"نورد ستريم 2".. المهمة المستحيلة قاربت على النهاية
بعد سنوات من التوتر يقترب مشروع خط أنابيب الغاز الروسي"نورد ستريم 2" المثير للجدل من محطته الأخيرة بعد اتفاق بين ألمانيا وأمريكا.
وأعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها توصلت إلى اتفاق مع ألمانيا بشأن خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل، ينص على فرض عقوبات ضد روسيا ويسعى لتمديد عمليات عبور الغاز عبر أوكرانيا.
كما ألغى بايدن الذي استقبل المستشارة أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي، معظم العقوبات المرتبطة بخط أنابيب نورد ستريم 2 والتي طالب بها الكونجرس، بذريعة أن الوقت قد فات لوقفه وأنه من الأفضل التعاون مع ألمانيا.
في المقابل، سارع الجمهوريون، خصوم الرئيس بايدن، إلى التنديد بالاتفاق ووصفوه بأنه "هدية" للرئيس فلاديمير بوتين، لكن الإدارة الأمريكية ردت بأنها تحاول ضمان نتيجة إيجابية من خط الأنابيب الذي أصبح شبه مكتمل.
ولطالما اعتبر مشروع خط الأنابيب نورد ستريم 2 نقطة جدال بين واشنطن وبرلين، لكن الاتفاق الذي أعلن الأربعاء يهدف إلى تسوية الأمور.
ويفترض أن يضاعف خط الأنابيب الذي أوشك على الاكتمال إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.
ونورد ستريم 2 هو مشروع عملاق سيورد الغاز عبر بحر البلطيق، من أكبر خزان لاحتياطيات الغاز في العالم في روسيا إلى ألمانيا وبعض الدول الأوروبية، وهو ثاني خط غاز يربط روسيا بألمانيا.
وتبلغ كلفة المشروع نحو 10 مليارات يورو (12 مليار دولار)، وسيبلغ طوله حوالي 2460 كيلومترا عند اكتماله.
- "نورد ستريم" والعلاقات.. ثاني اتصال بين بوتين وميركل خلال شهر
- خلاف أمريكي بشأنه.. ماذا تعرف عن المشروع الروسي "نورد ستريم 2"؟
ويتوقع الرئيس التنفيذي لشركة "نورد ستريم 2 آي جي"، انتهاء العمل بالمشروع الذي بدأ تنفيذه في عام 2018، في نهاية شهر أغسطس/آب من هذا العام.
مخاوف أمريكية
الولايات المتحدة، كثيرا ما عارضت المشروع بشدة ترى أن هذا الخط يزيد من اعتماد ألمانيا على روسيا، وهو الأمر الذي لا ترغب به واشنطن، وتقول إن من شأنه زيادة الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة ونفوذ موسكو الجيوسياسي.
وبمجرد أن يدخل حيز التشغيل سينقل نورد ستريم2 نحو 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من روسيا إلى الساحل الشمالي لألمانيا، وبعد ذلك إلى الأسواق الداخلية للاتحاد الأوروبي.
كما يتجاوز خط الأنابيب البنى التحتية الأوكرانية للغاز، ما يحرم كييف من الحصول على رسوم نقل تحتاجها بشدة، وتقاتل أوكرانيا انفصاليين موالين لموسكو منذ عام 2014، وتعتبر أن نقل الغاز الروسي عبر أراضيها يمثل وسيلة ضغط حيوية.
وأوكرانيا واحدة من أكثر الدول الأوروبية استياء من "نورد ستريم 2"، حيث يصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي المشروع بأنه "سلاح سياسي ضد بلاده"، ويخشى من آثاره على قضية القرم ودونباس.
واستفادت أوكرانيا لسنوات من نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أراضيها، لا من العائدات المالية التي بلغت نحو مليار دولار فحسب، وإنما من ورقة الضغط السياسية التي يمكن استخدامها بوجه روسيا في حال توترت العلاقات مع موسكو وتصاعدت نحو حدود الحرب كما في عام 2014.
الاتفاق الأمريكي الألماني
توصلت ألمانيا وأمريكا إلى اتفاق حول المشروع، لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت إن هناك "خلافات" ما زالت قائمة.
تشير ألمانيا بدورها إلى أنها ستضغط على روسيا لتمديد اتفاق بشأن نقل الغاز عبر أوكرانيا تنقضي مهلته أواخر عام 2024.
كما وعدت ألمانيا بتقديم مليار دولار لأوكرانيا للتّحول إلى الطاقة النظيفة وخفض اعتمادها على روسيا.
وقال الكرملين، الأربعاء، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعربا عن رضاهما عن قرب اكتمال المشروع خلال مكالمة هاتفية، مضيفا في بيان بعد انتهاء المحادثة "الزعيمان راضيان عن اقتراب مشروع نورد ستريم 2 من الاكتمال".
خطوة جيدة
وقالت ميركل إن الاتفاق بشأن نورد ستريم 2 الذي يهدد بفرض عقوبات على روسيا إذا استخدمت طاقتها سلاحا ضد أوكرانيا هو "خطوة جيدة تظهر الاستعداد للقيام بتسوية لدى الجانبين".
لكن بموجب الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة، تعهدت ألمانيا الرد على روسيا إذا تحققت مخاوف أوكرانيا.
وقالت ميركل الخميس الماضي، إنه رغم أن العقوبات مطروحة في حال استخدام روسيا خط الأنابيب من أجل تحقيق مكاسب سياسية "آمل بألا نحتاج إليها"، وأضافت "قال الجانب الروسي إنه لن يستخدم الطاقة سلاحا.. دعونا نصدقهم".
ميركل شددت على أهمية إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع موسكو بعد فشل مساعيها الأخيرة لعقد قمة للاتحاد الأوروبي مع روسيا.
وتابعت أنه حتى في "المواقف المعقدة والصعبة" يجب أن "نستمر في الحوار ونحاول إيجاد حلول".
"نورد ستريم 1"
تأسس المشروع بناءً على الحاجة الأوروبية المتزايدة لاستهلاك الغاز الذي بدأ ينضب في القارة، الأمر الذي دفع دولاً أوروبية عدة للبحث عن مصادر استيراد تكفل الإمداد المتواصل والرخيص.
وفشلت مشاريع أوروبية عديدة لنقل الغاز إلى القارة، وظلّ الرهان معلقاً على روسيا التي نجحت بتزويد أوروبا بنحو 40% من حاجتها إلى الغاز.
وعام 2011 جرى إنشاء أطول خط أنابيب بحري في العالم بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق، واسمه "نورد ستريم 1"، والمجهز لضخ 55 مليار متر مكعب من الغاز.
وشاركت في المشروع حينذاك شركة "جازبروم" الروسية التابعة للدولة بنسبة 51%، بالإضافة إلى شركتين ألمانيتين وأخرى فرنسية وهولندية.
وتزايد الطلب الأوروبي دفع روسيا وألمانية للبحث عن توسعة لـ"نورد ستريم 1"، وبالفعل جرى توقيع اتفاق إنشاء خط "نورد ستريم 2" الذي سيتخذ مسار الأول في بحر البلطيق، من فيبورج مدينة الروسية إلى لوبمين الألمانية وبطول 446 ميلا، وذلك بالشراكة بين "جازبروم" و5 شركات أوروبية أخرى، وهي ألمانية وفرنسية وبريطانية ونمساوية، وتموّل المشروع إجمالاً بنسبة 50%.
ونال مشروع "نورد ستريم 2"، في كانون الثاني/يناير 2018، موافقة السلطات الألمانية للبدء ببنائه، وابتدأ البناء فعلياً بعد 4 أشهر من منح الإذن.
سيضخ "نورد ستريم 2" غازاً بسعة 55 مليار متر مكعب سنوياً، وهو ما يكفي لتزويد 26 مليون أسرة بالغاز.
aXA6IDEzLjU4LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز