جائزة نوبل في الطب 2019.. قبلة حياة لمريض سرطان
حالة تيرني توضح أن البحث العلمي يشق طريقه من المختبر إلى العالم الحقيقي في رحلة يمكن أن تنقذ مئات الآلاف من الأرواح.
كانت صدمة قاسية للمريض شون تيرني عندما أخبره الأطباء عام 2007 بأنه مصاب بسرطان الكلى في مرحلة متأخرة، لكن الآن وبعد مضي 12 عاما، لا يزال الرجل البالغ من العمر 64 عامًا يعيش حياة نشطة بفضل البحث الذي حصل على جائزة نوبل في الطب هذا العام.
وحصل الأمريكيان ويليام كيلين وجريج سيمينزا والبريطاني بيتر راتكليف، على جائزة نوبل الشهر الماضي عن أبحاثهم حول "شعور الخلايا البشرية بالأكسجين والتكيف معه".
وبدأ العلماء الثلاثة البحث في أوائل التسعينيات، وظهرت التطبيقات العلاجية الأولى في منتصف العقد الأول من القرن الـ20، وفق تقرير نشرته، الأحد، وكالة الأنباء الفرنسية.
وتمثل حالة تيرني مثالاً يوضح أن البحث العلمي يشق طريقه من المختبر إلى العالم الحقيقي في رحلة يمكن أن تنقذ مئات الآلاف من الأرواح.
كانت آمال تيرني، وهو مهندس تصميم سابق، في البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات لا تتجاوز 3 إلى 5%، لكن كل ذلك تغير عندما تناول دواء Sutent، وهو إحدى فئات الأدوية الجديدة التي كانت تسمى آنذاك مثبطات الأوعية لقف نمو الأوعية الدموية التي تتغذى عليها الخلايا السرطانية.
كان تطور العلاج الذي أدى إلى إطالة عمر تيرني نتيجة مباشرة لبحث الثلاثي الحائز على جائزة نوبل.
وكان ويليام كيلين أحد الفائزين بالجائزة، ويدير مختبرًا في دانا فاربر، ويدرس في جامعة هارفارد، قد بدأ في دراسة استشعار الأوكسجين لأول مرة عندما كان يبحث في حالة وراثية نادرة تسمى مرض Von Hippel-Lindau VHL.
هذه الحالة تتسبب في إفراط إنتاج الإشارات المرتبطة بنقص الأكسجين، وواحدة من هذه الإشارات هي بروتينVEGF، الذي يحفز نمو الأوعية الدموية الجديدة، وبالتالي نشر السرطان.
وكشف كيلين عن العملية التي أدت إلى تنظيم الجين المسؤول للبروتين (VEGF) وتأكد من عدم إفراطه في الإنتاج.
هذا الجين مسؤول عن بعض أنواع سرطان الكلى التي تصيب حتى الأشخاص الذين لا يولدون بطفرة وراثية لاحتمالية تحوره في بعض الأحيان في الكلى.
ودواء Sutent هو الآن واحد من عدة مثبطات معتمدة مصممة لعلاج هذه السرطانات.
ورغم أن البحث الذي أجراه ويليام كيلين أحد الفائزين بجائزة نوبل في الطب هذا العام، ساعد مرضى السرطان على العيش لفترة أطول، لكن الأمر لم يكن سهلاً على تيرني، فالدواء له آثار سلبية "قاسية للغاية"، على حد تعبيره
بعد تفجير موضع الورم لأول مرة بالإشعاع لعدة أسابيع، بدأ في تناول دواء Sutent عن طريق الفم.
في البداية، أثبتت الآثار الجانبية بما في ذلك الإسهال الحاد وفقدان الوزن، أنه صعب للغاية، ما دفع الطبيب المعالج له، توني شويري، (طبيب الأورام الذي يعمل في معهد دانا فاربر للسرطان في بوسطن) إلى تجربة جداول الجرعات المختلفة، واستقر لمدة 4 أعوام على علاج لمدة 5 أيام في الأسبوع، تليها 9 أيام من الراحة والتعافي.
يقول شويري إن تيرني كان حالة غريبة للغاية لأنه كان متقبلاً بشكل استثنائي للدواء، لكن الكثيرين ليسوا محظوظين للغاية.
كما يوضح كيلين: "يستفيد معظم المرضى وليسوا جميعهم. لشهور أو لبضع سنوات ثم سيتطور السرطان في النهاية".
والأسباب ليست واضحة تمامًا ولكنها مرتبطة على الأرجح بالتكوين الوراثي للورم.
ويقول شويري إنه يتعين عليه في كثير من الأحيان أن يصف للمرضى مزيجا من مثبطات VEGF بالإضافة إلى أدوية العلاج المناعي، - وهي فئة أحدث من العلاج التي ينشط دفاعات الجسم الطبيعية ضد السرطان.
وفقًا لكيلين، يمكن للباحثين السير بعيدًا في مسار الأدوية المنظمة للأكسجين، ويعمل حاليا مع شركة تدعى Peleton على علاج جديد يمنع ليس فقط VEGF ولكن المواد الأخرى المسببة للسرطان.
وبالنسبة لكيلين، العالم الطبيب الذي يعمل في كل من المختبر ومع المرضى، فإن هذا العمل مجزٍ بشكل خاص.
ويضيف كيلين: "أعتقد الآن أنني مع كثيرين آخرين ممن عملوا في الميدان، تمكنّا من تحريك الكرة للأمام والحصول على علاج أفضل لهؤلاء المرضى، إنه أمر مدهش".
ويعتبر تيرني محظوظًا لأنه استفاد من العديد من الابتكارات، وهو مصمم على تحقيق أقصى استفادة من وقته، حيث يشارك بانتظام على سبيل المثال في جهود جمع التبرعات لأبحاث سرطان الكلى مثل المسيرات الخيرية.
ويقول: "سمح لي بقائي على قيد الحياة لفترة أطول برؤية جميع أطفالي الثلاثة يتزوجون ".
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز