ذخائر بيونغ يانغ.. العمود الفقري لمدفعية موسكو في أوكرانيا

في أحدث مؤشر على تعمّق التحالف العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ، تعهّد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بتوسيع الدعم لروسيا "كلما اقتضت الحاجة"، معتبرًا ذلك "واجبًا أخويًا".
في المقابل، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العلاقة بين البلدين بأنها "خاصة، قائمة على الثقة والصداقة"، بل إن بوتين ذهب، بحسب مجلة مليتري ووتش، إلى أبعد من المجاملات الدبلوماسية، موجّها شكرا مباشرا لكيم على مساهمة جيشه في التصدي للهجوم الأوكراني والغربي على منطقة كورسك، ومشيدا بـ"شجاعة الجنود الكوريين الشماليين وتضحياتهم".
هذا الخطاب يعكس بوضوح المكانة التي باتت تحتلها كوريا الشمالية في الاستراتيجية الروسية. فبعد سنوات من كونها حليفا رمزيا لموسكو، تحوّلت بيونغ يانغ إلى مصدر عسكري وصناعي لا غنى عنه في الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا وحلفائها الغربيين.
ذخائر كورية شمالية… العمود الفقري للمدفعية الروسية
وأشارت المجلة إلى أن استمرار الحرب واستنزاف مخزونات الجيش الروسي، دفع موسكو للاعتماد بشكل متزايد على الذخائر القادمة من كوريا الشمالية. وتشير التقديرات الأوكرانية إلى أن نحو نصف قذائف المدفعية التي أطلقتها القوات الروسية حتى منتصف 2025 كان مصدرها بيونغ يانغ. بل إن بعض الوحدات الميدانية الروسية تكاد تعتمد كليًا على هذه الإمدادات.
وتعزز هذا الارتباط بإرسال وحدات مدفعية كورية شمالية إلى الجبهات أواخر 2024، بما في ذلك المدافع ذاتية الحركة عيار 170 ملم. وقد وصف مدير الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، الفريق كيريلو بودانوف، هذه المدافع بأنها "تحدي خطير" بفضل مداها الطويل ودقتها العالية، مشيرا إلى أن روسيا ولا الغرب يمتلكان أنظمة مماثلة.
صادرات متطورة تتجاوز المدفعية
لم يقتصر الدعم الكوري على الذخائر التقليدية، بل شمل تقنيات متقدمة عززت من قدرات موسكو القتالية. فقد زوّدت بيونغ يانغ الجيش الروسي بصواريخ مضادة للدبابات تعتمد تقنية "أطلق وانسَ"، وهي تقنية غير متاحة في النسخ الروسية، فضلًا عن صواريخ باليستية تكتيكية ذات مدى وحمولة أكبر مما تنتجه الصناعة الروسية.
وعلى الصعيد الصناعي، ساهمت كوريا الشمالية بشكل مباشر في تعزيز قدرات المجمع العسكري الروسي. ففي يونيو/حزيران الماضي، أُرسلت قوة بشرية تضم 25 ألف عامل إلى مصنع "ألابوغا"، المخصص لتوسيع إنتاج الطائرات المسيّرة "غيران-2"، وذلك في خطوة تعكس استعداد بيونغ يانغ لتسخير مواردها البشرية في خدمة المجهود الحربي الروسي.
مهندسون وجنود في إعادة الإعمار
لم يقتصر التعاون على الإمدادات القتالية، بل شمل أيضًا الدعم الفني والهندسي. فقد أعلن سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو في يونيو/حزيران 2025 أن كوريا الشمالية سترسل ألف خبير في إزالة الألغام و5 آلاف مهندس عسكري للمشاركة في عمليات الإعمار وإزالة الألغام في منطقة كورسك، في إشارة إضافية إلى توسع طبيعة التعاون بين الطرفين.
هذه المؤشرات كلها توحي بأن هذا الدعم مرشح لمزيد من التصاعد. وقد تحدثت تقارير منتصف أغسطس/آب عن احتمال إرسال دبابات القتال الرئيسية الكورية من طراز "تشونما-2" للمشاركة المباشرة في العمليات.
وفي حال تحقق ذلك، فإن بيونغ يانغ ستنتقل من دور المورّد والداعم الفني إلى شريك مقاتل فعلي على الأرض.
وخلص التقرير إلى أن الدعم الكوري الشمالي لموسكو لم يعد مجرد ورقة سياسية تستخدمها روسيا في مواجهة الغرب، بل تحوّل إلى ركيزة حقيقية في مجهودها العسكري والصناعي. وبينما يواصل الغرب دعم أوكرانيا بالأسلحة والتمويل، وجدت روسيا في كوريا الشمالية شريان إمداد ثابت ومتنوع يعزز قدرتها على الصمود وإطالة أمد الحرب.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjgg
جزيرة ام اند امز