ذكرى "انتفاضة تشرين".. تحسبات أمنية وترقب سياسي بالعراق
على وقع مشهد مأزوم منذ شهور، يستعد الآلاف من المتظاهرين للنزول باحتجاج حاشد عند العاصمة العراقية بغداد إحياءً للذكرى الثالثة لما تعرف بـ"انتفاضة تشرين".
وتأتي مسيرة أكتوبر/تشرين الأول المتوقعة تحت وطأة من الظروف المعقدة والاحتدام المتصاعد الذي أصاب العملية السياسية بشلل شبه تام.
كما تأتي بعد تنازع وصل إلى حد الاشتباك المسلح عند المنطقة الرئاسية أواخر آغسطس/آب الماضي، والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى.
وتدفع اللجنة المركزية لاحتجاجات أكتوبر/تشرين الأول بتحشيد جماهيري كبير لمواصلة رفع المطالب التي دعوا إليها في خريف 2019، المطالبة بتخليص الدولة من سطوة المليشيات واستشراء الفساد وغياب القانون وجملة من التداعيات الأخرى بينها البطالة والفقر.
انتفاضة تشرين 2019
وتعد مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 هي الأكبر والأشمل في تاريخ العراق ما بعد 2003، حيث بدأت في محافظة ذي قار، جنوب البلاد، وسرعان ما امتدت إلى المدن الأخرى حتى بلغت أشدها في العاصمة بغداد.
رافق المظاهرات حينها عمليات قتل وملاحقة واستهداف لناشطين وشخصيات مستقلة ومدنية، وجهت فيها الاتهامات إلى جهات سميت بـ"الطرف الثالث"، في إشارة إلى قوى مليشاوية مقربة من إيران.
وبحسب إحصائيات رسمية، سجلت مظاهرات تشرين 2019 منذ انطلاقها وحتى الشهور الثلاثة الأولى منها، مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة الآلاف، بينها عمليات اغتيال وتصفية لرموز احتجاجية في محافظات الوسط والجنوب.
واضطرت حكومة عادل عبدالمهدي على وقع الغضب الجماهيري الواسع، إلى تقديم استقالتها، تبعها بعد ذلك إقرار قانون انتخابي جديد والمضي نحو ممارسة ديمقراطية مبكرة تم إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ورغم الوعود الحكومية التي قدمها رئيس الوزراء بالكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم إلى القضاء، إلا أن ذلك الملف ما يزال موضع سخط واستياء من قبل ذوي الضحايا جراء التقدم البطيء الذي يكتنف ذلك الملف.
مطالب جديدة وقديمة
وكانت اللجنة المركزية لاحتجاجات أكتوبر أعلنت قبل أسابيع التحضر لتحشيد كبير إحياء للذكرى الثالثة يكون مركزها عند ساحة النسور، غربي العاصمة بغداد، تتقدم بمطالب لمحاسبة قتلة المتظاهرين، ويضاف لها جملة من الدعوات الأخرى بينها حل البرلمان وتحقيق انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي.
وبرزت مطالب إنهاء عمل البرلمان الحالي وإدارة الظهر لنتائج أكتوبر/تشرين الأول الماضية، عقب اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الرئاسية في يوليو/تموز الماضي وإعلان الاعتصام المفتوح والتي وجدت ترحيباً كبيراً بين العديد من القوى السياسية والقواعد الشعبية بينها محتجو تشرين.
وتدفع قوى الإطار وحلفاؤها الجدد من السيادة والديمقراطي الكردستاني نحو تفعيل عمل البرلمان واستكمال تشكيل الحكومة عقب الانتهاء من اختيار المرشح لرئاسة الجمهورية.
مظاهرات الذكرى الثالثة
حامد السيد، الناطق الإعلامي باسم حركة "وعي"، القريبة من احتجاجات أكتوبر، وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول إن "مظاهرات الأول من أكتوبر/تشرين الأول لكل العراقيين الساخطين مما يجري في البلاد من فساد وتعثر وفوضى وليس أن جمهورها محصور بفئة معينة".
ويضيف السيد أن "حركة أكتوبر كانت بمثابة فك اشتباك عند مساحة خطرة تتمثل في وقف استلاب الدولة من قبل الطبقة السياسة التي تعاقبت على حكم العراق ما بعد 2003، ولم تقدم سوى الخراب والاستهلاك للمفاهيم وتعميم ثقافات السلاح والتمذهب والطائفة".
ويتابع بالقول: "ستكون مظاهرات إحياء الذكرى الثالثة في منطقتين عند العاصمة بغداد، حيث ستكون الأولى عند ساحة النسور والأخرى في ميدان التحرير ومن ثم التوجه نحو المنطقة الرئاسية مع التشديد على اتباع السلمية والالتزام بالوسائل الاحتجاجية".
ولفت إلى أنه "من المتوقع أن تستمر تلك الاحتجاجات حتى تحقيق جميع المطالب بوصفها ضاغطا جماهيريا على صناع القرار السياسي بغية تحقيق الاستجابة المنشودة".
وعشية انطلاق مظاهرات أكتوبر أجرت السطات الأمنية تحصينات مشددة على مداخل المنطقة الخضراء، تمثلت بنشر القطعات ونصب البوابات الحديدية التي تمنع مرور العجلات، بحسب مصادر أمنية مطلعة.
وأبدت تنسيقات للمتظاهرين في محافظات الجنوب والوسط مواقف تأييد ومساندة للدفع نحو احتجاجات جماهيرية حاشدة نحو العاصمة بغداد والتمسك بمطالب حل البرلمان وإقصاء الطبقة السياسية الحالية عن المشهد العراقي.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS44MiA= جزيرة ام اند امز