المحيط يلتهم سكة للقطارات في كاليفورنيا.. تغير المناخ يتوحش (صور)
يوشك المحيط في ولاية كاليفورنيا الأمريكية على التهام أحد أجمل خط قطارات في العالم، بسبب تأكل الشاطئ الملاصق، بفعل تأثير تغير المناخ.
وفي مدينة سان كليمنتي الواقعة في جنوب كاليفورنيا، يتمدد المحيط بشكل متواصل. وأمام خط السكك الحديد الذي يسلكه قطار "باسيفيك سرفلاينر" المعروف بالمناظر الرائعة التي يمر بها، تبخر الشاطئ بعدما كان يمتد على حوالي مئة متر قبل سنوات قليلة.
من دون هذه المنطقة الفاصلة الطبيعية، تسببت الأمواج التي رافقت العاصفة الاستوائية كاي في سبتمبر/ أيلول بتحريك الأرض تحت السكة الحديد، وأغلق هذا الخط الذي يسمح سنويا لنحو 8.3 مليون راكب بالانتقال بين سان دييجو وسان لويس أوبيسبو لإنجاز أشغال عاجلة.
وبات التغير المناخي يبتلع مقومات الحياة على الأرض، ففي شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين تعرَّضت الأرض لموجات حرارية غير مسبوقة، ضربت أوروبا خاصة، لكنها طالت دولا في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا كذلك.
ولا تقتصر الأضرار على خط السكة الحديد، ففي المنطقة الواقعة مباشرة فوق الشاطئ، يسيطر القلق على مجمع "سايروس شورز" الذي يضم نحو مائة فيلا فخمة، وحيث امتلك الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون منزلا كبيرا لفترة طويلة. فمن دون الشاطئ الذي كان يدعم الحي المقام فوقه يؤدي الانزلاق الأرضي ببعض المنازل إلى مياه البحر.
وينهار موقف السيارات الواقع على طرف الجرف الصخري تدريجيا فيما بات منزلان فخمان تشققت جدرانهما غير قابلين للسكن. ويقول ستيف لانج، راكب الأمواج البالغ 68 عاما والذي يملك منزلا فخما يطل على المحيط في سان كليمنتي، لوكالة فرانس برس "آتي يوميا إلى هنا وأكاد أبكي لهذا المشهد".
ويضيف لانج متنهدا "كان سعر كل فيلا ما لا يقل عن عشرة ملايين دولار. ندق ناقوس الخطر منذ سنوات لكن من دون جدوى".
تشكل هذه المنطقة "مثالا مصغرا" عن الرهانات المقبلة على طول سواحل كاليفورنيا الممتدة على مسافة ألفي كيلومتر، على ما يؤكد مساعد رئيس بلدية سان كليمنتي كريس دانكن مضيفا "كل ساحل كاليفورنيا مهدد بالتغير المناخي والتآكل".
وتتفاقم هذه الظاهرة الطبيعية جراء ارتفاع منسوب المياه الناجم عن ذوبان الأنهر الجليدية وارتفاع قوة الأمواج بسبب احترار المحيطات.
وفي خريطة مرعبة نشرتها وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) في 13 يوليو/تموز 2022، ظهر معظم نصف الكرة الأرضية الشرقي وكأنّه يشتعل.
وتعد القارة العجوز أكبر المتضررين، ففي أوروبا الغربية، التي كانت تعاني بالفعل من الجفاف الشديد، أشعلت موجة الحر الحرائق في البرتغال وإسبانيا وأجزاء من فرنسا.
خسائر مروعة
بحلول العام 2050، يتوقع أن تصبح منشآت تراوح قيمتها بين 8 و10 مليارات دولار تحت المياه في كاليفورنيا فيما ستصبح أبنية أخرى تقدر قيمتها بما بين 6 و10 مليارات في منطقة معرضة لخطر المد، على ما أظهرت نتائج دراسة نشرها نهاية العام 2019 مكتب مجلس الولاية.
في سان كليمنتي، تعمل سلطات النقل المحلية على تدعيم خط السكك الحديد. وتستقدم يوميا أطنان من الصخور لتدعيم أسفل خط السكك الحديد. ويتوقع أن تستمر هذه الأشغال 45 يوما بكلفة 12 مليون دولار. لكن دانكن يقول متنهدا "إنها معركة خاسرة".
وأغلق الخط في سبتمبر/ أيلول 2021 لإضافة 18 ألف طن من الصخور من دون أن تحل المشكلة. ويؤكد "تساعد هذه الصخور على تثبيت الخط مؤقتا لكنها تتسبب بخسارة مطردة للرمل" عندما تضرب الأمواج بعنف.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالاحتباس الحراري إلى زيادة تكرار وشدة حالات الجفاف وحرائق الغابات والعواصف وكذلك الفيضانات، إلى جانب تضاعف في موجات الحر المضرة بالزراعة والقاتلة للإنسان.