تفاصيل زحف كوريا الشمالية نحو "الردع".. تسبق أمريكا بخطوة
تطلق كوريا الشمالية صاروخا تلو الآخر منذ عام تقريبا، لكن لا أحد يعرف مدى تقدم البلاد في البرامج النووية والصاروخية على وجه الخصوص.
وفي كل مرة تقريبا، يزعم المروجون للنظام أنهم أحرزوا تطورات هائلة في البرامج النووية وتلك المتعلقة بالأسلحة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
لكن سلسلة التجارب تظهر أن تلك الادعاءات ليست مجرد كلمات فارغة وتعكس تقدما فعليا، بحسب محللين تحدثوا لـ"واشنطن بوست"، في وقت يجعل فيه كيم ترسانته الصاروخية أسهل في الإطلاق، وأصعب في التعقب، ويوما ما قادرة على حمل رؤوس حربية نووية.
وتظل الدبلوماسية كمخرج من هذا الوضع بعيدة المنال، مع تمسك كوريا الشمالية بطموحاتها النووية.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي حدثت كوريا الشمالية عقيدتها النووية، وأعلنت أنه "لن يكون هناك نزع للنووي على الإطلاق، ولا مفاوضات، ولا ورقة مساومة لمقايضتها" حتى وإن رٌفعت العقوبات الدولية.
وأجج خطاب كوريا الشمالية والتطورات التي أحرزتها على الصعيدين النووي والعسكري، رغبة كوريا الجنوبية للحصول على الردع النووي الخاص بها.
وخلال زيارة الرئيس الكوري الجنوبية يون سوك يول إلى الولايات المتحدة تعهد الرئيس جو بايدن بأن أي هجوم نووي كوري شمالي على الجنوب "ستقابله استجابة سريعة وساحقة وحاسمة" بمجموعة كاملة من القدرات الأمريكية، "من بينها النووي".
الصواريخ ذات الوقود الصلب
أحد أبرز التطورات الأخيرة كانت إطلاق بيونغ يانغ هذا الشهر صاروخا باليستيا عابرا للقارات ذي وقود صلب، يطلق عليه "هواسونغ-18".
ولطالما أراد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون هذه التكنولوجيا. ولا عجب من ذلك، لأن الصواريخ العاملة بالوقود الصلب أسهل في تشغيلها من الصواريخ ذات الوقود السائل.
ووفق "واشنطن بوست" تحتفظ معظم الدول التي تمتلك صواريخ باليستية عابرة للقارات بمزيج من كلا النوعين.
وبالنسبة لصواريخ الوقود الصلب يمتزج الوقود والمادة المؤكسدة معا في خليط كيميائي صلب، ثم يتم تعبئتهما في أسطوانة معدنية جاهزة للاشتعال.
وقال شين سيونغ كي، زميل باحث بالمعهد الكوري لتحليل الدفاع، ومقره سول، إن الوقود الصلب مجد اقتصاديا فيما يتعلق بالإدارة والتخزين والنشر.
وعلى الرغم من أنها بعيدة عن المثالية، قال شين إن التجربة الأخيرة لكوريا الشمالية "تمثل أول خطوة مهمة لتكنولوجيا نظام الدفع، نحو هدفها المتمثل في إرسال رأس نووي إلى البر الرئيسي الأمريكي".
طرق إطلاق متعددة
في حالة وقوع صراع على شبه الجزيرة ستكون الأولوية القصوى لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة هي إيجاد وتدمير أكبر عدد ممكن من منصات الإطلاق النووية الكورية الشمالية. لكن كوريا الشمالية تجعل الآن هذه المهمة أكثر صعوبة بكثير.
وأجرت كوريا الشمالية تجارب إطلاق العديد من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من عدة مواقع، مثل القطارات، والغواصات، ومنصات الإطلاق المتحركة، وكانت تعمل على تجربة الصواريخ التي يتم إطلاقها من الغواصات منذ عام 2015.
والشهر الماضي، قالت بيونغ يانغ إنها أطلقت صاروخين كروز من غواصة الصواريخ الباليستية "يونغونغ 8.24".
ويسلك الصاروخ الذي يتم إطلاقه من غواصة، مسار أكثر تعقيدا يصعب اعتراضه، مما يجعله تهديدا بحريا كبيرا.
ويبدو أن كوريا الشمالية الآن تتمتع بالقدرة على إطلاق صواريخ من تحت الأرض، وترجح صور أنه خلال التدريبات العسكرية في مارس/آذار، أطلقت صاروخا من صومعة خفية، ما مكنها من إجراء الاستعدادات السابقة للإطلاق دون أن يتم رصده مبكرا.
اختبار الصواريخ قصيرة المدى
معظم تجارب كوريا الشمالية الأخيرة كانت لصواريخ باليستية قصيرة المدى، حيث تعمل البلد على تحسين قدارتها في هذا النطاق، والذي يمكنه الوصول إلى كوريا الجنوبية.
ويشبه صاروخ "كيه إن-23" الصاروخ الروسي "إس إس-26"، لكن يملك نطاقا أكبر بكثير، بحسب بحث لمجلس الاتحاد الأوروبي.
و"كيه إن-24" هو صاروخ باليستي مزود بوقود صلب ويطلق من منصة إطلاق متحركة، ويشبه الصاروخ "أتاكامز" التكتيكي التابع للجيش الأمريكي.
أما "كيه إن-25" فهو نظام منصة إطلاق صاروخ متعدد قادرة على إطلاق عدة صواريخ في تتابع سريع.
إطلاق قمر صناعي للتجسس
قالت كوريا الشمالية الأسبوع الماضي إنها مستعدة لإطلاق أول قمر صناعي عسكري للاستطلاع خاص بها، والذي سيساعد النظام في صقل تكنولوجيا الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الخاصة بها، بحسب شين.
ويعتبر برنامج الفضاء التابع لنظام كوريا الشمالية حجة لتطوير صواريخ وقذائف، وهو محظور بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
تجارب إعادة الدخول
لم تسقط الولايات المتحدة وحلفاؤها أبدا صاروخا تجريبيا أطلقته كوريا الشمالية، والذي عادة ما يتم إطلاقه بزاوية مرتفعة حتى لا يحلق لمسافة بعيدة ويسقط على أراضي الدول المجاورة.
ومع ذلك، حذرت كوريا الشمالية في فبراير/شباط من أن صواريخها ستصبح قريبا قادرة على ضرب أهداف في المحيط الهادئ.
وقال كيم دونغ يوب، ضابط سابق بالبحرية الكورية الجنوبية، إن كوريا الشمالية يمكن أن تطلق قريبا صاروخا باليستيا عابرا للقارات بزاوية عادية لتجربة تكنولوجيا إعادة الدخول الخاصة بها.
وعلى مدار رحلة الصاروخ الباليستي العابر للقارات يخرج الصاروخ ثم يعود إلى الغلاف الجوي للأرض، معرضا نفسه لتغييرات شديدة في درجة الحرارة.
ماذا عن الرؤوس النووية؟
بالرغم من جميع تطوراتها التكنولوجية خلال السنوات الأخيرة، هناك شيء رئيسي لم تثبت كوريا الشمالية أن بإمكانها فعله، هو صنع رأس حربي نووي صغير بما يكفي لوضعه على صاروخ، وتسمى هذه العملية تصغير، وهي عملية صعبة، وفق واشنطن بوست.
والشهر الماضي، كشف زعيم كوريا الشمالية عما قال إنه رأس حربي نووي صغير جديد يمكن وضعه على الصواريخ قصيرة المدى، وأطلق عليه اسم "هواسان-31"، أي "البركان".