مبادرة "أرى روايتي" في عيون الروائيين وأصحاب دور النشر بالإمارات
كيف يرى الروائيون والناشرون المبادرة التي أطلقتها شركة «أبوظبي للإعلام» لتحويل الروايات إلى دراما تلفزيونية؟
استقبلت الأوساط الثقافية والأدبية في الإمارات والعالم العربي بحفاوة بالغة مبادرة شركة "أبوظبي للإعلام" التي أطلقت قبل أيام للاحتفاء بالتجارب الروائية المحلية والعربية وإعلانها استعدادها لتحويل الروايات التي تجسد خصوصية المجتمع الإماراتي إلى أعمال درامية بمستوى إنتاجي متميز.
وأكدت مجموعة من الكتّاب والناشرين الإماراتيين لجريدة "الاتحاد" الإماراتية أهمية وقيمة هذه المبادرة وأهميتها المستقبلية على الصعيدين الثقافي والإبداعي، باعتبارها سوف تنعش حركة النشر .
وقال الناشر جمال الشحي، صاحب دار كتّاب للنشر والتوزيع المهتمة بنشر الأعمال الروائية، إن خطوة إنشاء منصة مرئية تهدف إلى تحويل الأعمال الروائية للإماراتيين والعرب إلى أعمال تلفزيونية، تعكس الوضع الصحيح للأفكار والمبادرات المبتكرة، التي من شأنها أن تلعب دوراً محورياً في إيصال البعد الوجداني والإنساني للرواية، خاصة أن الصناعة المرئية للرواية ستنعش حراك النشر المحلي من جهة، وستؤسس لسلسلة من اللقاءات النقاشية النوعية من جهة أخرى، وهي بذلك تجعل الرواية محل حوار وتداولاً عاماً.
وبالنسبة لدار كتّاب للنشر والتوزيع، أوضح جمال الشحي أنهم سيكونون من أوائل دور النشر المشاركة في مبادرة «أرى روايتي»، مبيناً أن الدار سعت طوال الفترة السابقة نحو تفعيل حضور الرواية الإماراتية في الساحة العربية، مؤكداً أن هناك قصصاً وحكايا روائية أثارها الروائيون الإماراتيون عبر رواياتهم التي نشرت عبر الدار، وسيسعى إلى المشاركة من خلال هذه الروايات، لتطلع عليها لجنة قراءة الأعمال المرشحة، متأملاً أن تنال فضاء من الإنتاج التلفزيوني عبر شركة أبوظبي للإعلام.
فيما أكدت الروائية والشاعرة صالحة غابش، وهي كاتبة أول سيناريو إماراتي ومسلسل تلفزيوني باسم «بنات شما» مأخوذ عن روايتها «رائحة الزنجبيل»: إنها مبادرة رائعة تعتمد على حسن اختيار الروايات التي يمكن أن تعطي عملاً درامياً مغايراً للذي يُطرح اليوم، يدعو للتفاؤل ويبتعد عن السوداوية والشعوذة بحجة جذب الجمهور والإعلانات. وتابعت: لا بد أن يعكس هذا العمل الصورة الحقيقية للمجتمع لأنه سينتج في الإمارات، وأن يخدم مجتمعاتنا التي تواجه التحديات، وأن يكون مؤثراً إيجابياً، ومن ضمن معاييره ألا نكتفي بإبراز الصورة النمطية للمرأة إما قوية وشريرة أو ضعيفة ومعنّفة، وتعاني من الانكسار والنقص الحياتي والنفسي، أيضاً، أن يعالج قضايا الإنسان بشكل عام مبتعداً عن الشفقة والكراهية. وتوقعت أن تضم لجنة القراءة ممثلين ومخرجين وكتّاب رواية ونقاداً، ورأت أن أسلوب اختيار الأعمال من الممكن أن يكون من الروايات المهمة الموجودة.
من جهته، قال الروائي علي أبوالريش: "لا شك في أن العمل الروائي عندما يتحول إلى تلفزيوني أو سينمائي يختلف جذرياً عن كتابة سيناريوهات عن قضية معينة، لأن العمل الروائي ثيمة وسلسلة من الأحداث تتجه نحو هذه الثيمة التي تقدم للمشاهد موضوعاً معيناً يخرج من القلب إلى القلب، وجميع الأعمال المرئية التي حققت انتشاراً واسعاً وبعداً معنوياً كبيراً كانت مأخوذة عن روايات مهمة، على عكس السيناريوهات، لأن العمل الروائي قائم على الهرمية في التناول، لا يأخذ الموضوعات الإنسانية على هيئة قصاصات ورقية، ولابد من انسجام حقيقي بين العمل الروائي والأعمال التلفزيونية التي تقدم مشاهد مختلفة تتناول القضايا الإنسانية العميقة جداً.
بدورها، قالت الروائية والقاصة باسمة يونس: مبادرات الإمارات، دائماً، غير مسبوقة، وتعبّر عن مستقبل، وتطرح أفكاراً ابتكارية جديدة، وأتوقع لـ«أرى روايتي» النجاح المعتمد على التنفيذ وآلياته، ونحن كلنا أمل أن نرى رواياتنا في هذه الرؤية على أن يكون التعاون مع مؤلف الرواية وكاتب السيناريو أو المنفذ أو المعالج التنفيذي، لأنها أولاً وأخيراً، هي كرؤيا تخص المؤلف، وهي مبادرة داعمة لتسويق الرواية وتشجيع القراءة وتشجيع كتابة الرواية. وأضافت: أن "يكون الاختيار ليس لمجرد أنها رواية، بل من الممكن أن تتحول إلى عمل مرئي يضيف للمشاهد والمجتمع".
وفي رأي الروائي حارب الظاهري أنه من المهم جداً أن يكون التمثيل على قدر العمل الروائي، مضيفاً: "أحياناً، تكون الرواية قوية، وعندما تُمثل تخرج عن سياقها وأهدافها وموضوعها". وتابع: «أرى روايتي» فكرة ممتازة، وجميلة وتحتاج إلى عامل فني يجعلها إيجابية أكثر، أي ألا يخدش العامل الفني العمل الروائي، ألا يحركه، ويحوله إلى سلبي، ويخرجه عن سياقه المعتاد، بل إن يكون سبباً فنياً وجمالياً، وأخيراً: أن يثير العمل، في النهاية، موضوعات إنسانية واجتماعية ووطنية، خصوصاً في هذا الزمن.
وقالت الروائية والشاعرة السورية د. بهيجة مصري إدلبي: "لا شك في أن هذه المبادرة بدلالاتها وأبعادها المعرفية ثرية، وتشكل إضافة للمشهدين الروائي والمرئي، كونها تعمل على المزيد من الانتشار المعرفي والتوثيق الفكري لمضمون الرواية التي تؤسس لأهدافها، ولا شك في أنها مبادرة ترسخ لمفهوم الرواية، وتؤسس لوجودها بطريقة معاصرة، خصوصاً في هذه المرحلة الزمنية التي تحتاج منا إلى دعم للمفهوم الروائي كفكر وجمالية بنائية على ألا يؤدي تحويلها إلى التأثير على جمالية العمل ومضمونه وأهدافه، وهنا، يبقى السؤال مفتوحاً لفضاء السيناريو في هذا الجانب.
من جهتها، اعتبرت الكاتبة موزة عوض أن تحويل الأعمال الأدبية إلى أعمال درامية ليس بالجديد عربياً وعالمياً، لكنه يبقى جديداً في مشهدنا المحلي، وهناك نماذج حاولت فعل ذلك مثل مسلسل «خيانة وطن»، والذي حقق نجاحاً كبيراً ليس داخل دولة الإمارات فقط وإنما أيضاً في الخليج وبعض الدول العربية، مشيرة إلى أن هذه المبادرة ستشجع الكثير من الكتاب الشباب على الإبداع وكتابة روايات تعبر عن المجتمع الإماراتي والخليجي، كما أن المبادرة تفتح الباب واسعاً أمام إبداعات الروائيين لإبراز المجتمع الإماراتي. وأضافت عوض: "لدينا أعمال مؤهلة بالفعل لتتحول إلى أعمال درامية، لأن هناك روايات عميقة تعبر عن المجتمع الإماراتي والمشاكل التي تواجه المجتمع الخليجي ككل، وهذه الأعمال إذا تحولت إلى أعمال درامية سوف تحقق نجاحاً باهراً".
ووصف الكاتب عبدالرضا السجواني أن المبادرة تُعد فكرة ممتازة، وسوف تسهم في إثراء الدراما الإماراتية عبر الأعمال الروائية الإماراتية، مضيفاً: "أراها مبادرة وفكرة جميلة خصوصاً إذا اتجه البحث عن أعمال درامية مميزة قابلة لقراءة المخرج الجيد والمنتج الواعي". وتابع: "سوف تضيف الدراما التلفزيونية والسينما للنصوص الأدبية بعداً ترويجياً مطلوباً، ومن الأفضل أن تروج للأدب الجيد، فضلاً عن مكافأة الروائي أو الكاتب الذي يقضي حياته كلها محنياً على المكتب دون أن يلقى تقديراً أدبياً من جماهير أخرى غير جماهير قراءة الأدب".
وقالت الكاتبة المصرية أمل صقر، إن هذه المبادرة جميلة جداً وسوف تشجع على الإبداع والابتكار في كتابة القصة الفترة المقبلة، كما أن تحويل الأعمال الروائية إلى أفلام سينمائية أو إلى مسلسلات تليفزيونية يمثل ظاهرة إيجابية بوجه عام، مشيرة إلى أنه في كثير من الحالات، يكون الفيلم أو المسلسل أقل على المستوى الفني من الرواية المأخوذ عنها لكنه يمنحها انتشاراً أكبر. وتابعت صقر: "لا توجد قاعدة ثابتة بشأن نجاح المسلسل أو العمل الدرامي المأخوذ عن نص أدبي، فمن الممكن أن تكون الرواية ضعيفة والعمل الدرامي الخاص بها قوياً، أو تكون الرواية قوية ويكون العمل الدرامي الخاص بها ضعيفاً، فنجاح المسلسلات المأخوذة عن نصوص أدبية يتعلق بالتناول والمعالجة، وحرفية الكتابة والحوار والصراعات الدائرة بين الأبطال.
وثمّنت الكاتبة عائشة عبدالله مبادرة «أرى روايتي»، وقالت: "هذه نافذة جديدة للأدب السردي يمكن أن تصل به إلى عدد أكبر من الجمهور، وهي مبادرة تعبر عن اهتمام بالنصوص الروائية المحلية وبلا شك ستؤثر إيجاباً في حجم ونوعية المنتج في المستقبل القريب والبعيد، وهناك العديد من الكتاب الذين توقفوا إما بسبب عدم توافر الظروف المحفزة أو لأي أسباب أخرى، ولكن هذه المبادرة يمكن أن تستعيدهم. وفي تقديري، أن تحويل أعمالنا السردية سواء الروائية أو القصصية إلى مسلسلات تلفزيونية سيثري المكتبة التلفزيونية، فالإنتاج السردي الإماراتي تطور كثيراً في السنوات الأخيرة، ولدينا العديد من الأسماء الروائية التي قدمت مقاربات إبداعية في غاية الأهمية لموضوعات وشواغل المجتمع سواء في الماضي أو الحاضر، ومن المهم أن يطلع عليها الجمهور من غير قراء الرواية.. وهي تعتقد أنه لا بد من توافر صيغة للتواصل بين الكتّاب ومبادرة «أرى روايتي» وتقترح أن يقوم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات أو أي مؤسسة رسمية بدور الوسيط والتنسيق بين الكتّاب والشركة.
وعبر الروائي علي الحميري عن سعادته بهذه المبادرة، وقال إنه لطالما حلم بأن تتحول النصوص الروائية السردية الإماراتية إلى أعمال تلفزيونية، راجياً ألا تقع المبادرة في فخ «الشللية» و«لجان الارتباط والمصلحة» في اختياراتها من الأعمال المستحقة لامتياز تقديمها كدراما، وقال الحميري: "لقد سعيت شخصياً إلى هذا الأمر وهو من أحلامي القديمة، ففي عالم اليوم صناعة الدراما التلفزيونية في كل أنحاء العالم ترتكز بشكل أساس على النصوص الروائية والقصصية والكتّاب الذين نعرفهم اليوم من أوروبا وأمريكا كلهم مروا عبر هذه الدورة «نص ورقي ثم دراما تلفزيونية، فشهرة وشعبية». وأكد الحميري أن الذاكرة السردية الإماراتية غنية بالتجارب المبدعة، مشيراً إلى أن ما يقدم الآن من مسلسلات في تلفزيونات الدولة لا يعكس المجتمع الإماراتي، وقال: "هل هذا هو المجتمع الإماراتي الذي نعرفه.. لا.. ليس هو.. قصصنا مكتوبة في رواياتنا أما كتّاب التلفزيون اليوم فلقد أنهكتهم الوظيفة والتكرار والروتين والمقاولات"!
وتقول الروائية مريم الغفلي: "أسعدني الخبر، وأعتقد أن الفكرة ممتازة لكل كاتب رواية، لأن الأوان قد آن لتسليط الضوء على الأعمال الروائية المحلية وتحويلها إلى دراما، وهذه الفكرة ستخلق بالتأكيد حراكاً ثقافياً، كما أوجدت الجائزة العربية للرواية العالمية (البوكر العربية) حراكاً ثقافياً وتنافساً محموداً بين جميع المشتغلين بالكتابة الروائية"، مبينة أن الفكرة ستوجد حساً انتقائياً لدى المشتغلين على تحويل الأعمال الروائية الصالحة لأعمال درامية، مؤكدة أن العمل الدرامي يجب أن ينبت من هذه الأرض وبأيدي أبنائها وبناتها لأنهم الأدرى بتفاصيل المكان وساكنيه. وترى الغفلي أن العمل الدرامي إذا واكب ذائقة المجتمع وما يرغب به ويرجوه من الدراما، عبر الاعتماد على الأعمال الروائية المحلية، سيعطي مصداقية لهذه الدراما.
وتقول الروائية فاطمة المزروعي: "مبادرة «أرى روايتي» التي أعلنت عنها شركة أبوظبي للإعلام مبادرة هادفة، وسوف تحفز الأقلام الإماراتية على الإنتاج والكتابة وتعزز روح المبادرة والمعرفة وإنتاج أعمال تتلاءم مع البيئة والوضع الاجتماعي في الإمارات، خاصة أننا نطمح دائماً ونأمل في رؤية أعمال درامية كتبت بأيدٍ إماراتية تعكس البيئة الإماراتية في مجملها من حياة اجتماعية واقتصادية وغيرها، لأن كثيراً من الأعمال التي تعرض على شاشاتنا هي أعمال تم جلبها من الخارج، وهي في الحقيقة أغلبيتها لا تمثلنا ولا تمثل عاداتنا ولا تقاليدنا ولا تعكس حياتنا كما أصبحنا نشعر بالرتابة والملل من تكرار بعض المسلسلات التي أصبحت تشبه بعضها في محتواها. وتابعت المزروعي "إنها تتوقع في الفترة المقبلة حماساً قوياً سوف تبرزه المبادرة، حيث إن هناك أعمالاً كثيرة لم تقرأ ولم يتم طرحها وقراءتها ونقدها، وهذه المبادرة ستكون بمثابة كشاف قوي على إبراز المواهب الحقيقية الإماراتية.
وقال الدكتور حمد الحمادي مؤلف رواية «ريتاج» التي تم تحويلها إلى مسلسل «خيانة وطن»: "برأيي إن تحويل الرواية إلى دراما يتيح للفكرة انتشاراً أوسع، كما أنه يعتبر فرصة لتوسيع التفاصيل بحكم أن 30 حلقة -على سبيل المثال- تتيح نطاقاً معرفياً أكثر من 300 صفحة في الرواية. إلا أننا يجب أن نتفق أن أي رواية جيدة ليس بالضرورة أن تصلح لتتحول إلى عمل درامي، لأن هناك قصصاً لا يمكن تصويرها درامياً أو ربما مكوناتها مبنية على الأحداث المكتوبة لا المصورة.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA=
جزيرة ام اند امز