بعد مخاوف من أخطاره.. إعادة الاعتبار لمضاد حيوي "مُهمل" عمره 80 عاما
أعادت دراسة أمريكية الاعتبار لمضاد حيوي شهير تم إنتاجه قبل 80 عاما، لكن تراجع الاهتمام به، بسبب مخاوف من تأثيراته السلبية على الكلى.
ونجحت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة هارفارد الأميركية، ونشرت في العدد الأخير من دورية "بلوس بيولوجي"، في تقليل الآثار الجانبية للمضاد الحيوي "نورسيوثريسين"، وذلك بعد النجاح في تنقية مادته الفعالة "الستربتوثريسين"، وأثبتوا بعد تحقيق هذا الإنجاز، أن هذا المضاد الحيوي الشهير، هو عامل قوي ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
و"نورسيوثريسين" هو منتج طبيعي مصنوع من فطريات التربة التي تحتوي على أشكال متعددة من جزيء معقد يسمى "الستربتوثريسين"، وأثار اكتشافه في الأربعينيات آمالا كبيرة بالنسبة لاستخدامه كعامل قوي ضد البكتيريا سالبة الجرام، والتي يصعب قتلها بالمضادات الحيوية الأخرى بسبب الطبقة الواقية الخارجية السميكة.
لكن ثبت أن مادة "نورسيوثريسين" سامة للكلى، وتراجع تطورها، ومع ذلك، فإن ظهور الالتهابات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية قد حفز البحث عن مضادات حيوية جديدة، مما دفع الفريق البحثي من جامعة هارفارد إلى إلقاء نظرة أخرى على هذا المضاد الحيوي.
وعانت الدراسات المبكرة على هذا المضاد الحيوي من تنقية غير مكتملة لمادته الفعاله "الستربتوثريسين"، ولكن الفريق البحثي وباستخدام التقنيات الحديثة نجح في تنقيتها وتقليل الآثار الجانبية لأقصى درجة ممكنة، مع الاحتفاظ بفوائدة كمضاد حيوي لا تستطيع البكتيريا مقاومته.
وباستخدام المجهر الإلكتروني بالتبريد، أظهر الباحثون أن "الستربتوثريسين"، أظهر نشاطا واعدا، كعلاج محتمل لمسببات الأمراض المقاومة للأدوية المتعددة والبكتيريا سلبية الجرام.
ويقول جيمس كيربي من كلية الطب بجامعة هارفارد، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة هارفارد، بالتزامن مع نشر الدراسة: "كان الستربتوثريسين، المعزول عام 1942، أول مضاد حيوي تم اكتشافه، ويظهر فعالية ضد البكتيريا سلبية الجرام، ووجدنا في هذه الدراسة أنه ليس فقط فعالا مع هذه البكتيريا، ولكنه فعال للغاية ضد أصعب مسببات الأمراض المعاصرة المقاومة للأدوية المتعددة ويعمل عن طريق آلية فريدة لتثبيط تخليق البروتين".
وتتسبب البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية فيما يقرب من 1.3 مليون حالة وفاة سنويا في جميع أنحاء العالم، وكجزء من الجهود المبذولة لعلاج هذه المشكلة، يعتبر البحث في الأدوية القديمة أحد الاتجاهات، كما يقول خالد أبو الفتوح، المدرس بكلية الصيدلة جامعة الزقازيق (شمال شرق القاهرة) لـ "العين الإخبارية".
ويضيف: "هناك فرق بحثية تحاول البحث عن مواد جديدة، وفرق أخرى، تختبر مواد مكتشفة في السابق، كالبحث الأخير، ولكن التوجه الأخير قد يؤدي لتحقيق نتائج أسرع، وأقرب للتطبيق عمليا".