النفط.. مفاجأة العرب الاقتصادية في حرب أكتوبر
سلاح النفط الاستراتيجي كان مفاجأة الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول العربية على المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل، ساهم في دفع الراية نحو الجانب المصري لحصد الانتصار التاريخي.
لم يكن الانتصار الذي حققته القوات المسلحة المصرية في حرب السادس من أكتوبر عام 1973 على إسرائيل، بفعل الخطط العسكرية والاستراتيجية الحربية فحسب، بل كانت الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول العربية أعضاء "أوبك" على المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل خير دليل على الموقف العربي تجاه مصر، ودور سلاح النفط الاستراتيجي في دفع الراية نحو الجانب المصري لحصد الانتصار التاريخي وإجبار إسرائيل على الانسحاب من المناطق العربية المحتلة.
القصة بدأت عبر زيارة سرية قام بها الرئيس المصري محمد أنور السادات للملك فيصل في الرياض أغسطس/ آب 1973 أخبره خلالها بنواياه في خوض المعركة لتحرير سيناء وطلب منه وقف تصدير النفط إلى الدول الغربية التي تمد إسرائيل بالسلاح.
وفي أعقاب تلك الزيارة اجتمعت الدول المصدرة للنفط ومنها "السعودية والإمارات والجزائر والعراق وليبيا" في 15 سبتمبر/ أيلول من نفس العام لبدء التفاوض في رفع أسعار النفط عالميا ووضع حد لدعم إسرائيل.
ومع تحضيرات الدول العربية التي اتفقت على عقاب إسرائيل ومن يدعمها باستخدام سلاح النفط، بدأت مصر وسوريا هجوما ثنائيا على إسرائيل من أراضيها في السادس من أكتوبر، فيما عرف بالحرب العربية الإسرائيلية الرابعة.
ومع تقدم القوات المسلحة المصرية وتغلغلها في اتجاه تحرير الأرض كانت "أوبك" تتم مفاوضاتها 10 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 مع شركات النفط لرفع الأسعار وتعديل اتفاق طهران 1071.
وكانت أمريكا قد بدأت في إمداد اسرائيل بالأسلحة عبر النقل الجوي فيما عرف بعملية "العشب النيكيلي" في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، غير أن الدول العربية متمثلة في السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق والجزائر والكويت وقطر اتفقت على خفض إنتاج النفط ورفع الأسعار من جانب واحد بنسبة 17 ٪ إلى 3.65 دولار للبرميل في 16 أكتوبر/ تشرين الأول لعرقلة إمدادات الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
وكانت الضربة القاصمة للولايات المتحدة وإسرائيل يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول، الذي اتفقت فيه الدول العربية مجتمعة على استخدام سلاح النفط لمعاقبة كل من يدعم إسرائيل وفي مقدمتها الولايات المتحدة الداعم الأول.
ومع مطالبات الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون للكونجرس باعتماد 2.2 مليار دولار يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، كدعم عاجل لإسرائيل كان النفط العربي قد تم حظره تماما إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وامتد الحظر بعد ذلك ليشمل هولندا في 28 أكتوبر/ تشرين الأول.
وظلت الدول العربية تحارب جنبا إلى جنب مع مصر وسوريا بسلاح النفط الفتاك لاقتصاديات الدول الموالية لإسرائيل، حتى حظرته على البرتغال وجنوب إفريقيا في 23 من نوفمبر/ تشرين الثاني 1973، بعد خفض الإنتاج بنسبة 25٪، وتهديدات بخفضه 5٪ إضافية، مما أجبر دولاً كبيرة على اتخاذ موقف الحياد تجاه الحرب كفرنسا وألمانيا.
وبعد ضمان انسحاب إسرائيل تماما من ساحة الحرب وإعلان الانتصار العربي المجيد لتحرير الأرض المحتلة، أعلن وزراء نفط الدول العربية، نهاية الحظر المفروض على الولايات المتحدة التي تكبدت خسائر باهظة وشهدت ارتفاعات متعاقبة في أسعار البنزين، بينما فقدت بورصة نيويورك للأوراق المالية 97 مليار دولار في قيمة أسهمها في 6 أسابيع.