بعد المناظرة الأخيرة بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطي هيلاري كلينتون صبيحة الخميس (بتوقيت أبوظبي) لم يبق إلا أيام معدودة من موعد الانتخابات الرئاسية
بعد المناظرة الأخيرة بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطي هيلاري كلينتون صبيحة الخميس (بتوقيت أبوظبي) لم يبق إلا أيام معدودة من موعد الانتخابات الرئاسية. وقد درجت العادة أن يهتم العالم، راغباً أو مرغماً، بمواقف المرشحين من بلاده أو إقليمه. فالولايات المتحدة تمتلك نفوذاً كبيراً في الأرض والماء والسماء وحتى الفضاء لا يمكن تغافله.
ومن المهم لأي مراقب أن يفهم أن التصريحات الخطابية للمرشحين موجهة لجمهورهما من الناخبين أكثر من الخارج. ومع ذلك هل يمكننا فهم السياسات التي سيتبعها المرشحان تجاه الشرق الأوسط وقضاياه الساخنة. المرشحان لهما مواقف مختلفة حول الشرق الأوسط وهما يحاولان إبرازها لتعبئة قواعدهما الانتخابية.
وتتميز المرشحة الديمقراطية بسجل حافل من المواقف. فقد كانت السيدة الأولى في فترة رئاسة بيل كلينتون ثم خدمت لفترتين كسيناتور من نيويورك، وخاضت حملة انتخابية رئاسية في 2008 ثم عينت وزيرة الخارجية من قبل خصمها السياسي الرئيس باراك أوباما في 2009. بينما قضى ترامب كل حياته يعمل في القطاع الخاص وليس لديه سجل في وظيفة عامة. ولكن ما رشح من الحملتين الانتخابيتين يمكن أن يوضح بعض الخطوط العريضة لسياساتهما الخارجية تجاه الشرق الأوسط.
تعتبر المرشحة كلينتون— مع سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، وسمانثا بور، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة— من الليبراليين المروجين للتدخلات الخارجية لخلق تغيرات تخدم المصالح والقيم الأميركية.
وقد دعم كل منهن التدخل في ليبيا وروجن للتدخل في سوريا للإطاحة بنظام الأسد. وفي هذا يتماها هؤلاء الليبراليون بالمحافظين الجدد ومن المتوقع أن نرى في عهدها سياسة خارجية نشطة في إقليم الشرق الأوسط وخارجه. بينما يميل ترامب إلى الانعزالية السياسية، حيث يرى أن الولايات المتحدة تدفع تكاليف باهظة لتأمين الملاحة البحرية وتأمين تدفق النفط من الشرق الأوسط إلى آسيا وأوروبا. وأن المستفيدين من دور الولايات المتحدة كشرطي العالم هذه الدول دونما المشاركة في أعباء التكاليف.
ويختلف الاثنان في مواجهة داعش. إذ يرى ترامب، في أحدث مواقفه، من ضرورة إرسال قوات برية تتراوح من 20،000 إلى 30،000 جندي للخلاص من داعش على أن يتحمل حلفاء واشنطن تكاليف هذه الحرب. وترى كلينتون أن على الولايات المتحدة أن تقود الحملة ضد داعش ولكنها ترفض إرسال قوات برية إلى العراق أو سوريا. ولكن بالنسبة لسوريا كان موقف الأخيرة ضرورة الإطاحة بنظام الأسد، وفي اعتقادها أن تردد إدارة الرئيس أوباما أدى إلى تفاقم الوضع في سوريا.
ولعل التصعيد الروسي والسوري في حلب مرده التخوف من وصول كلينتون إلى سدة الحكم وضرورة السيطرة على حلب لتعزيز موقف نظام الأسد في أي مراهنة أو مواجهة مستقبلية. بيد أن ترامب لا يرى أية فائدة ترجى من الإطاحة بالأسد بل إن أغلب الظن أنه يسعى إلى التوصل إلى تفاهم مع بوتين لأجل القضاء على داعش دون تهديد المصالح الاستراتيجية لموسكو في المنطقة.
يتفق المرشحان على أن إيران دولة مارقة، وأنها تقوض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تدعم الإرهاب ومصدر خطر على حلفاء أميركا، وخاصة إسرائيل. ولكن يفترقا في الاتفاق النووي بين خمسة زائد واحد وإيران. فكلينتون تدافع عن الاتفاق بسبب أنها كانت وزيرة خارجية الإدارة التي تفاوضت حول هذه القضية. ولكنها ترى ضرورة مراقبة إيران لتنفيذ الاتفاق. وتتعهد كلينتون بإجراءات عقابية إذا ما خرقت طهران الاتفاق.
ترامب ينتقد الاتفاق بشدة، ويعتقد جازماً بأن إيران استطاعت خداع واشنطن. وأن نواياها الحقيقية تكمن وراء السعي للحصول على أسلحة نووية. وأن الاتفاق مجحف لأنه أعطى إيران مبالغ تصل إلى 150 مليار دولار بعد إنهاء تجميد أرصدتها دون الحصول على تنازلات جيدة؛ وإن انتخب ترامب، فإنه سيسعى لتقليم أظافر إيران وتحطيم بنيتها التحتية وشبكتها لدعم الإرهاب. وكما أنه سيعيد التفاوض حول الاتفاق وسيفرض عقوبات شديدة إذا لم تقدم طهران تنازلات مقبولة.
ويتسابق الاثنان في إرضاء إسرائيل. وقد جاهر ترامب حبه لإسرائيل بمناسبة أو غير مناسبة، إلا أنه أثار بعض الاستياء في الأوساط الموالية لإسرائيل حين قال إنه سيقف على الحياد في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكنه رجع وأعلن دعمه الكامل لإسرائيل ونقده لإدارة أوباما في تعاملها السلبي مع إسرائيل. وأعلن أمام الملأ بأن معاملة إسرائيل بدرجة دنيا سينتهي في أول يوم يتسلم فيه مقاليد الحكم في البلاد.
والأمر سواء بالنسبة لكلينتون والتي تمتعت بعلاقات جيدة مع إسرائيل طوال فترة رئاسة زوجها بيل كلينتون وعندما كانت عضو مجلس الشيوخ أو وزيرة خارجية الولايات المتحدة. وتدعو المرشحة الديمقراطية لزيادة دعم إسرائيل وضمان أمنها كوطن للشعب اليهودي.
ولا مفر من الخلاصة أن كلا المرشحين مضر بالشرق الأوسط ولكن أحدهما أضر من خصمه!
نقلا عن / البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة