تكريم إنجازات طواها النسيان.. نوبل 2020
تفاجئنا جوائز نوبل دوما باختيارات خارج قائمة الترشيحات، لكنها لم تخرج عن الخط الأساسي، وهو تكريم "العلوم الأساسية" التي صنعت العلم.
وعادة ما تكون الفترة ما بين الأبحاث التي تصنع العلم وتطبيقاته في حدود 10 سنوات أو أقل من ذلك، لكن في عام 2020 قررت لجنة نوبل أن تتذكر في جوائزها علماء كانوا أصحاب أبحاث ظهر بعضها في الستينيات والسبعينيات، وحصد العالم ثمارها مؤخرا.
اكتشاف فيروس سي
وذهبت جائزة نوبل في الطب للعلماء "هارفي جيه ألتر" و"مايكل هوتون" و"تشارلز إم رايس"، وهم أصحاب اكتشافات أساسية أدت إلى التعرف على فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي)، وكان من مبررات منحهم الجائزة أنه لولا اكتشافهم لظل الفيروس قاتلا صامتا يحصد أرواح الملايين.
وكان الفائز الأول هارفي جيه ألتر، والذي يعمل في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة يدرس حدوث التهاب الكبد في مرضى تم نقل الدم إليهم، ووجد أن الالتهاب ليس له علاقة بفيروس (ب) أو (أ)، والذي كان العالم تعرف عليهما.
وقادت الأبحاث التي أجراها إلى تحديد شكل جديد ومتميز من التهاب الكبد الفيروسي المزمن، الذي تمت تسميته لاحقا بالفيروس "سي".
وبعد ذلك، أصبح هناك تحدّ يتعلق بعزل هذا الفيروس، واستعصى ذلك على العلماء عقدا من الزمان، حتى جاء (مايكل هوتون)، الفائز الثاني بالجائزة، الذي قام بالعمل الشاق اللازم لعزل التسلسل الجيني للفيروس.
ورغم أهمية الاكتشاف، كان هناك جزء أساسي من اللغز مفقودا، وهو مدى مسؤولية الفيروس عن التسبب في التهاب الكبد، وهنا جاء دور الفائز الثالث (تشارلز إم رايس)، الباحث في جامعة واشنطن في سانت لويس، حيث قدم أدلة في أبحاثه على أن فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي) وحده يمكن أن يتسبب في حالات التهاب الكبد غير المبررة بواسطة نقل الدم.
تحرير الجينوم
ومن اكتشاف فيروس "سي" إلى إنجاز علمي آخر كرمته جائزة نوبل في الكيمياء، والتي ذهبت إلى مبتكري تقنية تحرير الجينوم، المعروفة باسم (كريسبر/ كاس 9)، وهما العالمتان الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأمريكية جينيفر دودنا.
وتتيح هذه الأداة للباحثين تغيير الحمض النووي للحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة بدقة عالية للغاية، وكان لها تأثير ثوري على علوم الحياة، وتسهم في علاجات جديدة للسرطان وقد تجعل حلم علاج الأمراض الوراثية يتحقق.
وكان اكتشاف هذه المقصات الجينية غير متوقع، فخلال دراسات إيمانويل شاربينتييه حول بكتريا تسمى (عقدية مقيحة Streptococcus pyogenes)، وهي واحدة من البكتيريا التي تسبب أكبر ضرر للإنسانية، اكتشفت جزيئا غير معروف سابقا وهو (tracrRNA)، وأعلنت عن اكتشافها في عام 2011.
وبدأت تعاونا في نفس العام مع جينيفر دودنا، عالمة الكيمياء الحيوية ذات الخبرة والمعرفة الواسعة بالحمض النووي الريبي، ونجحتا معًا في إعادة إنشاء المقص الجيني للبكتيريا في أنبوب اختبار وتبسيط المكونات الجزيئية للمقص حتى يسهل استخدامه, وقامت الاثنتان في تجربة بإعادة برمجة المقص الجيني، حيث أثبتتا أنه يمكن قطع أي جزيء من الحمض النووي.
وانفجر استخدام هذه الأداة منذ أن اكتشفتها الاثنتان عام 2012، وتمكن باحثو النبات بعد استخدامها في تطوير محاصيل تتحمل العفن والآفات والجفاف، وأجريت في الطب تجارب سريرية على علاجات جديدة للسرطان.
قصة الثقب الأسود
ومن الطب والكيمياء إلى نوبل في الفيزياء، والتي منحت لباحثين اكتشفوا أن هناك شيئا اسمه ثقب أسود، وأن بالإمكان مراقبته وتحديد موقعه.
وتوصل الفائز الأول (روجر بنروز)، وهو عالم بريطاني من جامعة أكسفورد، إلى أن النظرية العامة للنسبية تؤدي إلى تكوين الثقوب السوداء، بينما اكتشف الفائزان الآخران، وهما العالم الألماني من معهد ماكس بلانك (راينهارد جينزل) والعالمة الأمريكية من جامعة كاليفورنيا (أندريا غيز)، أن جسما ثقيلا وغير مرئي يتحكم في مدارات النجوم في مركز مجرتنا، والثقب الأسود الهائل هو التفسير الوحيد المعروف حاليا.
وقادت الأساليب الرياضية التي استخدمها روجر إلى إثبات أن الثقوب السوداء هي نتيجة مباشرة لنظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، وأضاف الباحثان الآخران "راينهارد جينزيل" و"أندريا غيز" دليلا آخر على وجودها، في منطقة تسمى (القوس A *) في مركز مجرة درب التبانة.
aXA6IDMuMTQ1LjM5LjE3NiA= جزيرة ام اند امز