التوترات التي يشهدها الشرق الأوسط قد تؤدي لصعود دراماتيكي لأسعار النفط، حيث تشير التوقعات لاحتمالية وصول البرميل لـ100 دولار.
السؤال الذي يطرحه الخبراء ينطلق من أن منطقة الشرق الأوسط لن تخلو من الاضطرابات، فهل يمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات لصعود أسعار النفط مع تصاعد حرب غزة مثلما حدث في الأزمات الماضية؟
الخبراء يرون أن الأزمات الماضية يمكن أن تعطينا إشارة لما سيحدث في الأيام المقبلة فيما يتعلق بأسعار النفط. من جانبه قال ماجد شنودة، نائب الرئيس التنفيذي لشركة ميركوريا لتجارة وتوريد السلع الأولية، اليوم، إن سعر النفط قد يصل إلى 100 دولار للبرميل. جاء ذلك خلال مؤتمر للطاقة في الفجيرة بدولة الإمارات، مضيفاً "لا أعتقد أن هناك الكثير من المحللين الذين يرون أن السعر سيرتفع إلى 100 دولار في الظروف العادية، أعتقد أن هذا يسبب الكثير من الغموض فيما يتعلق بأين قد تتجه إليه الأمور، لأن السوق لا تضع الصراع ضمن اعتبارات التسعير إلى حد كبير".
وأشار إلى أن "التقلبات زادت لكن تحركات الأسعار كانت في الواقع ضعيفة للغاية، 3 دولارات للبرميل ليست بهذه الأهمية.. لكن هناك احتمالا كبيرا بأن يتصاعد هذا الأمر، وإذا تصاعد بالفعل، فأعتقد أنه يمكننا أن نرى 100 دولار للبرميل."
كانت الساعات الأولى من يوم السبت الماضي، قد شهدت هجومًا مفاجئاً من جانب مقاتلين فلسطينيين على الأراضي المحتلة، ما أثار توترات جيوسياسية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط.
ومع ظهور تداعيات الصراع بشكل فوري على الأسواق المالية العالمية، كان للنفط النصيب الأبرز من التحركات وسط مخاوف بشأن تضرر محتمل للإمدادات في سوق يشهد بالفعل نقصًا للمعروض.
ردود أفعال فورية
- ارتفعت أسعار النفط بنحو 4% عند تسوية تعاملات الإثنين الماضي، مع تصاعد القلق بشأن الأزمة في الشرق الأوسط.
- خام برنت القياسي تسليم شهر ديسمبر/كانون الأول ارتفع بنحو 5% خلال التعاملات ليلامس مستوى 89 دولارًا للبرميل، قبل أن يغلق مرتفعًا 4.2% عند 88.15 دولار.
- صعد خام نايمكس الأمريكي تسليم نوفمبر/تشرين الثاني بنسبة 4.3% إلى 86.38 دولار للبرميل، مقلصًا مكاسبه التي وصلت إلى 87.2 دولار.
- أسعار النفط استعادت جزءًا من خسائرها المسجلة في الأسبوع الماضي، والتي جاءت بفعل مخاوف مرتبطة بالطلب على الخام واستمرار معدلات الفائدة المرتفعة حول العالم.
- قبل الهجوم الأخير، فقدت أسعار النفط أكثر من 10% من قيمتها في خمسة أيام فحسب، مع قوة الدولار والمخاوف المرتبطة بتباطؤ الاقتصاد العالمي.
- كانت أسعار النفط قد ارتفعت بشكل قوي في الأشهر الماضية، ليصعد خام برنت من قرب 70 دولارًا في يونيو الماضي إلى أكثر من 97 دولارًا في نهاية سبتمبر.
مخاوف اتساع نطاق الأزمة
جاء ارتفاع أسعار النفط مع قلق المستثمرين من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط ليشمل دولا أخرى، ما قد يهدد بالإضرار بالمعروض من الخام.
ورغم عدم وجود تأثير على إمدادات النفط حالياً، فإن ارتفاع الأسعار جاء مع قيام المتداولين بإضافة علاوة المخاطر الجيوسياسية مرة أخرى إلى السعر.
مواقف تاريخية
لا يعتبر أي من طرفي الصراع في الوقت الحالي لاعبًا هامًا في مجال النفط، حيث إن كلاهما لا ينتج تقريبًا أي كميات من الخام.
لكن الاضطرابات تقع قرب دول أخرى تعتبر من المنتجين والمصدرين الرئيسيين للنفط حول العالم.
- أول تعليق من الخزانة الأمريكية على حرب غزة: الاقتصاد لم يتأثر
- الفرار من إسرائيل.. من هو الملياردير الروسي الهارب من "طوفان الأقصى"؟
من جانبه، قال الاقتصادي "إد يارديني" رئيس شركة "يارديني ريسيرش" إن الأزمات الجيوسياسية في الشرق الأوسط عادة ما تتسبب في ارتفاع أسعار النفط. وتكمن أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لسوق النفط العالمي في حقيقة أنه يعتبر موطناً لنحو ثلث إمدادات الخام الإجمالية.
وتاريخياً، تسببت الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط في تحركات حادة لأسعار النفط. فقد تسببت حرب أكتوبر 1973 في ارتفاع أسعار النفط من مستويات 2.90 دولار للبرميل إلى أكثر من 11 دولارًا في العام التالي.
كما قفزت أسعار النفط بنسبة وصلت إلى 240% إبان حرب الخليج في عام 1990، كما زادت 45% خلال حرب العراق عام 2003.
وشهدت أسعار النفط صعودًا لمستوى قياسي خلال الاشتباكات في لبنان عام 2006، لتتجاوز آنذاك 78 دولارًا.
الاتجاه الصاعد
تثير الاضطرابات الجيوسياسية الأخيرة خلافًا بين المحللين حول ما إذا كانت ستلقي بأثار طويلة على أسعار النفط.
فقد توقع بنك "سيتي جروب" أن تسهم الاضطرابات في حدوث زيادات فورية لأسعار النفط، لتعكس بعض الخسائر التي تكبدتها في الأسابيع القليلة الماضية.
وحذر محللو البنك من احتمالية تصاعد الصراع في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة، وهو الخطر الذي يظل قائمًا خلال عام 2024.
وذكر محللو "إيه إن زد بنك" أن ارتفاع الخطر الجيوسياسي في الشرق الأوسط يجب أن يدعم أسعار النفط، محذرين من حدوث تقلبات مرتفعة في الأسعار.
ومع مرور 40% من الصادرات العالمية من النفط عبر مضيق هرمز، توقع "بوب ماكنالي" رئيس "رابيدان إنرجي" أن يؤدي اتساع نطاق الصراع ليشمل طهران إلى ارتفاع أسعار النفط بما يتراوح بين 5 إلى 10 دولارات.
كما يحذر "ماكنالي" من أن أسعار النفط قد تشهد ارتفاعات ملحوظة إذا اتسع نطاق الصراع ليشمل جماعة حزب الله في لبنان.
وأشار محللو "جولدمان ساكس" إلى الآثار المحتملة للهجمات على إمدادات النفط العالمية، لكن البنك لا يزال يتمسك في الوقت الحالي بتوقعه وصول خام برنت إلى 100 دولار للبرميل بحلول يونيو المقبل.
لكن على الجانب الآخر، يعتقد "فيفيك دار" مدير أبحاث سلع التعدين والطاقة في "كومنولث بنك" أنه لكي يكون لهذا الصراع تأثير دائم وملحوظ على أسواق النفط، فإنه يجب أن يحدث هبوط مستمر في إمدادات النفط أو نقله.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMjE0IA== جزيرة ام اند امز