يرى "كوميرز بنك" أنه من المقدر أن يهبط سعر برميل النفط القياسي من نوع برنت الخام إلى 70 دولارا على خلفية وجود فائض عرض متوقع من النفط في الربع الأول من 2022.
وكان "برنت" يتم تداوله عند سعر 72.72 دولار للبرميل صباح الأربعاء الماضي، وهو ما يقل بمقدار 1.33% عن سعره في اليوم السابق، مع استمرار المتداولين في تقييم الأثر المحتمل للمتحور أوميكرون على طلب النفط العالمي، وسط علامات متعددة على أن فائض العرض في السوق هو أمر وشيك.
وهناك عدد كبير من المحللين والتوقعات، التي ترى أن التوازن في سوق النفط سيبدأ في التحرك تجاه تسجيل فائض في العرض خلال الشهر الحالي، وسوف يتخطى العرض مستوى الطلب أكثر في الربع الأول من عام 2022.
وفي أحدث تقاريرها الشهرية الصادرة يوم الثلاثاء الماضي قالت وكالة الطاقة الدولية، التي تضم أهم الدول المستهلكة للنفط في العالم، إن الإنتاج العالمي من النفط سوف يتجاوز الطلب في ديسمبر، وهو ما سوف يحدث لنمو الإنتاج في كل من الولايات المتحدة وتحالف دول أوبك+.
وقالت الوكالة إن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة وحدها عن أكبر زيادة في الإنتاج للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر مع تسارع أعمال الحفر والتنقيب هناك.
وقد تسجل السعودية وروسيا مستويات قياسية في الإنتاج السنوي خلال العام المقبل إذا أنهت مجموعة أوبك+ خفض الإنتاج المتفق عليه بالكامل.
وقد يقفز نتيجة لهذا المعروض النفطي العالمي بمقدار 6.4 مليون برميل يوميا في العام المقبل، مقارنة بارتفاعه 1.5 مليون برميل يوميا فقط خلال العام الحالي.
وذكرت الوكالة أن "الراحة المطلوبة بشدة في الأسواق المقيدة في الطريق، مع تخطي العرض العالمي للطلب بدءا من الشهر الحالي".
وفيما لو استمرت دول تحالف أوبك+ في زيادة مستوى إنتاجها وتقليص الخفض في هذا الإنتاج، فسيشهد الربع الأول من عام 2022 فائضا يبلغ 1.7 مليون برميل يوميا من النفط، ويمكن لفائض العرض أن ينمو ليسجل 2 مليون برميل يوميا خلال الربع الثاني من عام 2022، وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وأكدت الوكالة أنه "فيما لو حدث هذا فإنه سيحسن من السوق لتصبح أكثر راحة".. وذلك من وجهة نظر المستهلكين طبعا، الذين تمثلهم الوكالة.
وتفكر الوكالة في أن التزايد في عدد حالات كوفيد-19 قد يعمل مؤقتا على خفض التعافي في الطلب العالمي على النفط، ولكن تأثير المتحور أوميكرون سوف يكون على الأرجح أكثر اعتدالا من الموجات السابقة ولن يقلب اتجاه التعافي الحالي في الطلب.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد راجعت بخفض قليل يبلغ نحو 100 ألف برميل يوميا في توقعاتها لنمو الطلب على النفط في كل من العام الحالي والعام المقبل 2022.
وتوقعت الوكالة أن يرتفع الطلب العالمي بمقدار 5.4 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي مقارنة بعام 2020، وتسجيل ارتفاع آخر بالطلب بمقدار 3.3 مليون برميل يوميا في عام 2022، كي يصل بذلك إلى مستوى قريب من مستوى الطلب ما قبل تفجر جائحة كوفيد-19، أي نحو 99.5 مليون برميل يوميا.
من جهة أخرى، ورغم المخاوف من الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه المتحور أوميكرون في الأسواق، فإن منظمة الأوبك رفعت خلال الأسبوع الماضي توقعاتها للطلب العالمي على النفط في الربع الأول من العام 2022، وتجادل المنظمة بأن أوميكرون سوف يكون له تأثير معتدل من حيث الشدة وقصير من حيث الزمن.
وقالت منظمة الأوبك في تقريرها الشهري الصادر خلال الأسبوع الماضي إنها تتوقع أن يبلغ الطلب العالمي على النفط في المتوسط 99.1 مليون برميل يوميا خلال الفترة من يناير إلى مارس 2022، وهو ما يزيد بنحو مليون برميل يوميا عن توقعاتها الصادرة في الشهر الماضي.
ومع رفعها أيضا لمتوسط الطلب خلال العام المقبل ككل، توقعت أن يبلغ مستوى الطلب العالمي في المتوسط 100.8 مليون برميل يوميا، وهو ما يتساوى مع مستوى الطلب خلال العام السابق على الجائحة، 2019.
وقد أظهر تقرير شهر ديسمبر لمنظمة الأوبك في الوقت ذاته أن المملكة العربية السعودية والعراق استمرا على رأس منظمة الأوبك في ارتفاعات الإنتاج من شهر لشهر، مع استمرار معاناة نيجيريا من فشلها في التغلب على الانقطاعات في مستوى الإنتاج.
ويبدو من ثم أن هناك تباعدا محدودا في المدركات حينما يأتي الموضوع إلى المتحور أوميكرون، حيث ترى منظمة الأوبك أن الطلب العالمي على النفط يتعافى، بينما حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن أوميكرون سوف يؤثر مؤقتا على تعافي الطلب العالمي.
وبالرغم من هذا التحذير، فإن الأثر الذي تراه وكالة الطاقة الدولية لا يزال محدودا، فقد قلصت كما ذكرنا آنفا من تقديرها للطلب العالمي بمقدار 100 ألف برميل فقط خلال العام الحالي والعام المقبل، وذلك أساسا بسبب أن تقييد السفر يخفض من استخدام وقود الطائرات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة