مغامرة الذكاء الاصطناعي في عالم الطاقة النووية
مع صعود الذكاء الاصطناعي، وتزايد الطلب على الطاقة اللازمة لهذا القطاع الحيوي تتجه الأنظار نحو الطاقة النووية التي تعتبر ملاذا نموذجيا للقطاع.
بعد عقود من الركود في الغرب، شهد هذا العام اندفاعا في الطلب على محطات الطاقة النووية من شركات التكنولوجيا الضخمة، مثل غوغل وأمازون وميتا ومايكروسوفت، التي تحتاج إلى كميات هائلة من الكهرباء منخفضة الكربون على مدار الساعة لتوفير الطاقة اللازمة لتبريد وتشغيل مراكز البيانات الخاصة بها، والفوز بما تسميه إحدى الشركات داخليا "حرب الذكاء الاصطناعي".
كما ألقت أكبر البنوك في العالم بثقلها خلف الصناعة في أسبوع المناخ في نيويورك الأسبوع الماضي، في عرض عام للدعم لقطاع يبيع نفسه كجزء أساسي من الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وبحسب "فايننشال تايمز"، قال يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا، عبر حسابه على منصة "إكس"، "سيتم بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بجوار مواقع إنتاج الطاقة التي يمكنها إنتاج كهرباء منخفضة التكلفة ومنخفضة الانبعاثات بسعة ترتقي للغيغاواط بشكل مستمر، وهي محطات الطاقة النووية".
كما قال قال كريس ريس، مدير استراتيجية الطاقة في ميتا، إنه هناك شهية مفتوحة لدى عمالقة التكنولوجيا في العالم للطاقة النووية.
منافسة تتسع في قطاع الطاقة النووية
ومؤخرا كانت المنافسة في صناعة الطاقة النووية ملموسة، ففي حين كانت الصين وكوريا الجنوبية مشغولتين ببناء المفاعلات النووية في العقود الأخيرة، كان هناك انحدار ملحوظ في الولايات المتحدة وأوروبا.
وبعد بناء موجة من محطات الطاقة النووية في السبعينيات والثمانينيات لم تبن الولايات المتحدة سوى 3 مفاعلات جديدة منذ منتصف التسعينيات، حيث عانت الصناعة من تجاوزات كبيرة في التكاليف.
كما أدت الحوادث في جزيرة ثري مايل في عام 1979، وتشرنوبل في عام 1986، والزلزال والتسونامي الذي ضرب محطة فوكوشيما في عام 2011 إلى إثارة الكراهية العامة لتوليد الطاقة بهذا الشكل.
وفي الشهر الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أنها ستعيد إحياء محطة الطاقة النووية المتوقفة في جزيرة ثري مايل بولاية بنسلفانيا، بينما دفعت أمازون 650 مليون دولار في مارس/آذار لإنشاء مركز بيانات بجوار محطة الطاقة النووية سسكويهانا ستيم إلكتريك، أيضًا في بنسلفانيا.
وقال المستثمرون إن الأسعار المميزة التي ترغب شركات التكنولوجيا في دفعها قد تؤدي أيضا إلى موجة من الاستثمار في محطات نووية جديدة.
وقال آرثر هايد من "سيجرا كابيتال"، وهو صندوق تحوط استثمر في سلسلة توريد اليورانيوم، المعدن المستخدم في معظم محطات الطاقة النووية، "نحن نرى نقاطا سعرية في السوق من شأنها أن تبرر موجة البناء الجديد".
وتابع "هناك الآن التزامات حكومية بالاستثمار في الطاقة النووية الجديدة، والتزامات مالية لدعمها، ونحن نعلم أن صورة الطلب موجودة، هذه هي الالتزامات التي تحتاجها لإعطاء الضوء الأخضر لقدرة نووية جديدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وللمرة الأولى نرى كل هذه المكونات الداعمة للصناعة معًا".
وأضاف "أنا متفائل للغاية بأننا سنرى إعلانات عن قدرات نووية جديدة في الولايات المتحدة على مدى الأشهر الـ12 المقبلة".
تحديات في استخدام الطاقة النووية لتشغيل الذكاء الاصطناعي
وذكرت "فاينانشال تايمز" أنه تظل هناك تحديات هيكلية، بما في ذلك السؤال الرئيسي حول من سيكون على استعداد لتحمل المخاطر العالية للمشاريع النووية، التي قد تتغطى موعد إتمام الإنشاءات بسنوات من الموعد النهائي، وتجاوزها المليارات من الميزانية.
وقال أحد المطلعين على مركز البيانات والطاقة النووية في إحدى أكبر 3 شركات تقنية "لن ترغب شركات التكنولوجيا في امتلاك أي أصول نووية، إذا فعلوا ذلك فقد فقدوا عقولهم، هذا ليس ما يعملون من أجله".
وفي حفل عشاء لصناعة الطاقة النووية قبل أسبوع المناخ في نيويورك، حذرت كارولين جولين، رئيسة تطوير أسواق الطاقة في غوغل، من أنه لا يمكن توقع أن تتحمل شركات التكنولوجيا كل مخاطر المشروع وحدها، وفقا لشخصين حضرا الحفل.
وقال تود نو، مدير الطاقة النووية في مايكروسوفت، في ندوة الطاقة النووية العالمية في لندن الشهر الماضي، إن أقصى ما ترغب شركات التكنولوجيا في القيام به لدعم محطات الطاقة النووية الجديدة هو تقديم عقود طويلة الأجل بأسعار جيدة للطاقة.
وقد لا يكون هذا كافيا، حيث قال أحمد توكبينار، المدير العام لأعمال الطاقة النووية في شركة "الهندسة العملاقة" الأمريكية بيكتل، "إنهم يتحدثون إلينا، ويتحدثون إلى مزودي التكنولوجيا النووية، ويتحدثون إلى المرافق، لكنهم لا يريدون بناء وامتلاك وتشغيل مفاعلاتهم النووية الخاصة، بل يريدون أن يكونوا المستخدمين النهائيين".
وتابع في إشارته للشركات التقنية الكبرى "إنهم على استعداد لتقديم اتفاقيات شراء الطاقة طويلة الأجل (PPAs)، حتى مقابل علاوة، هذا رائع، لكنه لا يساعد في التطوير الأولي، فمن أين سيأتي رأس المال الذي سيساعد في تغطية المخاطر؟".
واتفاقيات شراء الطاقة هي اتفاقيات طويلة الأجل لشراء الطاقة بسعر محدد مسبقا، لكنها لا تغطي أي تجاوزات في التكاليف أو تأخيرات قد يتكبدها المشروع.
وأضاف توكبينار أنه على الرغم من إدراكه لوجود بعض المناقشات حول قيام شركات التكنولوجيا بوضع أسهم في المشاريع، فإنه قال إن أياً من هذه المناقشات لم تشهد تقدما ملموسا.
وتحاول شركات التكنولوجيا ومجموعات الطاقة النووية إيجاد صيغة تناسبها للاستفادة من الطاقة النووية كحل صديق للبيئة وفعال في تشغيل مراكز البيانات، مع تقديم البنوك المشورة لكليهما.
aXA6IDE4LjE4OS4xODYuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز