"غصن الزيتون".. شهر من "البروباجاندا" التركية بلا تقدم
الهجوم التركي على عفرين رغم دخوله الشهر الثاني لم يتمكن حتى الآن من تحقيق أي تقدم واضح.
مر قرابة الشهر على انطلاق العملية التركية العسكرية المسماة "غصن الزيتون" بمنطقة عفرين بالشمال السوري، والتي صاحبها بروباجاندا ودعاية سياسية تركية خالية من الإنجازات على الأرض.
تلك العملية العسكرية التي رافقها ضجة إعلامية حرصت أنقرة من خلالها على منح التدخل هالة تركز بالأساس على استهداف مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها بـ"منظمة إرهابية" أضرت بالمدنيين، رغم تكرار أنقرة أنها اتخذت كل التدابير اللازمة لتجنب إلحاق الضرر بهم.
لكن هذة العملية ورغم دخولها شهرها الثاني لم تتمكن حتى الآن من تحقيق أي تقدم واضح، رغم محاولة أردوغان، الثلاثاء، تبرير ذلك أمام أعضاء حزبه بالبرلمان بأن حصار عفرين سيمنع وصول مساعدات للوحدات الكردية من خارج المنطقة.
لا إنجازات
القوات التركية تمركزت بعفرين، منذ 20 يناير/كانون ثان الماضي، لتنفيذ ضربات جوية ومدفعية على المنطقة.
ومع أن أنقرت أعلنت حتى الآن خسارة 32 من جنودها، إلا أنها تؤكد في الآن نفسه أن مسار العملية يجري وفق المخطط له، بل إن الرئيس رجب طيب أردوغان، أعلن قبل 3 أيام، أن جيش بلاده مدعوم بـ"الجيش السوري الحر" سيطرا على منطقة مساحتها "300 كليو متر مربع في منطقة عفرين.
غير أن المحصلة الميدانية أظهرت أن المساحة التي سيطرت عليها القوات التركية تشمل في مجملها 33 قرية وبلدة تقع في معظمها بالمناطق الحدودية إلى شمال منطقة عفرين.
العملية العسكرية أو العدوان التركي في شهره الأول، كان له أيضا كلفته البشرية في صفوف المدنيين، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل نحو 95 مدنيا جراء الهجوم التركي.
هذ الرقم تنفيه أنقرة بشدة، وتصر على أن عمليتها تتخذ كل الاحتياطات والإجراءات اللازمة لتفادي سقوط المدنيين إلا أن محللين عسكريين يجزمون أنه من المستحيل تحقيق ذلك ميدانيا.
ويعتقد خبراء أن أردوغان يدرك المعادلة الصعبة بين التقدم على الأرض والمحافظة على حياة المدنيين، وهو نفسه ما يخلق فجوة بين الخطاب السياسي الذي بلغ حد الدعاية السياسية، وبين ما تفرضه أحكام الحرب على الأرض.
عملية فوق الانتقادات
رغم الصعوبات الكبيرة التي تحول دون تحقيق أهداف عملية «غصن الزيتون» إلا أن أردوغان يزعم التفافا جماهيريا محليا حولها، عبر تطوير خطاب يرمي في ظاهره إلى تعزيز مشاعر الانتماء للوطن، ويمنح في باطنه للسلطات ذريعة معاقبة معارضي الحكومة أو العملية العسكرية.
والإثنين، أعلنت الداخلية التركية اعتقال 786 شخصا منذ انطلاق العملية العسكرية في عفرين، على خلفية اتهامهم بـ"الدعاية المفزعة" والمشاركة في "أفعال استفزازية".
ومن بين المعتقلين، أكثر من 585 شخصا احتجزتهم السلطات التركية بسبب منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحدها.
تصعيد التوتر مع واشنطن
ودبلوماسيا، أفرزت غصن "الزيتون" تصعيد التوتر بين الحكومة التركية والولايات المتحدة الأمريكية.
هذا التصعيد جاء عقب تهديد تركيا مؤخرا بتوسيع هجومها نحو مدينة منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، كما تنشر أمريكا قوات تابعة لها، ما أثار مخاوف من وقوع مواجهة عسكرية بين قوات الدولتين الشريكتين في الحلف الأطلسي.
ولتخفيف توتر ينذر بتحوله لمواجهات على الأرض، أجرى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الأسبوع الماضي، زيارة إلى أنقرة، أجرى خلالها محادثات مطولة مع أردوغان ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
الزيارة أثمرت اتفاقا على تجاوز الخلافات في سوريا، على أن يشكل حل الخلاف المتعلق بمدينة منبج أولوية في المحادثات بين الجانبين.
ومع إعلان الإعلام الرسمي السوري، الإثنين، اعتزام قوات موالية للحكومة دخول عفرين للتصدي للهجوم التركي، بدا أن البلاد على شفا مواجهات بين بشار وأردوغان، عقب تصريحات نارية من جانب أنقرة تهدد بالتصدي لأي قوات تدخل منطقة عفرين للدفاع عن الأكراد السوريين.
تهديد يبدو أنه أسقط قرار وصول القوات الموالية للنظام إلى عفرين، بما أن الساعات التي حددها الإعلام السوري الرسمي لدخول القوات إلى المنطقة انقضت دون تغيير من هذا النوع على الأرض.
وعرض التلفزيون الرسمي السوري في وقت سابق الثلاثاء لقطات تظهر قوات موالية لدمشق تدخل منطقة عفرين لمساعدة مقاتلين أكراد في مواجهة هجوم تركي بدأ قبل نحو شهر.
إلا أن وسائل إعلام تركية نقلت عن رجب طيب أردوغان قوله إن بعض القوات الموالية للنظام السوري حاولت دخول عفرين لكنها تراجعت بعد إطلاق القوات التركية نيران المدفعية تحذيرا لها.
وذكرت وسائل إعلام تركية أن القوات الموالية للحكومة السورية عادت أدراجها من على مسافة 10 كيلومترات من حدود عفرين.
aXA6IDEzLjU4LjE5Ny4yNiA= جزيرة ام اند امز