روسيا تشهر سلاح "التأميم" في وجه الغرب.. خطة "تورتشاك"
يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية تأخذ العالم إلى منطقة خطيرة، مع ظهور اقتراح روسي بتأميم مصانع مملوكة لأجانب أوقفت عملياتها في البلاد.
جعلت العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، وإغلاق المجال الجوي بسبب الحرب، والقيود المالية المفروضة على نظام "سويفت" وضوابط رأس المال، من الصعب، بل إن لم يكن من المستحيل، على العديد من الشركات توريد قطع الغيار وتسديد المدفوعات وتسليم البضائع من وإلى روسيا.
وذلك بجانب رد الفعل السلبي المحتمل من جانب المستهلكين الدوليين ضد أي شركة يُنظر إليها على أنها تساعد نظام فلاديمير بوتين يعني حاجة الشركات إلى الفرار الجماعي من روسيا.
اقتراح تورتشاك
واقترح أندريه تورتشاك أمين المجلس العام للحزب الحاكم في روسيا تأميم مصانع مملوكة لأجانب أوقفت عملياتها في البلاد بسبب ما يسميه الكرملين عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا.
وأعلن العديد من الشركات الأجنبية، ومنها فورد ونايكي، إغلاق متاجرها ومصانعها في روسيا مؤقتا من أجل الضغط على الكرملين لوقف غزوه لأوكرانيا وبسبب تعطل سلاسل التوريد الخاصة بها.
وفي بيان نُشر مساء الإثنين على موقع حزب روسيا الموحدة على الإنترنت، قال تورتشاك: إن إغلاق تلك الشركات لأعمالها هو "حرب" على مواطني روسيا.
وذكر البيان أن شركات الأغذية الفنلندية المملوكة للقطاع الخاص، فاتسر وفاليو وبوليج، كانت أحدث شركات تغلق عملياتها في روسيا.
وأضاف تورتشاك: "(حزب) روسيا الموحدة يقترح تأميم مصانع الشركات التي تعلن خروجها وإيقافها للإنتاج في روسيا خلال العملية الخاصة الجارية في أوكرانيا".
وأضاف "هذا إجراء عنيف للغاية لكننا لن نتسامح مع تعرضنا للطعن في الظهر وسنحمي شعبنا. هذه حرب حقيقية ليست ضد روسيا ككل بل ضد مواطنينا".
وقال تورتشاك "سنتخذ إجراءات انتقامية صارمة، بما يتماشى مع قوانين الحرب".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة بوليج لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني إن هذا لن يغير خطط شركته للانسحاب من روسيا. ولم ترغب شركتا فاتسر وفاليو في التعليق عندما اتصلت بهما رويترز.
وتمتلك فاتسر، التي تصنع الشوكولاتة والخبز والمعجنات، ثلاثة مخابز في سان بطرسبرج وواحدا في موسكو، يعمل بها نحو 2300 شخص.
وتمتلك فاليو مصنعا للجبن ويعمل به 400 شخص في روسيا، ولدى بوليج محمصة قهوة وتوظف 200 شخص في البلاد.
ووافقت فنلندا، وهي دولة ليست من أعضاء حلف شمال الأطلسي لكنها تملك حدودا مشتركة مع روسيا، الأسبوع الماضي على تعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة بينما تراقب بقلق غزو روسيا لأوكرانيا.
نزوح جماعي للشركات الأجنبية من روسيا
انضمت كل من "نتفلكس" و"تيك توك" و"سامسونج" ومشغلي بطاقات الائتمان إلى القائمة المطولة للشركات التي قطعت علاقاتها مع روسيا، أو تُراجع عملياتها في البلاد مع تصاعد المخاطر.
أكبر الشركات التي تركت أعمالها بروسيا
مجال النفط والغاز
تصدرت شركة "بي بي" (BP)، أكبر مستثمر أجنبي في روسيا، القائمة بإعلانها المفاجئ في يوم 27 فبراير/شباط أنها ستتخلى عن حصتها البالغة 20% في شركة النفط الروسية "روسنفت" التي تسيطر عليها الدولة، وهي خطوة قد تؤدي إلى شطب 25 مليار دولار، وخفض ثلث إنتاج الشركة من النفط والغاز عالمياً.
وشركة "شل" سارت على نفس النهج، وقالت إنها ستنهي شراكاتها مع "غازبروم" المملوكة للدولة، بما في ذلك منشأة الغاز الطبيعي المسال "سخالين -2"، وكذلك مشاركتها في مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي جمدته ألمانيا الأسبوع الماضي. وتبلغ قيمة كلا المشروعين حوالي 3 مليارات دولار.
وأضافت شركة "إكسون موبيل" أنها "لن تواصل" عملياتها في "سخالين-1".
وقالت شركة "إكوينور" (Equinor)، عملاقة الطاقة النرويجية المملوكة للدولة، إنها ستبدأ في الانسحاب من مشاريعها المشتركة في روسيا، والتي تبلغ قيمتها حوالي 1.2 مليار دولار. وبالتوازي مع ذلك، قال "صندوق الثروة السيادية النرويجي"، وهو الصندوق الأكبر في العالم، إنه سيجمد أصولاً روسية تبلغ قيمتها حوالي 2.8 مليار دولار وسيتوصل إلى خطة للخروج من روسيا بحلول 15 مارس.
قطاع التمويل
أعلنت شركتا "فيزا" و"ماستركارد" السبت الماضي أنهما ستعلقان عملياتهما في روسيا.
وفي بيانات منفصلة وصلت في غضون دقائق من بعضها البعض، قالت "فيزا" إن "الغزو الروسي على أوكرانيا غير المبرر، والأحداث التي شهدناها غير مقبولة "، بينما أشارت "ماستركارد" إلى "الطبيعة غير المسبوقة للصراع الحالي والبيئة الاقتصادية غير المؤكدة".
وتبعت شركة "أمريكان إكسبريس" نهج كل من "فيزا" و"ماستركارد" يوم الأحد.
وصرّحت كل من "برايس ووترهاوس كوبرز" و"كيه بي إم جي"، وهما اثنتان من كبار مدققي الحسابات الأربعة في العالم، يوم الأحد أنهما سيقطعان العلاقات مع الشركات الروسية.
قطاع السيارات
في غضون أسبوع، أعلنت معظم شركات صناعة السيارات الكبرى في العالم، بما في ذلك شركة "جنرال موتورز" و"فورد" و"فولكس فاجن" و"تويوتا" و"مرسيدس بنز" ، أنها ستوقف شحناتها إلى روسيا، أو ستغلق مصانعها العاملة في البلاد.
وأعلنت شركة بي إم دبليو الألمانية أنها أوقفت تصدير السيارات إلى روسيا وستوقف تجميع المركبات في كالينينغراد.
كما أوقف مصنعو الشاحنات من بينهم "فولفو" ومجموعة "دايملر" الأنشطة التجارية هناك.
"رينو" الخاسر الأكبر يلتزم الصمت
تثير اليوم ملكية "رينو" لحصة الأغلبية في شركة "أفتو فاز" (AvtoVaz) المُصنعة لسيارات "لادا" التي تعود للحقبة السوفياتية، واعتماد الشركة الفرنسية على روسيا في 12% من إيراداتها قلق المستثمرين.
وفقدت "رينو" أكثر من ثلث قيمتها السوقية في أسبوعين. وقال جابرييل أتال، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، يوم الخميس في إذاعة "فرانس انفو": "تعهدت رينو بالالتزام بالعقوبات".
قطاع السلع الاستهلاكية
أوقفت شركة "سامسونج"، الرائدة في بيع الهواتف الذكية في روسيا والتي تمتلك أكثر من 30% من السوق، صادراتها من جميع منتجاتها إلى روسيا. وقالت الشركة إنها ستتبرع بـ6 ملايين دولار للجهود الإنسانية في المنطقة، بما في ذلك مليون دولار في مجال المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية.
وأدانت شركة "مايكروسوفت" الجمعة العمليات الروسية في أوكرانيا وقالت إنها ستعلق المبيعات الجديدة لمنتجاتها وخدماتها في روسيا.
كما أوقفت "أبل" مبيعات أجهزة "آيفون" وبدأت في الحد من خدمات "أبل باي" (Apple Pay) وغيرها من المنتجات الشهيرة في روسيا، كما أزالت الشركة تطبيقات "أر تي نيوز" (RT News) و"سبوتنيك نيوز" (Sputnik News) من متاجر التطبيقات خارج البلاد.
وأوقفت شركة "إتش بي" (HP)، أكبر مورد لأجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى روسيا، الصادرات إلى البلاد مثلما فعلت شركة "إنتل كورب" (Intel Corp).
كانت شركة "نايكي" واحدة من العديد من شركات السلع الاستهلاكية التي أشارت إلى المشاكل اللوجستية كسبب لتعليق المبيعات في روسيا.
وأغلقت شركة "إنديتكس" (Inditex) الإسبانية لبيع الملابس بالتجزئة، والتي تمتلك 502 متجر في روسيا بما في ذلك 86 منفذاً لمتجر "زارا" (Zara) جميع متاجرها في روسيا بشكل مؤقت، كما أوقفت المبيعات عبر الإنترنت، قائلة إنها "لا يمكنها ضمان استمرار التشغيل وظروف التداول".
أعلنت شركات كوكا كولا، وبيبسي كولا، وستاربكس، الأربعاء، إيقاف نشاطها التجاري بالكامل في روسيا، بسبب العمليات العسكرية في أوكرانيا.
اتخذت شركات أخرى حتى الآن خطوات محدودة لوقف أعمالها في روسيا. وقال الأمين العام لشركة الألبان "دانون"، لوران ساكي، إن أكبر شركة لتصنيع الزبادي في العالم ستعلق الاستثمار في روسيا، لكنها ستواصل بيع منتجات الألبان وأغذية الأطفال.
قطاع الإعلام
أغلقت "نتفلكس" قنواتها في روسيا، وقالت إنه لن يتمكن أي من العملاء الجدد من التسجيل. ولم توضح الشركة مصير الحسابات الحالية.
لدى "نتفلكس" أقل من مليون عميل في روسيا وتعمل في البلاد من خلال مشروع مشترك مع "ناشيونال ميديا غروب" (National Media Group). وقالت شركة البث العملاقة في وقت سابق إنها لن تنقل القنوات الإخبارية الروسية المطلوبة على خدمتها باللغة الروسية في البلاد. كما أوقفت الشركة جميع المشاريع وعمليات الاستحواذ بشكل مؤقت في روسيا، بما في ذلك أربعة برامج قيد الإنتاج.
أوقفت- أو علّقت- استوديوهات هوليوود، بما في ذلك من "والت ديزني" وشركة "باراماونت بيكتشرز" و"سوني" و"وارنر ميديا" التابعة لـ"إيه تي أند تي" (AT&T) عرض أفلامها في روسيا.
وفي الوقت نفسه، تقوم منصات أخرى، بما في ذلك "تيك توك"، بتعليق أو إغلاق الخدمات قائلة: إنه بسبب قانون "الأخبار الكاذبة" الروسي الجديد الذي يهدف إلى إسكات المعارضة والحد من المعلومات حول أزمة أوكرانيا".
قالت الحكومة الروسية يوم الجمعة إنها ستمنع الوصول إلى موقع "فيسبوك" التابع لشركة "ميتا بلاتفورمز" كجزء من الحملة القمعية.
وبعد ساعات من الإعلان، صرحت "ميتا" بأنها ستوقف مؤقتاً جميع الإعلانات في البلاد، فضلاً عن توقفها عن بيع الإعلانات للشركات الروسية.
قطاع المحاماة والمحاسبة
ذكرت شركة "بيكر ماكينزي" (Baker McKenzie) الأسبوع الماضي أنها تراجع عملياتها في روسيا، وستقطع العلاقات مع العديد من العملاء الروس من أجل الامتثال للعقوبات.
ومن بين عملاء الشركة، التي يقع مقرها في شيكاغو، وزارة المالية الروسية والبنك الروسي "في تي بي بنك" (VTB Bank)، ثاني أكبر بنك في روسيا.
قالت "لينكلاتيرز" (Linklaters)، ومقرها لندن، إنها "تراجع جميع أعمال الشركة المتعلقة بروسيا". وصرح جوناثان هولت، رئيس شركة "كيه بي ام جي" (KPMG) في المملكة المتحدة، أن الشركة ستقطع العلاقات مع بعض العملاء الخاضعين للموجة الأخيرة من العقوبات ضد روسيا.