خوف وإنكار وسوء تقدير من قبل إسرائيل.. حرب أكتوبر تبوح بأسرارها
وصفتها مصر بـ"يوم النصر"، فيما إسرائيل اعتبرتها "حرب يوم الغفران"، في مسميات وإن اختلفت، إلا أنها تتفق على أن ما حدث في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 وما تلاه، كان بمثابة "اللحظة الفارقة" في تاريخ المنطقة.
تلك الحرب بدأت تبوح ببعض أسرارها بعد مرور نصف قرن على انتهائها، بإطلاق الجيش الإسرائيلي موقعا إلكترونيا يشمل آلاف الوثائق حولها.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "يكشف الموقع عن كمية كبيرة من المواد الأصلية حول حرب يوم الغفران ويتيح الوصول إليها للجمهور لأول مرة"، مشيرا إلى أن الأرشيف يشمل 15301 صورة فوتوغرافية و6085 وثيقة و215 فيلما و40 تسجيلا صوتيا و169 خريطة، التي لديها القدرة على توضيح ساحة المعركة، واعتبارات ومداولات صناع القرار، والأحداث الدرامية في القتال واللحظات الصغيرة في حياة الجنود.
إخفاقات أمنية
ومن بين الوثائق التي تم الكشف عنها، تلك التي تم تقديمها أمام "لجنة أغرانات" التي حققت في إخفاقات الأذرع الأمنية، خاصة الاستخباراتية، عشية نشوب الحرب، وفي إخفاقات عسكرية أثناءها.
ووفقا لإحدى الوثائق فإنه في الساعة 12:30 مساء في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، عممت المخابرات العسكرية ملف استخبارات إشكاليا ومربكا معلّما بالرقم التسلسلي 433.
كان ذلك قبل حوالي ساعة ونصف من اندلاع الحرب، حسب الوثيقة التي تقول إن المعلومات الاستخباراتية قد تعرفت على إشارات إلى أن مصر وسوريا تخططان "لبدء حرب في المستقبل القريب".
إلا أنه مع ذلك، فقد أعرب من كتب الملف عن اعتقاده بأنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشن حرب بعد، مشيرًا إلى أن مصر وسوريا "تدركان أنه لا توجد فرصة للنجاح في الحرب".
إصدار هذا الملخص المربك وغير الحاسم جاء بعد ساعات قليلة من تلقي المخابرات العسكرية تحذيرات ملموسة بأن الحرب على وشك الاندلاع.
وقالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية: "لم يتم إطلاق بعض الوثائق الموجودة على الموقع الجديد من قبل، إحداها تتعلق بالبحث الذي أجراه في عام 1985 الجنرال يوئيل بن بورات، الذي قاد الوحدة 8200 (المعروفة سابقًا باسم الوحدة 848) أثناء الحرب".
وأضافت: "يشرح بن بورات، أنه بالنظر إلى المعطيات والأحداث، ألم يكن من العبث التشكيك في وجود قرار [من مصر وسوريا بشن الحرب] في ذلك الوقت؟"، منتقدًا التقدير الذي ساد بأن "القيادة الاستراتيجية في مصر تدرك أنه لا توجد فرصة للنجاح في الحرب".
ونصت وثيقة أخرى كتبها بن بورات -كذلك- بعد الحرب ونشرت للمرة الأولى، على: "هذا هو الواجب المهني لضابط المخابرات. فإذا انضم إلى القطيع لتجنب الوقوف والتعرض للنقد والعداء، فقد فشل في دوره. وبالفعل، كان هذا هو الحال في الحرب. فالجنود كانوا رافضين، بينما لم يحتج أفراد المخابرات، وظل كل شيء في حلقة تكافلية مضللة وخطيرة ".
صرخات ورعب
وأضاف: "إذا فشلنا في كل شيء، ونجحنا في إعطاء تحذير مسبق، فيمكن اعتبار الأمر نجاحا. لكن إذا نجحنا في كل شيء، وفشلنا في إعطاء تحذير مسبق، فقد فشلنا"، متابعًا: "لو كنا عشية يوم الغفران منعنا المفاجأة، لكانت إخفاقاتنا قد غُفِرت. لكن لأننا فوجئنا، في يوم كيبور (الغفران) لم نتذكر أي نجاحات".
الصحيفة قالت إنه "إلى جانب الجوانب الاستراتيجية للحرب، يحتوي الموقع أيضًا على قدر كبير من المواد حول معارك وعمليات محددة"، مضيفة: "أحد الأمثلة على ذلك هو شهادة الجندي غادي زيدوفار، قائد بؤرة حرمون التابعة للجيش الإسرائيلي، الذي وثق سقوطها في اليوم الأول من الحرب".
وأضافت: "سمعنا صرخات باللغة العربية ورصاصًا يضرب الأبواب. بدأ الناس في الذعر.. اختفى الجنود الذين كانوا خائفين في الأنفاق.. كانوا يأملون في البقاء على قيد الحياة بهذه الطريقة."
وتركز مواد أخرى على الموقع على قادة إسرائيل أثناء الحرب، بما في ذلك رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان.
أحد الأمثلة على ذلك هو المؤتمر الصحفي الذي عقدته مئير في اليوم الثامن من الحرب والذي قالت فيه: "الحرب لم تنته بعد. لا يزال الأولاد والجنود والقادة والمجندات، على الجبهتين الشمالية والجنوبية يقاتلون بتفان وشجاعة وروح لا مثيل لها".
مناقشات خطيرة
وفي وقت لاحق من التسجيل الصوتي، أضافت: "أنا سعيدة لأنني أستطيع أن أقول إن الناس في الجبهة الداخلية لا يتخلفون عن أبنائهم في الخطوط الأمامية، إن الروح الحازمة للشعب، والتطوع في كل شيء وأي شيء، تتجاوز ما كان يمكن توقعه".
وتابعت: "لا يوجد مكان على الإطلاق لليأس، أبداً.. لا شك في قلوبنا أننا، في نهاية المطاف، في نهاية الحرب، سنكون المنتصرين. لم نبدأ الحرب، لكن بمجرد الهجوم علينا سنقاتل حتى النصر"، مضيفة: "دعونا نأمل أن تنتهي الحرب بانتصار إسرائيلي في غضون فترة قصيرة".
ويتضمن الموقع أيضًا محاضر المناقشات والاجتماعات التي عقدها رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، فيما تشمل استجوابات عملياتية من قبل وزير الدفاع وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وفروع القيادة المختلفة (الجيش والقوات الجوية والبحرية) والجنود.
وهناك أيضًا تقارير ميدانية كتبها الجنود بخط يدهم الفعلي.
ويتضمن القسم المرئي من الموقع صورا التقطها مصورون بارزون في ذلك العصر، بما في ذلك واحدة لجولدا مئير بتعبير مقلق وحقيبة يد في يد وسيجارة في الأخرى بينما تتلقى إحاطة من أرييل شارون، قائد الفرقة 143.
وتتضمن مقاطع الفيديو على الموقع مقابلة أجراها دايان لوسائل الإعلام في 18 أكتوبر/تشرين الأول، قال فيها: "يجب أن نكون متواضعين".
aXA6IDk4Ljg0LjE4LjUyIA== جزيرة ام اند امز