سلطنة عُمان تحتفل بعيدها الوطني الـ54.. إنجازات تتجاوز هام السحاب
تحتفل سلطنة عُمان، الإثنين، بعيدها الوطني الـ54، وهي تحقّق إنجازات تتجاوز هام السحاب، تحت قيادة السُّلطان هيثم بن طارق.
إنجازات تتواصل من الأرض إلى الفضاء، وتشمل مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والصحة والتعليم وغيرها، فقبل أيام، افتتح السلطان هيثم بن طارق، مستشفى المدينة الطبيّة للأجهزة العسكريّة والأمنيّة بمسقط الذي يعد صرحا طبيا شاملا.
وفي اليوم نفسه، تم إطلاق أول قمر صناعي عُماني مسجل باسم السلطنة لدى المنظمة الدولية للاتصالات (ITU)، ويختصُّ بتقنيات الاستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض، ومُعزز بتقنيات الذّكاء الاصطناعي.
إنجازات تحققت في وقت تتعاظم فيه مكانة السلطنة الدولية وتتزايد ثقة العالم في دبلوماسيتها الحكيمة، الأمر الذي توج في يوليو/تموز الماضي بتعيين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الدكتور محمد الحسّان من سلطنة عُمان، ممثلاً خاصاً له في جمهورية العراق، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، وذلك بعد شهر من انتخاب سلطنة عمان، عضوا في اللجنة المعنية بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة بالأمم المتحدة للفترة من (2025-2028).
أيضا يحل الاحتفال فيما تمضي السلطنة قدما في تعزيز العلاقات الثنائية مع دول المنطقة والعالم، وعلى رأسها دولة الإمارات التي تشهد علاقاتها مع سلطنة عُمان نقلة نوعية، خصوصا بعد الزيارتين التاريخيتين المتبادلتين لكل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، للسلطنة في سبتمبر/أيلول 2022، وزيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق للإمارات في أبريل/نيسان الماضي.
ذكرى مهمة.. وقيم نبيلة
وتحتفل عُمان بعيدها الوطني في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي يوافق يوم مولد سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، لما شهدته البلاد في عهده من نهضة وتطور في مجالات شتى، فيما بدأ الاحتفال به قبل 54 عاما مع تولي السلطان قابوس الحكم عام 1970.
وكان قابوس قد أعلن عقب توليه الحكم بدء انطلاق مسيرة نهضة السلطنة العمانيّة، وعلى أثرها بدأت مرحلة بناء الدّولة الحديثة.
وبعد توليه مقاليد الحكم في 11 يناير/كانون الثاني 2020، وجه السلطان هيثم بن طارق باستمرار يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني يومًا وطنيًّا للنهضة تحتفل به السلطنة كل عام، في لفتة طيبة تعبِّر عن أصدق مواقف الوفاء والصدق وأنبل المشاعر تجاه السلطان الراحل.
وفيما يعد السلطان قابوس مؤسس نهضة عمان الحديثة، فإن خلفه هيثم بن طارق أسس عقب توليه الحكم مرحلة أخرى من نهضة عُمان المتجددة، وضع بعض ملامحها في "رؤية عُمان 2040".
رؤية 2040.. مؤشرات وإنجازات
وضمن احتفال السلطنة بالعيد الوطني 54، يرعى السُّلطان هيثم بن طارق، الإثنين ، العرض العسكريَّ الذي سيُقام في ميدان الاستعراض العسكري بمعسكر الصُّمود بقوّة السُّلطان الخاصّة بتلك المناسبة.
ويأتي الاحتفال في وقت تحقق فيه السلطنة نجاحات مختلفة في مستهدفات الرؤية الوطنية لسلطنة عُمان "رؤية عُمان 2040".
وأظهر التقدّم الذي حقّقته سلطنة عُمان في العديد من المؤشرات العالمية في أولويات رؤية "عُمان 2040" الطموحات الواعدة وإبراز تطلُّعاتها المستقبلية لتكون في مصاف الدول المتقدمة مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به لمواكبة التطوّر والتقدم، ومن بين هذه المؤشرات:
- حققت سلطنة عُمان تقدّما في مؤشر الإعلام للعام الثاني على التوالي لتحلّ في المرتبة الـ40 عالميًّا بعد تقدّمها 6 مراتب ضمن مؤشر القوة الناعمة العالمي الصادر عن مؤسسة "براند فاينانس" البريطانية لعام 2024 مقارنة بالمرتبة الـ46 في عام 2023، وتقدّمها في مؤشرات فرعية أخرى، منها تقدُّمها 10 مراتب في مؤشر المستقبل المستدام و5 مراتب في التأثير الإيجابي.
- حققت سلطنة عُمان تقدمًا نوعيًّا في مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024 الذي أعلنه مركز السياسات والقوانين البيئية بجامعة يِيل الأمريكية بتقدمها 99 مركزًا عن التصنيف السابق للعام 2022 (حيث كانت في المركز الـ149 عالميًّا)، لتتبوأ المركز الـ50 عالميًّا، في تصنيف 2024.
وعلى طريق تحقيق أهداف وأولويات الرؤية تم افتتاح العديد من المشروعات الهامة خلال العام الجاري في مجالات شتى، من أبرزها:
- افتتاح مشروع مصفاة الدّقم والصناعات البتروكيماوية بالمنطقة الاقتصادية الخاصّة بالدقم، الذي يعد أكبر مشروع استثماريٍّ مشتركٍ بين سلطنة عُمان ودولة الكويت مدمجٍ بين مجموعة أوكيو العُمانية وشركة البترول الكويتية العالمية برأس مالٍ جَاوز ثلاثة مليارات ونصف مليار ريال عُمان فبراير/ شباط الماضي.
- وضع حجر الأساس لـ"مجمع عُمان الثقافي"، في يناير/ كانون الثاني الماضي بمرتفعات المطار بمحافظة مسقط، ليكون وجهة فنية وثقافية بمستويات عالية وإنجازًا حضاريًّا وثقافيًّا وعلميًّا وفكريًّا، وكيانًا مؤسسيًّا يُمثّل صرحًا من صروح النهضة المتجددة، ويجمع ثلاث مؤسسات وطنية مهمة في منشأة واحدة، هي (المسرح الوطني، والمكتبة الوطنية، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية)، ليكون بمثابة مساحة حيوية مخصّصة لجمع وحفظ وعرض الفنون والثقافة الحيّة والتاريخية والمعاصرة في سلطنة عُمان.
- إطلاق سلطنة عُمان ممثلةً بشركة "عدسة عُمان" 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أول قمر صناعي عُماني مسجل باسم سلطنة عُمان لدى المنظمة الدولية للاتصالات، ويختصُّ بتقنيات الاستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض، ومُعزز بتقنيات الذّكاء الاصطناعي.
وتنضم سلطنة عُمان رسميًّا مع الإطلاق الناجح لهذا القمر لمجال تكنولوجيا الفضاء، وهو أول قمر صناعي بصري متقدم للحوسبة بالذكاء الاصطناعي طُوِرَ محليًّا، كما أنه الأول في كوكبة أقمار صناعية تهدف إلى تزويد سلطنة عُمان بقدرات متطورة لرصد الأرض، ويُبرز هذا الإنجاز التزام سلطنة عُمان بالابتكار التكنولوجي والحلول المعتمدة على البيانات من أجل التنمية الوطنية.
- افتتاح مستشفى المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية بمسقط في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، الأمر الذي يشكل إضافةً إلى جهود سلطنة عُمان في القطاع الصحي وإضافةً للمدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية لتقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية.
- بناء 9 مستشفيات حاليًّا بأعداد أسرّة تزيد على 1660 سريرًا، وتوسعة 5 مستشفيات مرجعية أخرى، ومواكبة لمتطلبات الرعاية الصحية الأوليّة وتقديم الخدمات الصحية الأساسية، يتمُّ حاليًّا إنشاء واستبدال وتوسعة 15 مؤسسة رعاية صحية أوليّة، بالإضافة إلى إنشاء 9 وحدات لغسيل الكلى.
- صدور قرار سلطاني في فبراير/ شباط الماضي بإنشاء المدينة الطبية الجامعية لتسهم في تعزيز سياسة الحكومة بشأن تطوير القطاع الصحي في سلطنة عُمان والنهوض به، وتوفير الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين وفق المعايير الوطنية والعالمية، لاسيما أنها تضم مستشفى جامعة السُّلطان قابوس والمركز الوطني العُماني لعلاج أمراض الدم وزراعة النخاع ومركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان.
- المضي قدما في تنفيذ مشروع مدينة السُّلطان هيثم أول مشروع ذكي ومستدام بصفته مدينة متكاملة في سلطنة عُمان بمساحة تبلغ 14 مليونًا و800 ألف متر مربع، وتضم حوالي 20 ألف وحدة سكنية تتوزّع على 19 حيًّا متكاملًا بمختلف المرافق والخدمات.
-افتتاح 16 مبنى مدرسيًّا جديدًا في عدد من المحافظات، والبدء في تشييد 15 مبنى مدرسيًّا، وطرح مناقصات لـ 20 مبنى مدرسيًّا جديدًا.
إنجازات اقتصادية
على الصعيد الاقتصادي، تمكّنت السلطنة من تحسين أدائها الاقتصادي والمالي وخفض المديونية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وبلغة الأرقام:
- سجلت الإيرادات العامة للدولة حتى نهاية أغسطس/آب 2024 نحو 8 مليارات و106 ملايين ريال عُماني، مرتفعةً بنحو 183 مليون ريال عُماني مقارنة بتسجيل 7 مليارات و923 مليون ريال عُماني في الفترة ذاتها من عام 2023.
- حققت الميزانيةُ العامة للدّولة حتى شهر أغسطس/آب 2024 فائضًا بنحو 447 مليون ريال عُماني مقارنة بفائض قدره 773 مليون ريال عُماني خلال الفترة نفسها من عام 2023.
- انخفاض محفظة الدَّيْن العام بنهاية الربع الثالث من عام 2024 إلى 14.4 مليار ريال عُماني مقارنة بـ 20.8 مليار ريال عُماني في عام 2021.
- ارتفع عدد السياح إلى ما يقارب 4 ملايين سائح في عام 2023 بزيادة قدرها 36.7 بالمائة مقارنة بعام 2022، في حين بلغ عدد الزوار القادمين إلى سلطنة عُمان بنهاية النصف الأول من العام الجاري حوالي مليوني زائر بنسبة زيادة بلغت 3.2 بالمائة، وبلغ عدد المنشآت الفندقية نحو 895 منشأة تضم 34 ألفًا و378 غرفة فندقية.
تصنيفات دولية
ويحتفي العمانيون بالعيد الوطني الـ54 في وقت تمضي فيه بلادهم قدما لتنفيذ الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، وسط تفاؤل بمستقبل زاهر لبلادهم تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق.
تلك النظرة التفاؤلية تعززها، مشروعات تنموية في مختلف المجالات تهتم بالشباب والمرأة والطفل ومختلف فئات المجتمع، وتؤكدها مؤشرات دولية ، حيث تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان من قبل وكالات التصنيف الائتماني كما يلي:
- رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيفها الائتماني الثاني عن سلطنة عُمان إلى BBB-" " من BB+" " مع نظرة مستقبلية مستقرة.
- عدّلت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من نظرة مستقرة إلى نظرة إيجابية مع تأكيد التصنيف الائتماني عند"Ba1".
- تقدّمت سلطنة عُمان في العديد من المؤشرات الدولية لتحقق قفزات نوعية في بعضها، حيث ارتفعت 39 مرتبة في مؤشر الحرية الاقتصادية 2024 الصادر عن مؤسسة "هيرتج فاونديشن" لتحل في المرتبة الـ 56 عالميًّا بعد أن كانت في المرتبة الـ 95 عالميًّا في عام 2023، وفي مؤشر ريادة الأعمال جاءت في المركز الـ 11 عالميًّا متقدّمة 27 درجة عن ترتيبها في عام 2022/ 2023.
تعزيز العلاقات الدولية
على صعيد السياسة الخارجية، تقدم سلطنة عُمان بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق نموذجًا عالميًّا يُحتذى، عبر الالتزام بثوابت سياستها الخارجية القائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وإرساء نظامٍ عادلٍ لتبادل المنافع والمصالح، وعلى إقامة أسس الاستقرار والسلام والإسهام فيها بإيجابية، وأن يكون الحوار والتسامح منهجًا لمعالجة كل القضايا والتحدّيات لتحقيق السلام وعلاقات تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي والوئام بين الدول.
تطبيقا لتلك الثوابت، واصلت سلطنة عُمان مدّ جسور التعاون وترسيخ مبدأ الصداقة والتواصل وتوطيد العلاقات مع دول العالم وتمثّل ذلك في زيارة السُّلطان هيثم بن طارق لعددٍ من الدول الشقيقة والصديقة، كان أبرزها زيارته التاريخية لدولة الإمارات في أبريل/ نيسان الماضي.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مع أخيه السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان مباحثات هامة تناولت العلاقات الأخوية ومختلف أوجه العلاقات بين البلدين خاصة المسارات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية التي شهدت نقلات نوعية خلال السنوات الماضية بما يخدم الأولويات التنموية ويعزز ازدهار البلدين.
كما بحث الزعيمان العمل الخليجي المشترك في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة وأهمية تعزيزه بما يحقق المصالح المتبادلة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشعوبها ويساهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها.
وبحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعمل على احتواء التوترات فيها ومنع تصاعدها لما ينطوي عليه ذلك من تهديد خطير لأمنها واستقرارها، بجانب أهمية ضبط النفس وتغليب الحكمة لتجنيب المنطقة أزمات جديدة تؤثر في الجميع وتعيق جهود التعاون والتنمية لمصلحة شعوبها.
أيضا قام السلطان هيثم بن طارق بزيارات إلى جمهورية الهند، وجمهورية سنغافورة، والمملكة المتحدة، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، ودولة الكويت، والمملكة الأردنية.
كما قام عدد من قادة الدول بزياراتٍ إلى سلطنة عُمان مثل فرانك فالتر شتاينماير رئيس ألمانيا، والشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ، وآلان بيرسيه رئيس الاتحاد السويسري، وعبد المجيد تبون رئيس الجزائر، وشهِدت الزيارات التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مختلف المجالات.
ويحتفي العمانيون بالعيد الوطني الـ54 لبلادهم، وسط امتنان وتقدير للسلطان هيثم بن طارق قائد النهضة المتجددة التي تشهدها البلاد، وسط تفاؤل بمستقبل زاهر في ظل النهضة الواعدة التي تشهدها بلادهم.