كل شيء يؤثر على الحالة التغذوية للشخص، وتبرز أهمية زيادة القيمة المضافة في الغذاء كإجراء احترازي مهم في المجتمعات التي يسيطر عليها الملاك والتجار الجشعون
عالم الغذاء والتغذية صناعة بمليارات الدولارات وضمن الصناعات الكبرى الرئيسية في العالم، ويقف خلفها تجار وأشخاص مؤثرون ومنظمات ودول ولولبيات وكارتيلات ومافيات ومنظمة فيها الأطباء والخبراء والعلماء وإعلام مسخر ومشاهير وحملات تسويقية عملاقة تستمر لعقود طويلة، وجهود جبارة لصياغة ثقافة غذائية جديدة والتأكيد على أنها نافعة للإنسان والمواد الحافظة والمثبتة والملونات فيها غير مضرة، وأنها أنتجت وصنعت في بيئات مثالية وفق المعايير الدولية. ومع تلك الصناعة الجبارة تأتي المكملات الغذائية والمأكولات الصحية والأدوية والمستشفيات، وجانب يجر الآخر في سيناريو تجاري ذكي لا يملك حياله المستهلك إلا الوقوع في الفخ طوعياً وبمحض إرادته، ولذلك نأكل وندمن على تلك المواد الغذائية، ونستخدمها بشكل مفرط، ونطبخها بالطريقة الخاطئة، ونمرض ونحتاج للدواء والمستشفيات، ونبدأ في التفكير في طعام خاص، وما يساعدنا على تعويض ما يحتاجه الجسم من قيم غذائية، تختصر في كبسولات سحرية! والحبكة طويلة جداً والإنسان العادي لا يملك حيالها فعل أي شيء.
وفي المقابل كل شيء يؤثر على الحالة التغذوية للشخص، وتبرز أهمية زيادة القيمة المضافة في الغذاء كإجراء احترازي مهم بصورة عامة في المجتمعات التي يسيطر الملاك والتجار الجشعون على أسواقها الغذائية، فأين القوانين والنظم التي تؤكد الجودة العالية من الناحية الغذائية والقيمة المضافة وليس فقط موافقة المنتج لمعايير الصحة والسلامة؟
فالمواد المستخدمة ونوعية الأكل التي تباع في المؤسسات التعليمية في معظم دول العالم العربي تلخص مأساة أمن التغذية فيها وتحدي احتكار المواد الغذائية من موردين لديهم تصنيف عالٍ من حيث الموثوقية وفق المعايير المحلية ومراقبتهم بصورة مكثفة في أول سنة على سبيل المثال وتفتيش مخازنهم سنوياً، ولكن دون وجود تكنولوجيا حديثة تضمن أن عينات من كل ما يدخل تتعرض لتدقيق، ولا نتحدث عن الصلاحية هنا فقط، بل القيم الغذائية المكتوبة والمسميات ومدى صحتها ودقتها، ولماذا لا تباع أغذية معينة في بعض الدول الأوروبية وفي دولنا هي صالحة للاستهلاك الآدمي؛ فهل الإنسان الأوروبي وصحته أهم من صحة سكان المنطقة؟ ولماذا معايير المنتجات المصدرة لأوروبا وأمريكا تكون أعلى جودة من الذي يباع في الأسواق العربية المحلية؟ ولماذا نستورد مواد غذائية من دول صراع قائم واحتمال تعرض تلك المواد الغذائية لضرر وإن كان ضمن النسب المسموح بها؟ فمن يضمن جودة الأغذية المنتجة فيها وسلامة النقل عندما تتحول بعض الفواكه لكتل شمعية إذا ما وضعت تحت المياه لفترة طويلة؟
ويوهم الإنسان العربي ويبرمج على مفاهيم ومعلومات استهلاكية مغالط بها تعمل كمعول هدم لصحة الإنسان كأن يباع نوع معين من الأسماك على أنه مفيد للقلب والدماغ والصحة العامة، ويجب أن تؤكل منه 3 وجبات في الأسبوع بالرغم أن المؤسسات البحثية المستقلة في العالم الخارجة عن سيطرة مافيا الأغذية في العالم تؤكد مدى الضرر الذي قد تسببه تلك الأسماك للإنسان إذا تناول أكثر من قطعه صغيرة بحجم كف اليد مرة واحدة في الشهر؛ كونها أسماك مزارع وتخضع لتغذية معينة وألوان معينة تعطيها اللون الذي هي عليه الآن مخالفاً لشكل لحومها في الطبيعة، وتسمى بأسماء تدل على أنه تم اصطيادها في بيئتها الطبيعة، وفي الواقع هي أسماء الشركات المصدرة وهو ما قد يكون مضللاً للمستهلك! وقس على ذلك الكثير من الأغذية المصنعة بما في ذلك العضوية منها أو ما يكتب عليها من مواد طبيعية 100% ليتجاهل المستهلك غير المثقف في التغذية السليمة نسبة السكر فيها، وكيف أن البيانات خادعة لتوحي بأن المنتجات طبيعية.
وتغيب الأدلة العلمية القاطعة على ادعاءات الشركات المنتجة لتلك الأطعمة والأشربة، ومثال على ذلك أن تمنحك بعض الأشربة قيمة غذائية معينة على الرغم من أنها مضافة إليها صناعياً، وهناك جدل محتدم في أوساط علماء التغذية حول مشروبات وأغذية مصنعة عديدة تصور لنا وكأنها آخر معاقل الصحة في العالم، ناهيك عما تغذى به، ويضاف إليه كل ما نأكل ونشرب لتصرف المليارات لعلاج حالات مرضية كان بالإمكان تجنبها بالتوعية والشفافية التامة لما نستهلك من مواد غذائية والأخذ بأفضل المعايير الأوروبية وتطويرها لتنظيف السوق ممن يتاجرون بصحة البشر ورفع شعار المستهلك أولاً حتى يأكل كبار المسؤولين وأسرهم مما يأكل منه فقراء المجتمع دون خوف على صحتهم.
* نقلاً عن جريدة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة