشكلت من التكوينات الجيولوجية الطبيعية، أو التي قاموا ببنائها من الأحجار الجافة".
وأشارت إلى أن "زراعة شجرة التين تُعد الزراعة الرئيسية لهذا النظام متعدد الثقافات والمتنوع والقادر على الصمود، والذي تدعمه تربية الماشية على نطاق واسع".
وفي مارس/آذار 2021، أعلنت وزارة الفلاحة التونسية، أنها بالتعاون مع المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية (حكومي)، سجلت "تين دجبة"، في السجل الدولي لتسميات المنشأ، التي تديرها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (OMPI) بجنيف.