البرهان والإخوان.. علاقة تعرقل السلام واتفاق سري ومخرج وحيد
تواجه جهود إنهاء الحرب المستعرة في السودان عوائق عدة بينها، وفق محللين، علاقة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان المعقّدة مع الإخوان.
وتحذّر الأمم المتحدة ودبلوماسيون ومحللون من أن الحرب في السودان لن تنتهي حتى تتوقّف القوى الخارجية عن تأجيج القتال الذي بدأ في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ويرى محللون أن تحالف البرهان مع الإخوان، عنصر أساسي للاحتفاظ بثلثي البلاد تحت نفوذه، وفق ما نقلته "فرانس برس".
وتقول المحللة السودانية، خلود خير، لوكالة "فرانس برس": "الإسلاميون مستاؤون للغاية من احتمال وقف إطلاق النار. فهم يريدون استمرار الحرب قدر الإمكان".
وتوضح أن إطالة أمد الحرب يفيد الإسلاميين لأنها تجعل القوى المؤيدة للديمقراطية التي أطاحت بحكم عمر البشير عام 2019 "أقل قدرة على البقاء" في مشهد اكتسب طابعا عسكريا إلى حدّ كبير.
ورفض البرهان مقترح هدنة قدمته اللجنة الرباعية الدولية بشأن السودان، مؤكدا أن أي مقترح "يبقي على مليشيات (الدعم السريع)" بلا تفكيك لن يلقى قبولا من الجيش.
وكان البرهان وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حليفين، إلى أن بدأ الصراع على السلطة يظهر بينهما بشكل واضح.
وتفيد تقارير أن من أسباب الخلاف إصرار البرهان على ضمّ قوات الدعم السريع، إلى الجيش النظامي.
ويُشكل الإسلاميون في السودان، مظلة لأحزاب وقادة وشبكات محسوبية نشأت في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وخلال العقود الماضية، صعد نجم كل من البرهان وحميدتي داخل أروقة النظام الأمني المتشعب الذي أسسه البشير من الأجهزة الأمنية النظامية والجماعات المسلحة.
غير أن البرهان تحديدا ارتقى من خلال الدوائر التي يسيطر عليها الإسلاميون في العاصمة والتي لا تكن سوى الازدراء لحميدتي وجماعته التي برزت خلال سحق التمرّد في إقليم دارفور "غرب" خلال عهد البشير.
وبعد الإطاحة بالبشير عام ٢٠١٩، توارت عن الأنظار الشبكات الإسلامية التي أوت أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي في التسعينيات. لكن بعد اندلاع الحرب الحالية، خرج مقربون من البشير من السجون في ما وُصف بعملية فرار، وقام هؤلاء بحشد مجندين للجيش وبدأوا يستعيدون نفوذهم السياسي.
"اتفاق سري"
الأسبوع الماضي، نفى البرهان وجود أعضاء من جماعة الإخوان في الحكومة بشكل قاطع.
وقال في خطاب مصوّر "لا نعرف من هم، نسمع عنهم فقط في الوسائط الإعلامية".
لكن دبلوماسيا رفيعا قال لوكالة "فرانس برس"، إن البرهان أبرم في أغسطس/آب اتفاقا سريا مع المبعوث الأمريكي مسعد بولس للتنصّل "شيئا فشيء" من حلفائه الإسلاميين.
وقال الدبلوماسي المطلع على المفاوضات والذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن البرهان "في موقف صعب للغاية.. إذا تخلى عنهم فسيتخلون عنه وسيخسر بالتأكيد".
وبعد الاجتماع السري مع بولس في سويسرا، أقال البرهان بهدوء عددا من الضباط ذوي الصلة بالإسلاميين. لكن يبدو أن التزامه توقف عند هذا الحد، ما أثار استياء الوسطاء الذين يعتبرون جماعة الإخوان تهديدا للاستقرار.
في سبتمبر/آب الماضي، قالت دول اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة، إن "مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه جماعات متطرفة عنيفة تابعة للإخوان المسلمين أو مرتبطة بهم بشكل واضح".
في التاريخ نفسه، فرضت واشنطن عقوبات على وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، وكتيبة البراء بن مالك الإخوانية، في محاولة "للحد من التأثير الإسلاموي المتشدد في السودان والحدّ من أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار".
وبحسب تقارير تعود لعام ٢٠٢٤، زوّدت إيران الجيش السوداني بطائرات مسيرة لعبت دورا محوريا -إلى جانب كتيبة البراء من مالك - في العملية العسكرية التي انتهت بسيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم بعد عامين من تواجد الدعم السريع فيها.
لا خيار أمام البرهان
ويضع كل ذلك البرهان تحت ضغوط هائلة داخل معسكره وفي ساحة المعركة.
ويقول المستشار السابق للبيت الأبيض لشؤون السودان، كاميرون هدسون: "يكافح (البرهان) للحفاظ على الوحدة داخل نظام.. كان قد صُمم لمواجهة نفسه" حتى لا تؤدي أي صراعات داخلية لتهديد سلطة البشير.
وفي ساحة المعركة، يتم استنزاف قواته التي خسرت مؤخرا آخر معاقلها في دارفور وتنهكها محاولات منع قوات الدعم السريع من التقدم نحو الخرطوم عبر كردفان.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTE5IA== جزيرة ام اند امز