أوبزرفر: الاتحاد الأوروبي يقسو على إيطاليا ويتهاون مع فرنسا
الصحيفة تحذر من سخط شعبي إيطالي تجاه الاتحاد.. وتسلط الضوء على محاباة أوروبية لفرنسا رغم التشدد مع روما
حذرت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية من مغبة "التعامل القاسي" الذي ينتهجه مسؤولو الاتحاد الأوروبي تجاه إيطاليا، وقالت إن التشدد الأوروبي مع روما لتحقيق الأهداف المالية المطلوبة منها؛ بغض النظر عن الديمقراطية ونتائج الانتخابات في روما سيزيد من السخط الشعبي ضد التكتل، كما أنه يكشف التمييز الفاضح في التعامل الأوروبي المتهاون مع فرنسا رغم التشدد مع إيطاليا.
وبحسب مقال رأي كتبه كينان مالك في الصحيفة، فإنه في الوقت الذي يتهافت فيه المسؤولون الإيطاليون لزيارة بروكسل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) من أجل التوصل إلى تسوية في خلاف الموازنة، فإن صرخات الاتهام بالخيانة تتعالى ضدهم في روما، مع تحذيرات من كارثة اقتصادية واضطرابات اجتماعية.
وكانت الحكومة الائتلافية الإيطالية، التي تكونت من تحالف حزب "الرابطة" أقصى اليمين، وحركة "5 نجوم" الشعبية، قد قدمت في أكتوبر الماضي مشروع موازنة يتضمن تلبية العديد من التعهدات الانتخابية للحزبين، مثل توفير دخل أساسي للعاطلين، وتأجيل الاقتراحات السابقة برفع سن التقاعد، وكانت الموازنة المقترحة ستزيد عجز إيطاليا إلى 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو عجز أعلى من الذي استهدفته الحكومة السابقة، لكنه في نفس الوقت أقل من الحد الذي حدده الاتحاد الأوروبي عند نسبة 3٪.
ومع ذلك، وفي تحرك غير مسبوق، رفضت المفوضية الأوروبية تلك الموازنة لأنها "تخترق قواعدها المالية"، وأصرت على أن توقعات النمو في روما "مفرطة في التفاؤل"، وبالتالي فإن نسبة العجز الحقيقية إلى الناتج المحلي الإجمالي ستتجاوز 3٪.
لاحقا، تم تهديد إيطاليا بالعقوبات، وفي الأسبوع الماضي، اضطرت الحكومة الإيطالية إلى صياغة موازنة جديدة أكثر تقشفا لم يتضح حتى الآن مدى رضا أوروبا عنها.
وبحسب كاتب المقال، فإن المعاناة الحقيقية التي تواجه إيطاليا لا تنبع من عجزها السنوي ولكن من الديون المتراكمة التي تبلغ حاليا 2.6 تريليون يورو بنسبة 133٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثاني أعلى الدول مديونية في منطقة اليورو بعد اليونان، وبالتالي فإذا تعثرت إيطاليا قد يتهاوى النظام المالي الهش في أوروبا، لذا تريد المفوضية الأوروبية من روما التحرك سريعا نحو التوازن.
وحذر مالك من أن الميول التقشفية في بلد مثل إيطاليا يعاني ثلث شبابه من البطالة، ويعيش أكثر من 5 ملايين شخص في "فقر مطلق"، قد تؤدي إلى تأثير كارثي.
وأوضح أن مسألة الموازنة ليست فقط نقاشا اقتصاديا، بل هي نقاش سياسي يثير تساؤلات حول الديمقراطية، وتابع :"وكأن بروكسل تقول لروما: نحن لا نهتم بما صوت عليه الشعب الإيطالي.. فالديموقراطية أقل أهمية من قواعدنا المالية".
وأشار المقال إلى أن التعامل الأوروبي مع إيطاليا منذ أزمة الديون في روما عام 2011، وتمريرها حزمة تقشف "وحشية" عبر البرلمان الإيطالي بشكل دفع إلى استقالة رئيس الوزراء سلفيو بيرلسكوني ثم تعطيل الإجراءات الديموقراطية بأن حل في منصبه رئيس وزراء غير منتخب هو ماريو مونتي للإشراف على برنامج التقشف، جميعها تؤدي إلى مؤشرات "خطيرة سياسيا".
كما لفت المقال إلى التمييز في تعامل الاتحاد الأوروبي مع إيطاليا مقارنة بتعاملها مع دول مثل فرنسا، وأشار إلى أن فرنسا اعتادت خرق قاعدة العجز في الاتحاد الأوروبي سنويا منذ عام 2008. ولم يتم فرض عقوبات عليها أبداً، كما أن استسلام الرئيس إيمانويل ماكرون مؤخرا لمحتجي السترات الصفراء وإقرار زيادة في الحد الأدنى للأجور وإلغاء الزيادات الضريبية للمتقاعدين ذوي الدخل المنخفض، يرفع احتمالات أن يتخطى عجز موازنة باريس حاجز 3% في العام المقبل.