نور الشريف.. حكاية «فنان مثقف» تآمرت عليه الأيام (بروفايل)
يسكن عبقري الأداء "نور الشريف" في ذاكرة السينما المصرية، ويعيش في وجدان الناس، فلم يكن ممثلا عاديا، يحفظ الجمل الحوارية وينطق بها أمام الكاميرا، كان فنانا مثقفا، ولديه مكتبة كبيرة، أوصى بعد رحيله أن تنقل بكامل محتوياتها إلى مكتبة الإسكندرية.
أدلة كثيرة تؤكد أن نور الشريف، كان علامة مضيئة في عالم الإبداع من بينها على سبيل المثال، اختيار 7 أفلام له من بين أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، وبراعته في التمثيل والإخراج والإنتاج، بالإضافة إلى إيمانه بالمواهب الجديدة، وإتاحة الفرص لعدد كبير منهم، صاروا بمرور الوقت نجوم صف أول مثل أحمد العوضي، وعمرو يوسف وحسن الرداد وأيتن عامر ودينا فؤاد.
نور الشريف.. تعاسة الطفولة ووهج الأحلام
لم يشعر محمد جابر محمد الشهير باسم "نور الشريف" بمعنى السعادة في مرحلة الطفولة، إذ توفى والده وتزوجت أمه بعد فترة قصيرة من رحيله، وتحمل عمه إسماعيل عبء تربيته.
ويقول نور الشريف عن هذه المرحلة من حياته إنها كانت بالغة السوء، وجعلته يكره والدته، التي كانت تأتي لزيارته في الأعياد فقط، كان يشعر أنها أهملته وتخلت عنه، وقاطعها فترة طويلة، ولكن عندما اقتحم مرحلة الشباب ودرس علم نفس التمس لها العذر، وأدرك أنها تزوجت من آخر بعد وفاة والده لأنها كانت صغيرة ولا تستطيع أن تكمل حياتها دون رجل، لذا ذهب إليها واعتذر وظل يعمل على كسب ودها ورضاها.
أحب نور الشريف كرة القدم ولعب في نادي الزمالك لمدة عامين، لكن بعد فترة شعر أن كرة القدم ليست طريقه في الحياة، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، واختار أن يسبح في عالم التمثيل.
نور الشريف في "قصر الشوق"
تفوق نور الشريف أثناء دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وابتسم له الحظ عندما تعرف على الفنان الكبير سعد أردش الذي رشحه للمشاركة في بطولة مسرحية "الشوارع الخلفية" بعدها شارك في مسرحية "روميو وجوليت" للمخرج كمال عيد.
وشاءت الأقدار أن يشاهد الزعيم عادل إمام هذا العرض، وتعرف على نور الشريف ورشحه للمخرج حسن الإمام الذي كان يبحث عن وجه جديد لفيلم "قصر الشوق" الذي تم إنتاجه عام 1966.
ولد نور الشريف في السينما بطلا بسبب هذا الفيلم، وعاش حاملا لجميل عادل إمام طيلة حياته، ولكن نجاحه الكبير جعل الغرور يتملك منه، وكانت النتيجة أن مكث في المنزل 5 سنوات دون عمل، الأمر الذي دفعه لإعادة حساباته، وكثيرا ما كان يحذر الشباب الجدد من الغرور والتعالي على الجمهور.
نور الشريف وسنوات الإبداع
في الستينيات تألق نور الشريف في مجموعة مهمة من الأفلام منها "بئر الحرمان، و زوجة بلا رجل" وفي السبعينيات قدم أعمالا رائعة مثل مسلسل "مارد الجبل" وفيلم "زوجتي والكلب" بجانب محمود مرسي.
وواصل هذا الفنان الاستثنائي التوهج، وحقق شهرة واسعة وتحولت أعماله إلى بصمات خالدة من الصعب أن تسقط من ذاكرة المشاهد منها مسلسلات مثل "لن أعيش في جلباب أبي، والرحايا، والدالي" وفي السينما صنع أفلاما مضيئة مثل "الكرنك، دائرة الانتقام، ضربة شمس، دم الغزال، مسجون ترانزيت، بتوقيت القاهرة، عمارة يعقوبيان"، كما قدم للمسرح عروضا بديعة من بينها "يا غولة عينك حمرا، الأميرة والصعلوك، كنت فين يا علي".
رحيل نور الشريف
تزوج نور الشريف من الفنانة بوسي، ونجح في تكوين أسرة ورزق بابنتين هما "سارة ومي" وكانت المفاجأة أن يعلن انفصاله عن بوسي بعد سنوات طويلة من الحب والإخلاص ولم يتم الكشف عن الأسباب، لكن عندما هاجمه سرطان الرئة، عادت إليه، وظلت بجانبه لتخفف عنه وجع المرض، وفي 11 أغسطس/ آب مات الفنان المثقف.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA=
جزيرة ام اند امز