"النفط الليبي".. ضحية الانقسام السياسي مجددا
دخلت الثروة النفطية، مصدر الدخل الرئيسي لليبيا، دائرة الخلاف السياسي المتصاعد، لتصير رهينة الانقسامات السياسية مع موجة الإغلاق القسري للمنشآت نتيجة للصراع بين حكومتين متنافستين.
وبات "النفط الليبي"، ضحية الخلافات السياسية بين الحكومتين الحالية والسابقة الرافضة لتسليم السلطة، في ظل ضغوطات دولية لإعادة فتح الحقول.
وزادت الفترة الماضية محاولات تسييس قضية النفط الليبي من قبل القادة السياسيين، غير عابئين بمعاناة الأهالي الواقع بمحاذاتهم الحقول خاصة في ظل مطالبتهم المتتالية بالتوزيع العادل للثروات.
وبعد تصريحات رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا بأنه سوف يجلس مع القبائل التي أغلقت حقول النفط لإعادة فتحها مرة أخرى الأيام المقبلة خاصة بعد المطالبات الأمريكية بذلك، التقى رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، قبل أيام، أهالي منطقة الهلال النفطي، للمطالبة باستئناف التصدير على أن تتم إدارة الإيرادات وفق آلية ونزيهة وشفافة، حتى تعود بالمنفعة على جميع الليبيين.
إلا أن نشاط رئيس الحكومة الحالية جعل سابقه المتمسك بالسلطة والرافض تسليمها عبد الحميد الدبيبة بالإيعاز لمهرب البشر المطلوب دوليا، عبد الرحمن ميلاد الشهير بالبيدجا بالقبض على سفينة وتوجيه تهمة لها بسرقة وتهريب النفط قبالة سواحل غرب ليبيا واحتجازها في ميناء طرابلس.
وارتبط اسم ”البيدجا“ الذي يقود وحدة حرس السواحل في الزاوية، وتصل سيطرته إلى الأكاديمية البحرية، بكونه أحد مهربي البشر والوقود في ليبيا.
كانت سلطات حكومة الوفاق السابقة اعتقلت البيدجا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ووجهت له النيابة العامة حينها تهماً تتعلق بـ“الاتجار بالبشر وتهريب مهاجرين وتهريب الوقود“، لكنه أطلق سراحه في شهر أبريل/ نيسان 2021، ليعود لممارسة عمله في حرس سواحل الزاوية كأحد ممثلي حكومة الوحدة الوطنية السباقة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
يقول المحلل السياسي الليبي الدكتور فرج زيدان، إن ما حدث عملية دعائية من رئيس الحكومة السابقة عبد الحميد الدبيبة للتعامل معه بعد ذلك.
وأكد زيدان لــ"العين الإخبارية" أن عملية القبض مفبركة، فالبيدجا متهم حقيقي بتهريب النفط إلى مالطا وجنوب إيطاليا، لافتا إلى أن الدبيبة يعمل على تحسين صورته قبل استخدامه والتحالف معه كما حدث مع باقي المليشيات المتطرفة لتقوية طرفه ضد رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا ومنع دخوله طرابلس.
وتابع: "الشخص ما زال يمارس التهريب حتي الآن إلى الدول الأوروبية وتم توجيه انتقادات كبيرة للدبيبة بسبب الصمت على أفعال البيدجا، لافتا إلى أن هذا "المليشياوي" البيدجا لا يعبأ بمطالبات دول الجوار أو المجتمع الدولي بالقبض عليه بسبب حمايته من الدبيبة والإعلام الموالي له من تيار الإخوان"
وأشار إلى أن إعلان تيار الإخوان الإرهابي يعمل الآن علي تحسين صورته ونشرها بأنه الحامي والمدافع عن قوت الليبيين من أجل وضعه في مكانة أخرى بجانب الدبيبة بعد اتفاقه مع مفتي الإخوان المعزول.
تسييس القضية
أما المستشار الليبي في قطاع النفط والغاز، عبد الجليل معيوف، فيقول، من اليوم الأول لأحداث فبراير 2011 استطاع النفط الدخول لقلب السياسة في ليبيا.
وأضاف معيوف لــ"العين الإخبارية" أن سبب قيام تلك الأحداث هو تهميش إقليم برقة من قبل نظام الرئيس الراحل معمر القذافي وعدم التقسيم العادل لدخل النفط .
وأوضح أن نظام القذافي سقط في إقليم برقة في أربعة أيام فقط، لافتا إلى أنه ستظل قضية النفط هي المسألة المحورية في ليبيا فليس من المعقول أن إقليم برقة يحتوي علي 85 % من الحقول النفطية ولا يحصل علي حقه في هذه الثروة.
وبين أن هذا يفسر رفض أهالي الهلال النفطي أمس الاستجابة لطلب رئيس الحكومة فتحي باشاغا إلا بعد تحقيق مطالبهم بتوزيع عادل وإقالة الدبيبة وإقالة صنع الله بالإضافة إلى التوزيع العادل لإيرادات النفط والغاز والاهتمام بالمناطق النفطية.