لو قلت إن النظام في إيران ألقى قنبلة نووية على 82 مليون مواطن في إيران، فلن يصدقني أحد.
ولكن الحقيقة هي أن هذا النظام فعل أكثر، وجعل الإيرانيين يدفعون من حياتهم ثمن مشروع نووي لم تنفجر قنابله إلا عليهم.
الانشغال ببناء مشروع نووي ذي طبيعة عسكرية، وتمويل نشاطات تخريبية في عدد من دول المنطقة، يستنزف من موارد البلاد وطاقاتها ما كان يمكن توظيفه في تحسين أوضاع الاقتصاد الذي يقف الآن على حافة دمار شامل.
الكل يعرف أن الغاية من هذا المشروع هي أن يوفر غطاءً أمنياً لنظام الولي الفقيه، يسمح له بالتمدد خارج البلاد. فحكومات الفساد ومليشيات إيران في العراق، على سبيل المثال، كانت كفيلة بدفع هذا البلد إلى حافة الإفلاس رغم أنه كسب من عائدات النفط ما يتجاوز تريليون دولار خلال الـ18 عاماً الماضية من هيمنة إيران عليه.
وقد يقال إن العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين يدفعون ثمن تأثيرات عدة قنابل نووية ألقيت على بلدانهم بسبب الدور الإيراني فيها، إلا أن الإيرانيين هم الضحية الأولى في الواقع.
يعيش في إيران ما لا يقل عن أربعين مليون إنسان "أو ما يعادل 50% من مجموع السكان" تحت خط الفقر المطلق. فبينما كان 18% من سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر المطلق في عام 2011، وفقًا للإحصاءات الرسمية، فقد زاد هذا المعدل في عام 2018 إلى نحو 24%، وفي عام 2019 وصل إلى 35%. ما لم يكن ذلك من تأثيرات قنبلة نووية ألقيت على معيشة الناس وحياتهم، فلن يعرف أحد ما هي القنبلة النووية حقاً.
وكما يحدث بعد إلقاء قنبلة نووية، فإن قدرة الناس على الحصول على الطعام تتضاءل بشدة. وهذا ما يحدث الآن في إيران.
تقرير لمركز الإحصاء الإيراني حول نفقات الأسرة يقول "إن استهلاك اللحوم الحمراء انخفض إلى 65%، والأرز إلى نحو 35%، كما تهدد أرقام التضخم الثلاثية لبعض المواد الغذائية بحذف منتجات الألبان والبقوليات من مائدة الأسر الإيرانية".
ويقدر خط الفقر المدقع بعشرة ملايين تومان شهرياً بينما يتقاضى ملايين العمال، بحسب حميد رضا إمام قلي تبار، مفتش المجلس الأعلى لممثلي العمال، ثلاثة ملايين تومان شهرياً.
وأقر الناطق باسم حكومة طهران علي ربيعي، مؤخراً، بأن أكثر من 60 مليون إيراني بحاجة إلى مساعدات معيشية.
وفي تقرير صدر في يوليو الماضي، قال مركز الإحصاء الإيراني إن عدد العاطلين في البلاد زاد 2 مليون في 90 يوماً.
وبينما زعمت الحكومة الإيرانية أنّ معدّل البطالة في البلاد خلال الربع الأول من عام 2020 بلغ 9.8%، فإنّ تقريراً لمركز أبحاث البرلمان الإيراني كشف أنّ معدل البطالة الحقيقي هو 24% أو ما يقارب ربع مجموع الأيدي العاملة في البلاد البالغ 26 مليوناً.
الفشل الحكومي لم يقتصر على إلقاء قنبلة نووية على الاقتصاد، ولكنه ألقى قنبلة أكبر بكثير على حياة الناس مباشرة.
رسمياً، توفي من جراء وباء كورونا نحو 70 ألف إنسان من مجموع نحو مليونين ونصف المليون إصابة. ولكن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بخمس مرات إلى عشر مرات، بحسب تصريحات مسؤولي الصحة، أو ما قد يصل مجموعه إلى ما بين 350 و700 ألف إنسان.
قنبلة هيروشيما أوقعت 140 ألف قتيل، بينما أوقعت قنبلة ناكازاكي 80 ألف قتيل، خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن الولي الفقيه ألقى ضد مواطني بلاده ما يصل في عدد ضحاياه إلى أربعة قنابل ذرية على السكان، في هذا الجانب بمفرده.
وخلال هذه الأيام أقرّ علي رضا رئيسي، المتحدث باسم مقر مكافحة كورونا، بوجود زيادة في الوفيات تبلغ 48% خلال أسبوع. وقال إن انتشار كورونا يتزايد في 25 محافظة، و"يرتفع بشدة" في سبع محافظات، منها طهران.
وبينما تبحث دول العالم عن كل فرصة للحصول على لقاحات، فقد أصدر المرشد الأعلى فتوى تمنع طلب اللقاحات من "الدول الإمبريالية"، وذلك لكي يترك الإيرانيين يموتون بفشل حكومته واستهانتها بإجراءات الوقاية.
سوف يُلقى باللوم طبعاً على العقوبات الاقتصادية، ولكن هذه مجرد كذبة بحجم قنبلة نووية أخرى، فمن مجموع 42 عاماً من عمر هذا النظام، لم تقع إيران تحت عقوبات مشددة، بما يشمل عائدات النفط، إلا لثلاث سنوات، اعتباراً من مايو 2019.
معظم الأموال التي جنتها إيران خلال أربعة عقود، ذهبت لتمويل مشاريع تسلح ومليشيات، ومفاعلات، لم تنفجر في أحد غير الإيرانيين أنفسهم. وهي تتركهم اليوم جياعاً وفقراء وعاطلين وبلا مستشفيات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة