المقاتلة «سو-34».. رأس حربة المعارك الروسية

منذ دخولها الخدمة عام 2014، أصبحت المقاتلة "سو-34" أكثر الطائرات القتالية تكاملاً وأوسعها انتشارًا في الأسطول الروسي.
وعقب تفكك الاتحاد السوفياتي، تخلّت روسيا عن معظم طائرات الهجوم الأرضي المتخصصة التي شكّلت سابقًا أساس قوتها الضاربة، مثل "الميغ-27" و"سو-17"، كما قلصت أسطول مقاتلات "سو-24" الثقيلة وجاءت "سو-34" لتكون البديل الشامل عن هذه الطائرات.
ووفقا لمجلة "ميليتري ووتش" فإن "سو-34" جرى تصميمها على أساس "سو-27 فلانكر"، لكن مع تركيز رئيسي على مهام القصف والهجوم الأرضي بدل التفوق الجوي.
ومع ذلك، ورثت "سو-34" جزءًا كبيرًا من قدرات القتال الجوي من "فلانكر"، بل وتفوقت عليها في بعض الجوانب، لتصبح مقاتلة متعددة المهام تجمع بين القدرة الهجومية العميقة والدفاع الذاتي الفعال.
ومنذ البداية كانت "سو-34" خليفة محتملة لمقاتلة الدعم القريب "سو-25" وحتى القاذفة الاستراتيجية متوسطة المدى "تو-22 إم 3".
واليوم، يُقدر أن روسيا تمتلك أكثر من 200 طائرة "سو-34"، مع وتيرة إنتاج تبلغ نحو 30 طائرة سنويًا منذ 2022، وهو رقم يتجاوز بكثير إنتاج المقاتلة الشبحية "سو-57" التي لم يتعدّ أسطولها 40 طائرة.
وبفضل هذه الكثافة العددية أصبحت "سو-34" حجر الزاوية في العمليات الجوية الروسية، خاصًة في أوكرانيا حيث استخدمت بكثافة في ضرب الأهداف الاستراتيجية وتقديم الإسناد القريب.
وتتميز "سو-34" بكونها أثقل بحوالي 50% من "سو-27" مما يمنحها مساحة أكبر للوقود والأسلحة، كما أنها مدعومة بمحركات "ايه إل-31 إف إم 2" الأكثر كفاءة، ومصممة باستخدام نسب أكبر من المواد المركبة، مما يجعلها صاحبة أطول مدى تشغيلي بين جميع المقاتلات المعاصرة عالميًا.
ومن بين أبرز مميزات "سو -34" هو قدرتها على حمل ترسانة ضخمة ومتنوعة إذ تستطيع نقل صواريخ باليستية مثل "كيه إتش-47 إم 2 كينغال" وقنابل انزلاقية ثقيلة من نوع "فاب-3000" إضافة إلى صواريخ كروز بعيدة المدى "كيه إتش-65 إس إيي" و"كيه إتش -إس دي" بمدى 600 كلم.
وفي أوكرانيا، لجأت القوات الروسية بكثافة لاستخدام القنابل الانزلاقية الموجهة عبر "سو-"34 لتوفير دعم مباشر للقوات البرية بكلفة أقل من الصواريخ الباهظة.
وفي عام 2020، طلبت وزارة الدفاع الروسية نسخة مطورة هي "سو-34 إم" والتي يُقال إنها ضاعفت القدرات القتالية للمقاتلة حيث لا يقتصر الأمر على تحسين القدرات الهجومية، بل امتد إلى تعزيز إمكانيات القتال الجوي والاستطلاع عبر منظومات استشعار وحاضنات استطلاع متعددة المهام.
وبذلك يمكن لـ"سو-34" أن تحل تدريجيًا محل أكثر من 130 طائرة استطلاع من طراز "سو-24 إم آر" بل يمكن أن تُغني أيضا عن فئات أخرى من الطائرات المتخصصة.
وتُخطط روسيا للإبقاء على إنتاج "سو-34" حتى أواخر ثلاثينيات القرن الحالي جنبًا إلى جنب مع "سو-57" على أن يتم إدماج تقنيات مشتركة بين الطائرتين لتعزيز قدراتها.
وبالمقارنة مع مقاتلات حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي اتجهت نحو تصميمات متعددة الأدوار متوازنة مثل "إف-35"، تتميز روسيا بكونها الدولة الوحيدة التي لا تزال تستثمر في تطوير مقاتلات هجومية متخصصة، وهو ما يجعل "سو-34" استثناءً عالميًا في فلسفة بناء القوات الجوية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز