نيجيريا في 63 عاما.. محطات توتر تخمد نبض "الأفروبيتس"

لا يعتبر التوتر أمرا مستجدا في نيجيريا، فهذا البلد الأفريقي الرابض بمفترق طرق الإرهاب، اختبر محطات فارقة بتاريخه المعاصر.

وكما كان متوقعا، تعثر انطلاق الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، حيث كان من المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة (7.30) بتوقيت غرينتش، وهو ما لم يحدث حتى أكثر من ساعة ونصف الساعة على ذلك.

وأفادت وكالة رويترز، صباح اليوم، بتعثر بدء الاقتراع بعدة مناطق في أنحاء البلاد، ولم يفتح عدد من مراكز الاقتراع أبوابها وغاب مسؤولو الانتخابات.

ونيجيريا التي من المفترض أن تنتخب السبت رئيسها الجديد، تعد البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في أفريقيا وأكبر اقتصاد في القارة، وهي أيضا مهد موسيقى تلقى شعبية كبيرة في العالم وتعرف باسم "أفروبيتس"، والتي أخمد الإرهاب نوتاتها.

وزن ديمغرافي

يبلغ عدد سكان نيجيريا الواقعة في غرب أفريقيا على المحيط الأطلسي، والتي تضم أكبر عدد من السكان بين دول القارة، 216 مليون نسمة حسب أرقام الأمم المتحدة في 2022. 

وبحسب وكالة فرانس برس، يعيش واحد من كل اثنين من سكان نيجيريا تحت عتبة الفقر، حسب الحكومة.

ويتوقع أن يصبح هذا البلد في 2100 الثاني من حيث عدد السكان بعد الهند، كما تتوقع مجلة لانسيت، بينما ستصبح العاصمة الاقتصادية لاغوس في تلك السنة المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، حسب تقديرات أخرى.

وتضم نيجيريا 250 مجموعة إثنية ولغوية، منها ثلاث إثنيات كبرى هي الهوسا (شمال) ومعظم أفرادها من المسلمين، والإيغبو (جنوب شرق) المؤلفة من أكثرية مسيحية واليوروبا (جنوب غرب).

وأدى تطبيق الشريعة الإسلامية في 12 ولاية شمالية من أصل 36 ولاية في البلاد في العام 2000، إلى أعمال عنف بين المسيحيين والمسلمين.

اضطرابات 

شهدت نيجيريا التي حصلت على استقلالها عن بريطانيا في 1960، انقلابها الأول في يناير/ كانون الثاني 1966، قام به الجنرال أغويري إيرونسي، وهو من اتنية الايغبو. وقتل في يوليو/ تموز خلال انقلاب شمالي مضاد أوصل ياكوبو غوون إلى السلطة.

وفي 30 مايو/ أيار 1967، وبعد مجازر استهدفت الإيغبو المستقرين في الشمال انشقت بلاد الايغبو (جنوب شرق)، متسببة باندلاع حرب بيافرا التي أسفرت خلال ثلاث سنوات عن أكثر من مليون قتيل، قضى معظمهم ضحايا المجاعة والأمراض.

وحتى 1999، هيمنت الانقلابات العسكرية على الحياة السياسية.

وكان الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري الجنرال الانقلابي السابق، انتُخب في 2015 في أول تناوب ديمقراطية على السلطة. وقد اعيد انتخابه في 2019 ورشح لولاية ثالثة بموجب الدستور.

بوكو حرام والعصابات 

منذ 2009، أسفر تمرد قادته عناصر جماعة بوكو حرام في شمال شرقي البلاد عن سقوط أربعين ألف قتيل وأكثر من مليوني نازح. وكان الرئيس بخاري تعهد بمحاربتهم بعد تقاعس سلفه.

وفي 2014، أعرب العالم أجمع عن غضبه لخطف 276 تلميذة في شيبوك. وما زال مئة منهن مفقودات.

وأصبح تنظيم داعش في غرب إفريقيا الذي ولد من انشقاق بوكو حرام في 2016 الجماعة الإرهابية المهيمنة في شمال شرقي البلاد.

وفي السنوات الأخيرة، فتحت جبهة جديدة في الشمال الغربي والوسط حيث تنشط عصابات إجرامية تهاجم بلا رادع الرعاة والمزارعين في المناطق الريفية وتقوم كذلك بعمليات الخطف من أجل الحصول على فدية. 

وأجبرت حالات انعدام الأمن وعمليات الخطف الجماعي السلطات على إغلاق أكثر من 11 ألف مدرسة منذ نهاية 2020، مما ساهم في زيادة حادة في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس (18,5 مليون في 2022 ستون بالمئة منهم فتيات) حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة.

 منتج كبير للنفط 

في مواجهة سرقة النفط الخام على نطاق واسع، فقدت نيجيريا مؤقتًا مكانتها كأكبر منتج للنفط في أفريقيا لصالح أنغولا في الربع الثالث من 2022 قبل أن تعود إلى القمة وفقًا لأحدث أرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وتنص ميزانيتها لعام 2023 على استئناف إنتاجها عند 1,69 مليون برميل من النفط الخام يوميا وهو مستوى أقل من حصتها البالغة 1,8 مليون برميل التي حددتها المنظمة. 

ودفعت جائحة كوفيد-19 اقتصاد البلاد إلى الركود في منتصف 2020 للمرة الأولى منذ أربع سنوات. 

وتعاني نيجيريا الآن من تداعيات الحرب في أوكرانيا إذ تجاوزت نسبة التضخم 20 بالمئة. 

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي 3,2 بالمئة في 2023 بعد 3 بالمئة في 2022. 

وتعاني نيجيريا من الفساد واحتلت المرتبة 154 من أصل 180 في هذا المجال على لائحة منظمة الشفافية الدولية (2021).

نوليوود وبوب أفريقي

تعد نيجيريا مهد موسيقي تلقى شعبية كبيرة في العالم وتعرف باسم "أفروبيتس" يجذب نجومها مثل بورنا بوي وويزكيد جماهير تملأ أكبر قاعات الحفلات الموسيقية في العالم. 

وتضم البلاد عددا من كبار الأدباء مثل وول سوينكا أول أفريقي يحصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1986 وتشينوا أتشيبي مؤلفة رواية "العالم ينهار" التي توفيت في 2013 أو الأيقونة العالمية للدفاع عن المرأة شيماندا نغوزي أديتشي. 

وصناعة السينما "نوليوود" هي الثانية من حيث الكمية في العالم بعد بوليوود مع إنتاج أكثر من ألفي فيلم سنويًا تغرق السوق الأفريقية بالكوميديا الرومانسية.

وبلغت عائداتها 660 مليون دولار في 2021 وتشكل 2,3 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.