خبراء يحذرون من الترسانة العسكرية لكوريا الشمالية: تهديد متصاعد
جاء إطلاق كوريا الشمالية صاروخين باليستيين بمياه اليابان خارج منطقته الاقتصادية الخالصة، ليعيد الملف النووي لبيونج يانج للواجهة مجددا.
ويرى خبراء، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن هذه الواقعة تعد دليلا إضافيا على تصاعد الترسانة العسكرية النووية التي يمتلكها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للجارة الجنوبية واليابان، بل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
وذكرت الشبكة الأمريكية أن واشنطن وحلفاءها في آسيا تعتبر أن بيونج يانج تشكل "تهديدًا أمنيًا خطيرًا"، وفق ما نقلت عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في أول جملة من تقريره تعليقا على الإمكانيات العسكرية لكوريا الشمالية التي جرى تحديثها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي..
العبارة الأكثر إثارة للقلق في تقرير المجلس هي أن "كوريا الشمالية ربما لديها أكثر من 60 سلاحًا نوويًا، بحسب تقديرات المحللين، واختبرت بنجاح صواريخ يمكن أن تضرب الولايات المتحدة برؤوس نووية."
ويقول محللون إن الصواريخ الباليستية التي اختبرتها بيونج يانج، الخميس، - هي ثاني اختبار للأسلحة في أقل من أسبوع– ربما كانت ذات مدى أقصر، وبالتالي من غير المرجح أن تشكل خطرًا على أراضي الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق الخميس، وصف رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا، إطلاق الصاروخين بـ"التهديد لسلام وأمن" بلاده.
وأوضحت كوريا الشمالية أن لديها صواريخ يمكنها الوصول إلى اليابان, حيث اختبرت في 2017، صاروخين باليستيين حلقا فوق البلاد قبل الهبوط بالمحيط الهادئ.
والعام الجاري، اختبرت بيونج يانج صاروخًا باليستيًا عابرا للقارات، من طراز "هوسونج-15"، والذي حلق في السماء قبل السقوط بالمياه قبالة ساحل اليابان.
أكبر صاروخ
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عرضت كوريا الشمالية أكبر صواريخها حتى الآن، وهو نسخة محدثة من الصاروخ "هوسونج-15" الذي طاف شوارع بيونج يانج على منصة إطلاق متحركة خلال عرض عسكري.
وبعد هذا الحدث، قال كبير المحللين بمركز "ناشيونال إنترست" الأمريكي، هاري كازيانيس: "يبدو أن الصاروخ عبارة عن مقذوف باليستي عابر للقارات جديد يعمل بالوقود السائل، وهو "أكبر وأقوى بكثير من أي شيء" في ترسانة كوريا الشمالية.
ومع ذلك، أشار تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إلى أنه بينما لم يخضع الصاروخ الضخم الذي ظهر خلال العرض للاختبار بعد، لاتزال قدراته الحقيقية غير معروفة.
وطبقًا للتقرير، قال محللون إنه ربما يكون قادرًا على حمل عدة رؤوس نووية أو تمويهية للتشويش على أنظمة الدفاع الصاروخي.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن كوريا الشمالية اختبرت بنجاح قنابل نووية بـ6 مناسبات في أعوام: 2006 و2009 و2013، ومرتين في 2016 و2017.
غير أن خبراء حذروا من أنه بالرغم من تفجير القنابل بنجاح، لم تبرهن كوريا الشمالية بعد على قدرتها على تحميلها بكفاءة على صاروخ باليستي.
وبالنسبة للصواريخ الباليستية، فيحركها في البداية قوة الدفع الصاروخي، لكن عند وصولها لمرحلة ما تسقط جراء الجاذبية على أهدافها.
وبالنسبة للصواريخ الباليستية طويلة المدى، فإنها تغادر الغلاف الجوي للأرض بعد الإطلاق. ولتصيب أهدافها، يجب أن تنجو الرؤوس الحربية المحملة فوقها من الحرارة التي تتولد عند دخولها الغلاف الجوي مرة أخرى، كما الحال تمامًا مع المركبات الفضائية المأهولة عند العودة من المدار.
ويرى الخبراء أنه مع التطورات التي حققتها كوريا الشمالية، خاصة في ظل برنامج كيم لتحديث الصوايخ، فمن المحتمل أن تنجح بيونج يانج في تلك التكنولوجيا عند مرحلة ما.
ترسانة تقليدية
وبينما ينصب الاهتمام على الطموحات النووية لكوريا الشمالية، لا يجب الاستهانة بأسلحتها التقليدية.
وطبقًا لشبكة "سي إن إن"، طورت بيونج يانج قاذفات صواريخ متعددة جديدة يمكنها ضرب أي مكان في كوريا الجنوبية، بحسب وزارة الدفاع بكوريا الجنوبية، مما يعرض سكان البلاد الذين يتخطى عددهم الـ50 مليون نسمة للخطر، بالإضافة إلى وجود حوالي 30 ألف جندي أمريكي في كوريا الجنوبية بالمرافق العسكرية الأمريكية المنتشرة بالبلاد.
وكذلك هناك أعداد القوات في كوريا الشمالية، إذ تقدر وزارة الدفاع الكورية الجنوبية عدد جيش بيونج يانج بـ1.28 مليون مقارنة بـ550 ألفًا بالجارة الجنوبية.
كما تقدر الجارة الجنوبية وجود 4300 دبابة لدى كوريا الشمالية، و2600 عربة مدرعة، و8800 قطع مدفعية.
أما بحرية كوريا الشمالية، فلديها 430 سفينة قتالية، و70 غواصة. ويمتلك سلاح الجو 810 طائرات مقاتلة.
نهج قديم
ورغم وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، إلا أن كوريا الشمالية تعتمد نفس النهج القديم.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في تحليل منشور عبر موقعها الإلكتروني، أنه بعد شهرين على وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، تتجه كوريا الشمالية مجددًا إلى اختبارات الأسلحة لانتزاع الامتيازات.
لكن كانت الاختبارات صغيرة نسبيًا حتى الآن مقارنة بالتجارب السابقة، وهو ما اعتبرت الوكالة أنه يشير إلى وجود نافذة تواصل أمام واشنطن قبل أن تسعى بيونج يانج وراء استفزازت أكبر.
وفي فبراير/شباط 2017، أي بعد أقل من شهر على تولي دونالد ترامب الرئاسة بالولايات المتحدة، اختبرت كوريا الشمالية صاروخا متوسط المدى، قال مراقبون إنه أظهر تطورًا في حركة السلاح.
وفي وقت لاحق من العام نفسه، وتحديدا بعد أربعة أيام على تنصيب الرئيس الكوري الجنوبي الحالي، مون جاي إن، أطلقت الجارة الشمالية ما أسمته صاروخا متوسط المدى يتمتع بقدرات نووية جرى تطويره حديثًا.
وفي عام 2009، أجرت كوريا الشمالية عملية إطلاق لصاروخ طويل المدى واختبارًا نوويا خلال أول أربعة أشهر لإدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
ويبدو أن الاختبارات التي جرت هذا الأسبوع تتبع نفس هذا الأسلوب، لكن يعتقد الخبراء أن كوريا الشمالية أحجمت عن أي استفزازات أكثر جدية بالنظر إلى أن إدارة بايدن لا تزال تقيم سياستها بشأن بيونج يانج.