توتر بشبه الجزيرة الكورية.. تسونامي بيونغ يانغ في وجه إجراءات الثلاثي
استعراض جديد للقوة أجرته بيونغ يانغ، صب الزيت على نار التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وأثار المخاوف من تصعيد قد تنجرف إليه الأطراف مستقبلا.
فمن اختبار لطوربيد مسيّر قادر على حمل سلاح نووي تحت الماء، وإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، مرورًا بالكشف عن نظام جديد للغواصات المسيرة يسمى "هايل-1" إلى إجراء تجربة على غواصة مسيرة هجومية ذات قدرات نووية، تنوعت التصعيدات الكورية الشمالية في الأسابيع الأخيرة.
في المقابل كان الرد جاهزًا من قبل كوريا الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة اللتين انضمت إليهما اليابان، بمطالبة سول بيونغ يانغ بالكف عن استخدام المنطقة الصناعية المشتركة السابقة من دون إذن، مرورًا بمناورات جوية مشتركة مع واشنطن، إلى انضمام طوكيو إلى جانب البلدين الأخيرين لمطالبة كل الدول بترحيل العمال الكوريين الشماليين.
تصعيد متبادل، قذف حممه البركانية في شبه الجزيرة الكورية، وألهب الأحداث في المنطقة المتوترة، وتسبب في قلق من الخطوات المقبلة.
فما آخر الإجراءات التصعيدية؟
قالت وسائل إعلام رسمية السبت، إن كوريا الشمالية أجرت تجربة على غواصة مسيرة هجومية ذات قدرات نووية، في أحدث استعراض للقوة ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
واختبرت كوريا الشمالية نوعا جديدا من الغواصات الهجومية ذات القدرات النووية يسمى "هايل-2" بعد أكثر من أسبوع من الكشف عن نظام جديد للغواصات المسيرة يسمى "هايل-1" ويعني تسونامي بالكورية ومصمم للقيام بهجمات مفاجئة في مياه العدو.
ويقول محللون إن كوريا الشمالية تستعرض قدراتها النووية المتنوعة ضد واشنطن وسول رغم أن الجانبين يشككان فيما إذا كانت تلك الغواصات جاهزة للعمل.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن التجربة أجريت في الفترة من الرابع إلى السابع من أبريل/نيسان، وأن الغواصة قطعت مسافة ألف كيلومتر تحت الماء على مدى 71 ساعة وست دقائق ونجحت في إصابة نموذج لهدف معاد.
وقالت الوكالة: "الاختبار أثبت تماما اعتمادية نظام الأسلحة الاستراتيجية تحت الماء وقدرته الهجومية الفتاكة".
وكثفت كوريا الشمالية أنشطتها العسكرية في الأسابيع الأخيرة احتجاجا على المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
ترحيل الكوريين
في المقابل، دعت كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتّحدة الجمعة كلّ الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة إلى ترحيل الكوريين الشماليين العاملين لديها، متّهمة إياهم بالالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على بلادهم لتمويل برنامج بيونغ يانغ التسلّحي المخالف للقوانين.
وفي 2017، أصدرت الأمم المتّحدة قراراً أمهلت بموجبه دولها الأعضاء حتّى ديسمبر/كانون الأول 2019 لترحيل كلّ الكوريين الشماليين العاملين لديها، ومعظمهم في الصين وروسيا، لكن أيضاً في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
والجمعة، اعتبر المبعوثون الكوري الجنوبي والياباني والأمريكي إلى كوريا الشمالية، خلال اجتماع ثلاثي في سيول، أنّ الكوريين الشماليين العاملين في الخارج يواصلون مساعدة بلدهم لتمويل برامجه الصاروخية والنووية.
وقال المبعوثون الثلاثة في بيان مشترك إنّ "الكوريين الشماليين العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات يواصلون استخدام هويّات وجنسيّات مزيّفة للتهرّب من عقوبات مجلس الأمن الدولي وكسب أموال في الخارج تموّل البرامج غير القانونية لكوريا الشمالية، لتطوير أسلحة دمار شامل وصواريخ بالستية".
أنشطة سيبرانية
وأضاف البيان: "نحن أيضاً قلقون للغاية بشأن الطريقة التي تدعم فيها كوريا الشمالية، هذه البرامج من خلال سرقة وتبيض أموال، وكذلك جمع معلومات عبر أنشطة سيبرانية خبيثة".
ولفت المبعوثون إلى أنّ بيونغ يانغ "سرقت" ما يصل إلى 1.7 مليار دولار من العملات المشفّرة العام الماضي وحده.
وفي 2019، قال محلّلون إنّ بكين وموسكو - الحليفتين الرئيسيتين لبيونغ يانغ - تواصلان إصدار تأشيرات للعمال الكوريين الشماليين للاستمرار في الاستفادة من هذه العمالة الرخيصة.
وتابع المبعوثون في بيانهم: "ندعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التقيّد التام بقرارات مجلس الأمن الدولي (...) عبر إعادة جميع العمال الكوريين الشماليين الذين يكسبون المال" في هذه الدول.
وأدان البيان "بشدّة إطلاق كوريا الشمالية بصورة متكرّرة صواريخ بالستية، وكذلك خطابها التصعيدي والمزعزع للاستقرار المرتبط باستخدام أسلحة نووية"، معربًا عن "الأسف لأن بيونغ يانغ تستمرّ في تجاهل الصعوبات التي يواجهها شعبها وتختار بدلاً من ذلك تكريس مواردها الضئيلة لبرامجها" التسلّحية.
سول تحذر
في السياق نفسه، حذرت كوريا الجنوبية الخميس من أنها ستتخذ "الإجراءات الضرورية" إذا استمرت بيونغ يانغ في استخدام مجمع صناعي مشترك في الشمال كان يُعتبر رمزا للمصالحة، من دون إذن.
وقالت سيول في إشعار: "يجب على كوريا الشمالية أن تتوقف على الفور. إذا لم تمتثل كوريا الشمالية لطلبنا فسنتخذ الإجراءات اللازمة انطلاقا من اعترافها باستغلال المجمع من دون إذن". ولم تكشف التدابير التي يمكن تنفيذها.
وكان أكثر من خمسين ألف عامل كوري شمالي يعملون في الماضي في مجمع كايسونإ الصناعي؛ لإنتاج سلع من الساعات إلى الملابس، لحوالي 125 شركة كورية جنوبية قدمت التمويل والمعدات.
وفي 2016، وردًا على تجربة نووية واختبارات إطلاق صواريخ من جانب كوريا الشمالية، انسحبت سول من المشروع الذي كان قد أطلق في عام 2000 في أعقاب قمة بين الكوريتين، معتبرة أن أرباح كايسونغ ساعدت في تمويل الاستفزازات.
لكن وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية قالت الخميس إن بيونغ يانغ واصلت استخدام المنشآت والممتلكات المملوكة لكوريا الجنوبية من دون إذن.
وأرسل مكتب الاتصال في كوريا الجنوبية الخميس إشعارًا يطلب فيه وقف الأنشطة في المجمع الصناعي لكن كوريا الشمالية رفضت قبوله، حسب سول.
وجاء هذا الإعلان بعد يوم على نشر صحيفة "رودونغ سينمون" الكورية الشمالية سلسلة من الصور تظهر ما يبدو أنه حافلة كورية جنوبية تسير في بيونغ يانغ.
وقالت الوزارة إنه يعتقد أن الحافلة كانت تستخدم لنقل موظفين كوريين شماليين في مجمع كايسونغ قبل إغلاقه.
وعند فتح هذه المنطقة، شكلت آخر شكل للتعاون الاقتصادي بين الكوريتين بتأمينها عملات أجنبية ثمينة إلى الشمال الفقير ويد عاملة رخيصة وإعفاءات ضريبية للشركات المعنية.
مناورات مشتركة
وكانت كوريا الجنوبية أعلنت الأسبوع الماضي، أنها أجرت مناورات جوية مشتركة مع الولايات المتحدة شملت قاذفة استراتيجية أمريكية واحدة على الأقل من طراز "بي 52 أتش" قادرة على حمل أسلحة نووية.
وتنظر كوريا الشمالية إلى مثل هذه المناورات على أنها تدريبات لغزوها، وقد ردت عليها مؤخرا بسلسلة من تجارب الأسلحة المحظورة.
كما أجرت بيونغ يانغ في الأسابيع الأخيرة ما وصفته وسائلها الإعلامية الرسمية بأنه اختبار لطوربيد مسيّر قادر على حمل سلاح نووي تحت الماء، إضافة إلى إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات.
ويحذر مسؤولون في سول وواشنطن منذ أوائل عام 2022 من أن كوريا الشمالية قد تجري تجربتها النووية السابعة في وقت وشيك.
وفي غضون ذلك، عززت واشنطن وسيول تعاونهما الدفاعي في ضوء التهديدات المتزايدة.
وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية في بيان إن "النشر المستمر لأصول استراتيجية أمريكية رئيسية في شبه الجزيرة الكورية يعد عملا داعما لتصميم الولايات المتحدة للدفاع عن كوريا الجنوبية".
الحلقة الأضعف
وأضاف البيان أنه تم إعادة نشر القاذفة الأمريكية من طراز "بي 52 أتش" في شبه الجزيرة الكورية بعد نحو شهر من مشاركتها الأخيرة في المنطقة، مشيرًا إلى أن مناورات الأسبوع الماضي، شملت أيضا طائرة مقاتلة كورية جنوبية متطورة من طراز "اف -35 آيه".
وتُظهر كوريا الشمالية حساسية خاصة تجاه المناورات الجوية، حيث يقول خبراء إن قوتها الجوية هي الحلقة الأضعف في جيشها.
وفي مارس/آذار الماضي، أمر الزعيم كيم جونغ أون الجيش الكوري الشمالي بتكثيف تدريباته استعدادا لـ"حرب حقيقية"، ودعا مؤخرا إلى تعزيز إنتاج الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية.
وكررت واشنطن مرارا التزامها "الصارم" بالدفاع عن كوريا الجنوبية، بما في ذلك استخدام "النطاق الكامل لقدراتها العسكرية" التي تشمل "القدرات النووية".
aXA6IDMuMTMzLjEwNy4xMSA=
جزيرة ام اند امز