حروب السيجار بين كوبا ونيكاراغوا.. فن ترويض العقوبات
بات سيجار نيكاراغوا الذي يُستهلك في 90 من دول العالم يحظى بتقدير أفضل وبِحصّة أكبر من السوق.
إذ إن التربة البركانية التي يُزرع فيها تبغ هذا البلد الواقع في أمريكا الوسطى تمنحه طابعاً خاصاً، وفقاً للتجار والمستهلكين في النسخة الحادية عشرة من مهرجان "بورو سابور" (أي "نكهة نقية") المخصص له.
وقال الكولومبي أندريس دياز كوتي البالغ 57 عاماً لوكالة فرانس برس في ممرات المعرض المقام في إستيلي، على بعد نحو 150 كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة ماناغوا، إن سيجار نيكاراغوا ذا "جسم جيد جداً"، بمعنى عمق نكهاته واتساعها وتأثير مكوناته على المستقبلات الحسية في الفم والأنف. فهو، بحسب وصفه، "مستدير وناعم" من حيث حلاوة نكهاته، وبعضه غنيّ بما يوصف بنكهات التوابل. ولاحظ هاوي السيجار هذا أن "طريقة احتراق (أوراقه) مثالية".
وبرزت صناعة التبغ في نيكاراغوا في ستينيات القرن العشرين بفضل المهاجرين الكوبيين الذين فروا من بلدهم بعد ثورة 1959. وقد وجدوا حول إستيلي تربة بركانية غنية بالمعادن والمواد المغذية ومناخاً استوائياً مثالياً لنباتات التبغ.
تعمل حوالي 150 شركة في منطقة إستيلي في زراعة التبغ ومعالجته وصناعة السيجار وتعبئته"، على ما أفاد خوان إنياسيو مارتينيز، رئيس "هويا دي نيكاراغوا"، أقدم شركة تبغ في البلاد.
ويُستهلك سيجار نيكاراغوا اليوم في أكثر من 90 دولة في مختلف أنحاء العالم، ويُصدّر معظمه إلى الولايات المتحدة حيث لا يخضع للعقوبات المفروضة على نظام الرئيس دانيال أورتيغا.
أما السيجار الكوبي الذي يُعتبر الأفضل في العالم، فلا يستطيع ولوج سوق أمريكا الشمالية، وهي أكبر أسواق العالم للسيجار، بسبب الحظر الذي تفرضه واشنطن على الجزيرة الشيوعية منذ عام 1962.
في عام 2022، حققت كوبا إيرادات بقيمة 545 مليون دولار من أسواقها في أوروبا (54 في المئة) وآسيا (19 في المئة) وأمريكا اللاتينية (15 في المئة) وأفريقيا والشرق الأوسط (12 في المئة).
لكنّ رجل الأعمال الأمريكي روكي باتيل الذي ينتج السيجار في هندوراس وجمهورية الدومينيكان، ليس ممن يفضّلون السيجار الكوبي، إذ رأى أن "أفضل أنواع السيجار في العالم راهناً تأتي من نيكاراغوا. فالناس يحبون سيجار نيكاراغوا".
إرضاء الزبون
خلال جائحة كوفيد-19، كان مصنّعو التبغ في نيكاراغوا يخشون انخفاضاً في الأعمال التجارية، ولكن ما حصل هو العكس.
فمع القيود المفروضة على الحركة في كل أنحاء العالم، اعتاد الناس على التدخين في منازلهم بدلاً من حانات السيجار، مما عزز المبيعات.
ولاحظ رئيس غرفة التبغ في نيكاراغوا مانويل روبيو في حديث لوكالة فرانس برس أن "طلباً قوياً على التبغ سُجّل منذ عام 2019... ما عاد بفائدة كبيرة على هذا القطاع وعلى نيكاراغوا كدولة".
وأضاف: "حققنا العام الفائت نتائج جيدة، إذ تم تصدير نحو 180 مليون سيجار بقيمة نحو 400 مليون دولار". وتوقّع "أن يكون النمو هذه السنة ما بين 10 و15 في المئة".
وتوفّر صناعة السيجار 35 ألف وظيفة مباشرة في مقاطعة إستيلي وحدها، من أصل نحو 65 ألف فرصة عمل في هذا القطاع في مختلف أنحاء نيكاراغوا.
وبصبر وفخر واضح، شرح أريستو توريس (56 عاماً) الذي يعمل كـ"تورسيدور" يتولى لفّ السيجار، كيفية صنع الـ"بونشيرو"، وهو مزيج من الأوراق المستخدمة في صنع كل سيجار.
وشدّد على أن الأهم هو "إرضاء الزبون"، ولتحقيق ذلك "يجب المواظبة على التعلّم والتجريب كل يوم".