من بوكو حرام لـ«نصرة الإسلام».. خارطة الإرهاب في نيجيريا
                                        وجدت نيجيريا نفسها في قلب الجدل بعد تصريحات قوية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فتحت جرح الإرهاب الغائر، وأثارت قلقا متعلق بالسيادة.
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أمس الأحد، إن الجيش الأمريكي قد ينشر قوات في نيجيريا أو ينفذ ضربات جوية لوقف ما وصفه بمقتل أعداد كبيرة من المسيحيين في الدولة الأفريقية.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يفكر في نشر قوات برية أو تنفيذ ضربات جوية في نيجيريا، قال ترمب «قد يكون ذلك. أقصد ربما أشياء أخرى أيضا. أتصور الكثير من الأمور. إنهم يقتلون أعدادا قياسية من المسيحيين في نيجيريا... إنهم يقتلون المسيحيين بأعداد كبيرة جدا. لن نسمح بحدوث ذلك».
في المقابل، قال دانيال بوالا، مستشار الرئيس النيجيري بولا تينوبو، لـ"رويترز": «نرحب بالمساعدة الأمريكية طالما أنها تحترم سلامة أراضينا».
وحاول بوالا، التخفيف من حدة التوتر بين الدولتين، على الرغم من وصف ترمب لنيجيريا بأنها بلد يعتريه "الخزي". وقال: "نحن لا نأخذ ما يُقال حرفيا لأننا نعلم أن دونالد ترمب يُحسن الظن بنيجيريا".
وتابع: "أنا متأكد من أنه بحلول الوقت الذي يجتمع فيه الزعيمان ويجلسان فيه، ستكون هناك نتائج أفضل في عزمنا المشترك على مكافحة الإرهاب".
لكن هذا الجدل المتفجر يفتح الباب أمام جدل آخر حول أذراع التطرف والإرهاب في نيجيريا، وفي مقدمتها جماعة بوكو حرام الإرهابية، التي قتلت عشرات الآلاف من المسلمين والمسيحين على حد سواء.
منظمة "الأبواب المفتوحة" غير الحكومية نشرت تقريراً عام 2023 جاء فيه أن "89% من المسيحيين الذين قتلوا في العالم هم من بلد واحد: نيجيريا"، وهذا التقرير هو الأساس الذي يستند إليه السياسيون الأمريكيون في مساعيهم لفرض ضغط على نيجيريا.
وتعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير، أبرز المعلومات عن التنظيمات الإرهابية في البلد الأفريقي:
بوكو حرام
تعمل جماعة بوكو حرام في نيجيريا، من أجل الإطاحة بالحكومة وإقامة خلافة إسلامية عبر موجة من التفجيرات والاغتيالات وعمليات الخطف.
وتُحرم الجماعة على المسلمين المشاركة في أي نشاط سياسي أو اجتماعي مرتبط بالمجتمع الغربي، ويشمل ذلك التصويت في الانتخابات وارتداء القمصان والسراويل أو تلقي تعليم علماني.
وترى أن الدولة النيجيرية يُديرها "الكافرون"، بغض النظر عما إذا كان الرئيس مُسلما أم لا، وقد وسعت نطاق حملتها العسكرية لتشمل الدول المجاورة.
الاسم الرسمي للجماعة هو جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، لكن السكان في مدينة مايدوغوري الشمالية الشرقية، حيث مقر المجموعة، أطلقوا عليها اسم بوكو حرام، وهو اسم يعني بلغة الهوسا "التعليم الغربي ممنوع"،
شكل محمد يوسف، رجل الدين الإسلامي الذي تمتع بالجاذبية، جماعة بوكو حرام في منطقة مايدوغوري في عام 2002، حيث أقام مجمعا دينيا يضم مسجدا ومدرسة إسلاميين، كخط مناهض للتعليم الغربي الذي تتبناه الدولة.
بيد أن بوكو حرام لم تكن مهتمة فقط بالتعليم، فقد كان هدفها السياسي هو إقامة دولة إسلامية، وأصبحت المدرسة أرضية تجنيد للإرهابيين، وفق هيئة الإذاعة البريطانية.
وفي عام 2013 صنفت الولايات المتحدة هذه الجماعة كمنظمة إرهابية، وسط مخاوف من أنها طورت علاقات مع جماعات متشددة أخرى مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لشن جهاد عالمي.
وتعد علامة بوكو حرام المميزة هي استخدام المسلحين للدراجات النارية لقتل الشرطة والساسة وأي شخص ينتقدها، بما في ذلك رجال دين مسلمين ومبشرين مسيحيين.
لكنها بدأت في السنوات الماضية، تنفيذ هجمات أكثر جرأة في شمال ووسط نيجيريا، بما في ذلك تفجير الكنائس و الحافلات والحانات والثكنات العسكرية وحتى مقرات الشرطة ومقر الأمم المتحدة في العاصمة أبوجا.
وفي أبريل/نيسان عام 2014 واجهت بوكو حرام إدانة دولية بعد اختطافها أكثر من 200 تلميذة من مدينة شيبوك في ولاية بورنو، قائلة إنها ستعاملهن كإماء وغنائم حرب.
ورغم تعرضها لانقسامات داخلية وهزائم، واصلت الجماعة أعمال العنف التي أودت بحياة 40 ألف شخص وشردت ملايين آخرين، من نيجيريا إلى الكاميرون والنيجر وتشاد المجاورة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
"داعش"
تنظيم "داعش" في غرب أفريقيا، يعد بالأساس تنظيما منشقا عن بوكو حرام، ويواصل ضرباته في نيجريا رغم تراجع قوته في السنوات الأخيرة.
ووفق موقع منتدى الدفاع الأفريقي، تطورت تكتيكات داعش غرب أفريقيا، أثناء حملة سمَّاها "معسكر الهولوكوست"، ونفذها في الفترة الأخيرة.
ففي مطلع مايو/أيار، أغار عناصر التنظيم على متن دراجات نارية على أحد «المعسكرات الكبرى» التابعة للجيش النيجيري في بلدة بوني غاري، الواقعة شمال شرقي ولاية يوبي.
وبالتحديد في 11 مايو، اجتاح داعش غرب أفريقيا كتيبة قوة المهام 50 في نيو مارتي، الواقعة بولاية بورنو، وسرق المهاجمون ذخيرة وما لا يقل عن 45 مركبة، واختطفوا جنوداً، ودمروا أصولاً عسكرية رئيسية.
وشن في بورنو على مدار اليومين التاليين هجمات شبه متزامنة على قواعد نائية في ديكوا ونيو مارتي وران، فضلاً عن بنية تحتية حيوية من الطرق مثل الطريق الممتد بين دامبو ومايدوغوري.
ووفق تقارير، باتت هذه القواعد العسكرية مكشوفة جرَّاء نقص البنية التحتية والخدمات.
وفي وقت سابق، قال منشقون عن داعش غرب أفريقيا خرجوا من صفوفه منذ عهد قريب، وشاركوا في برنامج حكومي لنزع التطرف في نيجيريا، إن ما يمتاز به داعش غرب أفريقيا من تفوق تكتيكي جاء بفضل ما لا يقل عن ستة مدربين من الشرق الأوسط أرسلهم تنظيم داعش الرئيسي.
ويدَّعي داعش غرب أفريقيا أنه أقام ما يُسمى بالخلافة في أجزاء من شمال شرقي نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد، ويقدم نفسه في ثوب البديل الموثوق للحكومة النيجيرية، ويوفر الخدمات الأساسية في المناطق التي يسيطر عليها، ويجني 191 مليون دولار أمريكي سنوياً من الضرائب.
"نصرة الإسلام والمسلمين"
أما أحدث الوجوه المنضمة لنادي الإرهاب في نيجيريا، هو جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي أعلنت قبل أيام مسؤوليتها عن أول هجوم لها داخل الأراضي النيجيرية.
وأسفر الهجوم عن مقتل جندي واحد، في حين ذكرت الجماعة أنها استولت على أسلحة ومعدات وأموال.
يمثل هذا الهجوم غير المسبوق على الأراضي النيجيرية خطوة واضحة في مساعي "نصرة الإسلام والمسلمين" لتوسيع نطاق عملياتها، بعد أن كانت تركز نشاطها سابقا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وكان زعيم الجماعة، الجهادي المالي إياد أغ غالي، قد أعلن في يونيو/حزيران الماضي عن نية الجماعة إنشاء "كتيبة" في نيجيريا.