رئيس وزراء جديد للنيجر والعسكر يتحدون أمريكا
تتصاعد وتيرة الأحداث في النيجر بمساريها الميداني والسياسي، لتفرز في الساعات الأخيرة رئيسا جديدا للوزراء، وسط ترقب لقمة الإيكواس.
فبعد أن تجاهل المجلس العسكري في النيجر، المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإيكواس" لإنهاء الانقلاب وإعادة الرئيس المحتجز محمد بازوم إلى منصبه، تعقد المجموعة قمة لقادتها يوم الخميس المقبل، لبحث تطورات الموقف.
وكانت الإيكواس قد أمهلت قادة انقلاب النيجر حتى يوم الأحد الماضي، لإنهاء الانقلاب مهددة بتدخل عسكري، لكن السلطات الجديدة في النيجر ردت بإغلاق المجال الجوي للبلاد وتعهدت بالدفاع عن البلاد.
ولم تصدر المجموعة ردا حاسما لكنها قالت إنها ستعقد قمة يوم الخميس المقبل لبحث الموقف، وهو قرار قال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنه يتيح مجالا للوساطة.
وستعقد قمة الخميس في العاصمة النيجيرية أبوجا، برئاسة بولا تينوبو، الرئيس الحالي للمنظمة الإقليمية.
رئيس وزراء جديد
وعين قادة الانقلاب في النيجر مساء الإثنين علي لامين مين زين رئيسا الوزراء.
وبمجرّد وصوله إلى السلطة، كان الرئيس الأسبق مامادو تانجا قد عيّن علي الأمين زين وزيرا للمال عام 2002 لمعالجة وضع اقتصادي ومالي فوضوي.
شغل زين منصب وزير المال إلى أن أُطيح بتانجا في انقلاب عام 2010 نفّذه القائد العسكري سالو دجيبو، قبل تنظيم انتخابات رئاسيّة فاز بها محمدو إيسوفو، سلف محمد بازوم الذي أطيح من السلطة في 26 يوليو/تموز الماضي.
مقترحات أمريكية مرفوضة
وعلى صعيد متصل، قالت فيكتوريا نولاند القائمة بأعمال نائب وزير الخارجية الأمريكي يوم الاثنين إنها سافرت إلى نيامي عاصمة النيجر وأجرت محادثات "صريحة وصعبة" مع كبار مسؤولي المجلس العسكري.
وقالت نولاند في إفادة للصحفيين إنه خلال الاجتماع، لم يهتم مسؤولو المجلس العسكري بمقترحات الولايات المتحدة بشأن السعي لاستعادة النظام الديمقراطي وقوبل طلبها للقاء رئيس النيجر المطاح به محمد بازوم بالرفض.
وقالت "كانت هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها الخيّرة في حال وجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع للعودة إلى النظام الدستوري".
وأشارت إلى أن العرض الأمريكي لم يلق قبولا.
وذكرت أنها التقت الجنرال موسى سالو بارمو الذي عيّن رئيسا جديدا لهيئة الأركان، وقادة آخرين.
وكشفت أن المجموعة العسكرية لم تستجب لطلبها لقاء قائدها الجنرال عبد الرحمن تياني، كما لم تستجب لطلبها لقاء الرئيس المحتجز محمد بازوم، علما بأن مسؤولين أمريكيين تواصلوا هاتفيا مع الأخير.
وقالت نولاند إنها عرضت "عددا من الخيارات" لإنهاء الانقلاب.
وأكّدت أنها أوضحت العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية.
وتابعت "آمل أن يبقوا المجال مفتوحا أمام الدبلوماسية، لقد قدّمنا ذاك الاقتراح.. سوف نرى".
وقالت إن بارمو مطّلع جيّدا على التعاون مع الولايات المتحدة من خلال انخراطه في الماضي مع القوات الخاصة.
وأضافت أن الانقلابيين في النيجر "يدركون جيدا جدا المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى فاغنر إلى البلاد".
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدوليّة الإثنين إن الدبلوماسيّة هي "السبيل الأفضل" لحلّ الأزمة التي سبّبها الانقلاب في النيجر.
وأضاف بلينكن "من المؤكّد أنّ الدبلوماسّية هي السبيل الأفضل لحلّ هذا الوضع.. هذا هو نهج المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا، هذا هو نهجنا، ونحن ندعم جهود إيكواس لاستعادة النظام الدستوري".
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر قال في إفادة يومية إن "الفرصة لا تزال متاحة بالتأكيد.. نعتقد أن المجلس العسكري يجب أن يتنحى".
وأعلنت الأمم المتحدة أن ممثل أمينها العام لغرب أفريقيا ومنطقة الساحل ليوناردو سانتوس سيماو موجود "حاليا في أبوجا" لإجراء حوار مع "الأطراف الإقليمية المعنية".
وبالنظر لثروات النيجر من اليورانيوم والنفط ودورها المحوري في حرب دائرة مع التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، تحظى الدولة بأهمية اقتصادية واستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا.
هدوء في نيامي
وساد الهدوء شوارع نيامي الإثنين بحسب مراسلي وكالة فرانس برس، غداة احتشاد نحو 30 ألفا من مؤيدي الانقلاب في عرض قوة قبيل انتهاء مهلة الإيكواس، ملوحين بأعلام النيجر وروسيا وبوركينا فاسو.
ووصل أعضاء من "المجلس الوطني لحماية الوطن" إلى مكان التجمع في قافلة سيارات رباعية الدفع واستقبلهم الحشد بحرارة.
وفيما بقي الرئيس بازوم محتجزا منذ الانقلاب، أفرج العسكر عن وزيرة المناجم أوسيني حديزاتو الأحد، "لأسباب طبية"، بحسب ما أفاد مقرّبون منها.
وأكد مصدر مقرّب من حزب بازوم أن "كل الشخصيات الأخرى من وزراء ومسؤولين سياسيين، ما زالوا موقوفين".
وبعد الانقلاب، أعلنت دول عدة تعليق مساعداتها التنموية للنيجر التي تعد من أكثر بلدان العالم فقرا على رغم مواردها الطبيعية خصوصا اليورانيوم.
وأدى غلق المجال الجوي للنيجر، إلى حدوث بلبلة في الرحلات الجوية التي تسيرها الشركات الأوروبية إلى بعض الوجهات الإفريقية، فاضطرت طائرات تقوم برحلات من ليبرفيل ودوالا وكينشاسا وكوتونو إلى باريس للعودة إلى نقطة إقلاعها للتزود بكميات أكبر من الوقود تمكنها من الطيران لمسافة أطول من أجل الالتفاف على أجواء النيجر، وفق ما أوضحت شركة إير فرانس-كاي إل إم.