الإمارات وسلطنة عُمان.. قمم القادة تعزز علاقات تاريخية
زيارة تحمل أهمية خاصة بدأها سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى دولة الإمارات، في خطوة تتوج علاقات تاريخية تعززها قمم القادة.
وتأتي زيارة الدولة، تلبية لدعوة وجهها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للسلطان هيثم بن طارق، ما يختزل أهميتها في مضمونها وتوقيتها ودلالاتها وحجم ومكانة الضيف والمضيف وثقل بلديهما.
أهمية خاصة تحملها تلك الزيارة لأسباب عدة تسلط "العين الإخبارية" الضوء على أبرزها في السطور التالية:
أول زيارة
تعد الزيارة الأولى بصفتها "زيارة دولة" التي يقوم بها السلطان هيثم بن طارق لدولة الإمارات منذ توليه مقاليد الحكم في 11 يناير/ كانون الثاني 2020.
وتعد "زيارة الدولة" هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها.
وتعد أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، الأمر الذي يعبر عن حجم المكانة التي يحظى بها السلطان هيثم بن طارق لدى الإمارات قيادة وشعبا.
وسبق أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "زيارة دولة" إلى سلطنة عمان في 27 سبتمبر/ أيلول 2022، قوبل خلالها بحفاوة بالغة واستقبال تاريخي على المستويين الرسمي والشعبي.
وتبادُل الزعيمان لهذا النوع من الزيارات يحمل رسائل ودلالات حول قوة ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين، والتي تستمد جذورها من التاريخ المشترك وحسن الجوار وعمق صلات المودة ووشائج القربى التي تجمع بين شعبي البلدين.
كما يعكس الحرص المشترك للزعيمين على التشاور المستمر فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تطويرها ودفعها إلى الأمام على المستويات كافة.
ومن المنتظر أن يبحث القائدان خلال القمة التي ستجمعهما تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية ودفعها إلى الأمام، بما يلبي تطلعات البلدين ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
كما سيناقش الجانبان التطورات الخليجية والعربية والقضايا محل الاهتمام المشترك، وجهود البلدين في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
4 لقاءات في عامين
أهمية الزيارة تأتي أيضا من كون اللقاء الذي سيتم اليوم بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسلطان عمان هيثم بن طارق، الرابع بينهما منذ تولي رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/ أيار 2022.
وانعقاد 4 لقاءات في أقل من عامين يبرز عمق العلاقات الأخوية المتنامية بين البلدين.
كما أن عقد قمم متتالية ومباحثات متواصلة خلال وقت قصير، يعكس قوة وصلابة العلاقات الثنائية وحرص قيادات البلدين على التواصل المستمر والتنسيق الدائم بما يساهم في تحقيق ازدهار ورخاء البلدين.
وشارك السلطان هيثم بن طارق في لقاء أخوي تشاوري استضافه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 18 يناير/ كانون الثاني 2023.
وحضر ذلك اللقاء أيضا كل من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر ، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وبحث القادة خلال لقائهم العلاقات الأخوية بين دولهم ومختلف مسارات التعاون والتنسيق المشترك في جميع المجالات التي تخدم تطلعات شعوبهم إلى مستقبل تنعم فيه بمزيدٍ من التنمية والتقدم والرخاء.
وكان اللقاء أول تجمع دولي يشارك فيه سلطان عمان هيثم بن طارق منذ توليه مقاليد الحكم في 11 يناير/ كانون الثاني 2020، الأمر الذي يبرز تقديره للقاء وأهميته، وتقديره للقيادة الإماراتية الداعية له.
وجاء اللقاء بعد زيارة تاريخية أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى السلطنة في 27 سبتمبر/ أيلول 2022، أجرى خلالها مباحثات مع السلطان هيثم بن طارق.
كما توجت بتوقيع 16 اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الصناعة، والثقافة والإعلام، والسكك الحديدية، والتعليم والبحث العلمي، والثروات الزراعية، وأسواق المال.
وساهمت الزيارة بتحقيق نقلة نوعية في تاريخ العلاقات بين البلدين، يرتقب أن تتعزز أيضا بزيارة السلطان هيثم بن طارق للإمارات.
أيضا قام السلطان هيثم بن طارق بزيارة إلى دولة الإمارات في مايو/ أيار 2022، لتقديم التعازي في وفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
مواجهة التحديات
السبب الثالث الذي يضفي على تلك الزيارة أهمية خاصة ينبع من توقيتها، حيث تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات إقليمية ودولية تلقي بتأثيراتها الأمنية والسياسية على جميع دولها.
تحديات وتحولات تجعل المنطقة والعالم أحوج ما تكون إلى الاستماع لصوت الحكمة الذي يمثله قادة البلدين.
وإضافة لتعزيز التعاون، يرتقب أن تبحث القمة الإماراتية العمانية سبل مواجهة التحديات وتبادل وجهات النظر حول كيفية دعم قضايا الأمة.
وباتت منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن بعد هجوم إيراني استهدف إسرائيل، وضربة استهدفت أصفهان الإيرانية فيما يعتقد أنه رد إسرائيلي لم تعلن عنه تل أبيب رسميا.
وسيبحث قادة البلدين سبل مواجهة التحديات المختلفة من أجل بناء موقف متسق تجاهها يخدم مصلحة البلدين من ناحية، ويصب في مصلحة أمن المنطقة واستقرارها من ناحية أخرى ويدعم التضامن الخليجي والعربي أيضا.
تاريخ راسخ ومستقبل زاهر
سبب رابع يجعل لتلك الزيارة أهمية خاصة يكمن في أنها تعد خطوة هامة ضمن مسار تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين.
علاقات أخوية تتعزز وتترسخ في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والسلطان هيثم بن طارق.
تلك العلاقات القوية عبّر عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تصريح سابق له وصف فيه السلطنة بأنها "بلد عزيز يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإماراتيين قيادة وشعباً".
ومرت العلاقات الثنائية بين البلدين خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي ساهمت بصورة مباشرة في المضي بها قدماً.
وعقب تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 1971، حرص المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على التأسيس لعلاقات قوية وراسخة مع سلطنة عُمان الشقيقة.
وكان لدى سلطان عمان الراحل السلطان قابوس بن سعيد الرغبة نفسها في أن تكون العلاقات الإماراتية - العُمانية نموذجاً يُحتذى به على الصعيدين الخليجي والعربي، بل والدولي أيضاً.
وشكلت الزيارة التاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين.
وإثر تلك الزيارة، جرى تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
وجاءت زيارة الدولة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى سلطنة عمان في 2022، لتشكل حقبة جديدة في تاريخ العلاقات المشتركة بين البلدين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية.
وتتوج زيارة السلطان هيثم بن طارق للإمارات، العلاقات التاريخية بين البلدين، وتجسد حرص الزعيمين، على تعزيز جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما وتطويرها في إطار من المبادئ والأهداف المشتركة.
زيارة تحمل رسالة هامة مفادها بأن العلاقات الإماراتية - العُمانية لن تظل قوية فحسب بل ينتظرها مستقبل زاهر، ستمضي خلاله إلى آفاق أرحب على مختلف الأصعدة، تحت قيادة حكيمة.