20 نوفمبر يوما وطنيا لعُمان.. قرار سلطاني يبرز العمق التاريخي للبلاد
قرار سلطاني بأن يكون يومُ العشرينَ من نوفمبر/تشرين الثاني من كلِّ عام يوماً وطنياً لسلطنةِ عُمان.
قرار أعلنه سُّلطان عمان هيثم بن طارق خلال خطاب ألقاه السبت، بمناسبة الذكرى الخامسة لتوليه مقاليد الحكم.
قرار أعاد بموجبه إبراز العمق التاريخي والحضاري للسلطنة، لتتعرف الأجيال الحالية على الجذور التاريخية لبلادهم وتكريما للأسرةُ البوسعيديّة التي تحكم السلطنة منذ 281 عاما والإمامِ المؤسّسِ أحمدَ بنِ سعيدٍ البوسعيدي الذي تولى مقاليد الحكم عام 1744م.
خطاب السلطان
وقال السلطان هيثم بن طارق في خطابه "إنّهُ لمن دواعي سُرورِنا وتكريمًا لأسلافِنا من السلاطين واستحضارًا ليومٍ مجيدٍ من تاريخِ عمانَ الحافلِ بالأيامِ المشرقةِ أن نُعْلِنَ في هذا المقام بأن يكونَ يومُ العشرينَ من نوفمبر/تشرين الثاني من كلِّ عامٍ يومًا وطنيًّا لسلطنةِ عُمان ".
وبين أن ذلك اليوم "هو اليومُ الذي تشرَّفتْ فيه الأسرةُ البوسعيديّة بخدمةِ هذا الوطنِ العزيز منذُ العامِ (1744م) على يدِ الإمامِ المؤسّسِ السّيِّد أحمدَ بنِ سعيدٍ البوسعيدي الذي وحَّدَ رايةَ الأمَّــةِ العُمانيــةِ وقـادَ نضالَهـا وتضحياتِهـا الجليلةِ في سبيلِ السّيادةِ الكاملةِ على أرضِ عُمان والحريّةِ والكرامةِ لأبنائِها الكرام وجاءَ من بعدِهِ سلاطينٌ عِظام حملوا رايَتَها بكلِ شجاعةٍ واِقتدار وأكملُوا مسيرَتَها الظافرة بكلِ عزمٍ وإصرار.".
وقال :"إن احتفاءَنا بهذا اليومِ إنما هو تخليدٌ لسِيَرِهم النبيلة ومآثرِهم الجليلة والتزامٌ أكيدٌ منّا بالمبادئ والقِيَمِ التي شَكَّلتْ نسيجَ أُمَّتِنا العُمانية نصونُ وحدَتَها وتماسكَها ونسهرُ على رعايةِ مصالحِ أبنائِها رافضينَ أيَّ مساسٍ بثوابتِها ومقدَّساتِها.".
وأكد تمسكه بالسير على نهج أسلافه من السلاطين في مواجهة التحديات لنهضة الوطن، قائلا إنه "لم تكن التحدّياتُ يومًا عائقًا في طريقِ أسلافِنـا لتأسيسِ دولةٍ شهِدَ لها العالمُ بالسّيادةِ والرّيادة، ولن تكــونَ لنــا إلا دافعــًا للبناءِ على ما أسّسوا سائرينَ على هَدْيٍ من ثوابتِنا الحضاريةِ الراسخة، نتقدمُ بثقةٍ في سبيلِ الوصولِ بهذا البلدِ العظيمِ إلى مكانتِه الأسمى التي يستحق".
ودعا سلطان عمان في كلمته "كافةَ دولِ العالم للتضافرِ من أجلِ بناءِ عَالَمٍ تسودُهُ قيمُ الإنسانيةِ والعدالةِ، تُحترَمُ فيهِ مُقدَّساتُ كـلِّ أمَّةٍ وهُويَّتُها ودينُها ومعتقداتُها وأخلاقُها، وكرامةُ الإنسانِ فيه مُصانةٌ وحقوقُهُ مكفولةٌ في عالَمٍ ينشأُ شبابُه في توازنٍ وانسجامٍ بين أساسهِ الروحيِ ومتطلّباتِهِ المـاديـّةِ".
واحتفي العمانيون السبت بالذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في 11 يناير/كانون الثاني عام 2020، خلفًا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
وبعد قرار السلطان هيثم بن طارق ستحتفل سلطنة عمان خلال العام الجاري للمرة الأولى بيوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني يومًا وطنيًّا للبلاد.
وكانت عُمان تحتفل بعيدها الوطني في 18 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
الأسرة البوسعيدية
وتمثل مبايعة الإمام أحمد بن سعيد الذي كان واليا على صحار وما حولها في عام 1744م بداية لحقبة جديدة في التاريخ العُماني، استمرت بمراحلها المختلفة على امتداد نحو 281 عامًا حتى الآن.
وتولي الإمام أحمد بن سعيد الإمامة في عُمان نزولا عند رغبة أهل الحل والعقد في عُمان في ذلك الوقت بالنظر لمواقفه وشجاعته وبخاصة في تخليص البلاد من الغزاة الفرس.
وقد شهدت البلاد ولأول مرة في عهد الإمام أحمد بن سعيد الذي أسس الدولة البوسعيدية نوعا من السلطة المركزية بعد أن تمكن من توحيد القبائل المتناحرة، وبادر باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترسيخ قواعد الدولة وإعداد قوات مسلحة تتناسب والتحديات التي تواجهها عُمان.
ثم قام بتحديث الأنشطة الاقتصادية وامتلك أسطولا حربيا وتجاريا، وفي عهده حافظت مسقط على مكانتها كإحدى أهم المدن التجارية في المنطقة وغدا ميناؤها من أهم الموانئ التجارية التي ترتاده السفن الأوروبية.
وبعد أن توفي الإمام أحمد بن سعيد في الرستاق سنة 1189هـ/1775م والتي كانت عاصمة له، خلفه عدد من الأئمة والسلاطين البارزين الذين حافظوا على استمرار حكم أسرة البوسعيد وفي عهد حفيده حمد (1193هـ/1779م ـ 1207هـ/1792م) انتقلت العاصمة من الرستاق إلى مسقط لتستقر فيها حتى الآن.
واستمرت أسرة البوسعيد في الحكم منذ منتصف القرن الثامن عشر وحتى الآن وصولا للسلطان هيثم بن طارق وهو سليل الأسرة البوسعيدية العريقة، هو ابن عم السلطان الراحل قابوس بن سعيد وزوجته هي السيدة عهد بنت عبدالله بن حمد البوسعيدية، ولدت في محافظة مسقط، لأسرة عريقة يعود نسبها من والديها إلى الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، مؤسس الدولة البوسعيدية.
مستقبل واعد
ويحتفي العمانيون هذه الأيام بالذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التي تتجاوز هام السحاب وتحققها بلادهم على مختلف الأصعدة.
إنجازات في مختلف المجالات تأتي في إطار الرؤية المستقبلية «عُمان 2040»، التي تتضمن قواعد وأسسا لنهضة عمان المتجددة التي وضع أبرز ملامحها السلطان هيثم بن طارق، عقب توليه الحكم في مثل هذا اليوم 11 يناير/كانون الثاني عام 2020، خلفًا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
وفيما يُعد السلطان قابوس مؤسس نهضة عمان الحديثة، فإن خلفه هيثم بن طارق أسس عقب توليه الحكم مرحلة أخرى من نهضة عُمان المتجددة.
وتعهد السلطان هيثم بن طارق في خطابه أمس السبت بمواصلة مسيرة الإنجازات، قائلا "شهدت الأعـوامُ المـاضيةُ انطلاقةَ رؤيةِ عُمان 2040 رؤيةِ العُمانيين جميعًا وطريقِهم الواضحِ نحو المستقبل ولقد حققنا -بحمدِ الله وتوفيقه- أهدافَ هذه المرحلةِ من عُمرِ النهضةِ المتجدِّدة حيث شهدنا -بفضله تعالى- التحسُّنَ المستمرَّ في العديدِ من المـؤشّراتِ الوطنيةِ والدولية والتي ما كانت لتتحقّقَ لولا تكاتُفُ الجميعِ ومساندةُ أبناءِ هذا الوطنِ جميعًا لجهودِ الحكومةِ ومساعيها".
وتابع :"وسنعمل على مواصلةِ هذا التقدمِ في الأعوامِ القادمةِ - بإذن الله تعالى - بما يُحسِّنُ الخدماتِ المقدّمةِ للمواطنين لتصبحَ في مستوى الجودةِ والكفاءةِ التي يتطلّعون إليها وبما يتيحُ لهم المجال للإسهامِ في تطويرِ منظومةِ الخدماتِ العامة التي نريدُ لها أن تكونَ مجالًا حيويًّا للتميُّزِ الحكومي وركيزةً من ركائزِ التنافسيةِ، وقـد حَرصْنَــا على أنْ يترافقَ هذا التحسّنُ مع التوسّعِ في خدمات البنيةِ الأساسيةِ والمرافقِ الصحيةِ والتعليميةِ وتطويرِ المدنِ المتكاملةِ والمشاريـعِ الاستثماريـةِ الكبرى كلما أتاحتْ لنا الإمكانياتُ الماليةُ ذلك كما وضعنا الأسسَ لنظامِ إدارةٍ محليّة يُسهِمُ في تسريعِ تنميةِ المحافظات وبناءِ قاعدةٍ اقتصاديّةٍ واعدةٍ فيها وتطويرِ شراكةٍ شـاملةٍ مع الـمجتمع".
وابتهاجا بتلك المناسبة، أعلن السلطان هيثم بن طارق عن مكرمة لدعم بعض النواحي الاجتماعيّة والاقتصاديّة بمبلغ وقدره 178 مليون ريال عُماني يستفيد منها أكثر من 100 ألف مواطن.
aXA6IDEzLjU4LjEwNS44MCA= جزيرة ام اند امز