بشار وأردوغان بساحة عفرين.. هل اقتربت لحظة المواجهة؟
أنقرة صعدت اللهجة العدائية ضد عفرين، وطافت في هيستريا اتصالات دبلوماسية مع أطراف عديدة استباقاً لمواجهة قد تقع مع جيش النظام السوري.
الرئيس السوري بشار الأسد وأكراد عفرين باتوا على وشك مواجهة نظام أردوغان العدو المشترك للجانبين، رغم معارضة دمشق مطالب الأكراد بالحصول على الحكم الذاتي.
النظام التركي الذي يعتبر وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين خطراً على حدوده الجنوبية، خلق بعدوانه على عفرين تحالفاً غير مسبوق بين أكراد سوريا وجيش النظام السوري.
فبعد نحو شهر من إطلاق تركيا العملية العسكرية على عفرين السورية، أعلنت قناة الإخبارية السورية التابعة للنظام، عن دخول قوات موالية لجيش النظام السوري بمنطقة عفرين شمال غرب سوريا.
استمرت المحادثات بين الإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية وممثلي عن النظام، على مدار أسبوع، بشأن الاختيارات المتاحة لاحتواء الوضع الإنساني في عفرين.
وقال أمين صالح، مسؤول العلاقات الخارجية والدبلوماسية بمقاطعة كوباني (خاضعة لحكم الأكراد بشمال سوريا)، إن هناك مفاوضات حالية وتنسيقاً قائماً بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات جيش النظام السوري، بهدف الانتشار على المناطق الحدودية السورية – التركية خاصة في ريف عفرين الغربي والشمالي.
وأوضح صالح في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن قوات حرس الحدود التابعة لجيش النظام (الهجانة) ستنتشر بالمناطق الحدودية ونقاط التماس مع القوات التركية والعناصر المسلحة، مؤكداً أن الاتفاق سيتم تفعليه خلال الساعات المقبلة.
عدوان أردوغان
اعتبر صالح أن العدوان التركي الشرس ضد سكان المدينة، كان دافعاً قوياً للتنسيق مع قوات حرس الحدود السورية، بهدف صد هجمات رجال أردوغان وحماية أطراف عفرين، نظراً لشدة القصف في نهاية الأسبوع الماضي.
وخلال الأيام الماضية، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن الهجمات التركية التي طالت قرى بشمال غرب المنطقة قرب الحدود، يشتبه بأنها هجمات بالغاز، خاصة أن الإصابات كانت بين مشكلات بالتنفس وأعراض أخرى.
ومن جانيه، تحدث بدران جيا كرد، مستشار بالإدارة الذاتية الديمقراطية بالشمال السوري، عن أن الضربات المتتالية التي تلقاها الجيش التركي والفصائل المرتزقة والإرهابية المتعاونة معه، دفعت العدوان التركي إلى تكثيف القصف على القرى ومراكز المدن والبنية التحتية بالطائرات والمدافع.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" قائلاً "هناك معارك شرسة في المحاور الحديدية التركية – السورية مثل "حمام ونسرية وجندريس ويران وديرصوان وبلبلة وراجو"، مشيراً إلى استخدام الجيش التركي لجميع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً ضد المدنيين.
تواطؤ روسي– تركي
منذ انطلاق العملية العسكرية التركية ضد عفرين، دار الكثير من الجدل حول انسحاب القوات الروسية من مناطق تمركزها بالمدينة السورية قبل القصف التركي.
وتحدثت بعض التقارير الدولية عن أن هناك نقاشاً مستمراً بين أنقرة وموسكو حول مناطق تحليق الطائرات التركية، وعمق التوغل بعفرين، إضافة إلى هوية المسلحين المشاركين في الهجوم.
في الـ21 من يناير/كانون الأول، حمّلت وحدات حماية الشعب الكردية، الجانب الروسي مسؤولية تدخل أنقرة في عفرين، قائلة في البيان "نحن نعلم جيداً أنه لولا موافقة موسكو على هذا القصف الجوي التركي، لما أقدمت الطائرات الحربية التركية على قصف عفرين، ونرى أن روسيا تتحمل مسؤولية الهجمات بقدر تحمل تركيا لهذه المسؤولية".
وأشار مسؤول العلاقات الخارجية والدبلوماسية بمقاطعة كوباني، إلى أن تواطؤ الجانب الروسي مع أنقرة كان سبباً من أسباب إبرام الاتفاق بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، خاصة أن خسائر السوريين من العدوان التركي على عفرين متضاعفة، كونها الملاذ الآمن للمدنيين طوال الـ7 سنوات الماضية.
وتابع بقوله "رغم شدة القصف الجوي على عفرين، إلا أن الصمت الدولي نحو هذه التجاوزات والانتهاكات، دفعنا للبحث عن حل بدل لإيقاف عملية تهجير وإبادة سكان عفرين".
اتصالات تركيا يمينا ويسارا
صعدت أنقرة اللهجة العدائية ضد عفرين، وطافت في هيستريا اتصالات دبلوماسية مع أطراف عديدة استباقاً لمواجهة قد تقع مع جيش النظام السوري ستكون الأولى منذ اندلاع الازمة السورية قبل 6 سنوات وخلال اتصال هاتفي بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هدد الأول النظام السوري في حال إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، متوعداً قوات النظام بعواقب وخيمة.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي كان يجري زيارة للأردن، لم يفوت على نفسه المؤتمر الصحفي المشترك الذي تفرضه البروتوكولات عقب اللقاءات الرسمية، ليطرح رد بلاده على الوصول المرتقب للقوات الموالية للنظام السوري إلى عفرين.
وقال جاويش أوغلو، خلال المؤتمر الذي عقده مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، إنه "لا مشكلة إن كان النظام السوري سيدخل عفرين من أجل تطهيرها من "بي كا كا"، لكن إن كان دخوله لحماية هذا التنظيم، فلا أحد يستطيع وقف الجنود الأتراك".
تهديد صريح بنطاق وسعه المسؤول التركي إلى ما وراء عفرين، مشيراً إلى أن "هذا الأمر ينطبق على عفرين، ومنبج، والمناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيمي (ب ي د/ بي كا كا) الإرهابيين في شرق نهر الفرات".
في السياق ذاته نقلت "رويترز" عن مصدر في مكتب أردوغان أن الأخير بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني، التطورات في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، ومنطقة عفرين في سوريا.
وقال المصدر إن أردوغان وروحاني بحثا الهجوم العسكري التركي ضد الأكراد في شمال سوريا، وشددا على أهمية التعاون في محاربة العناصر الإرهابية.
من "درع الفرات" إلى "غصن الزيتون"
رغم أن أنقرة تحاول جاهدة تغليف مساعيها وأهدافها الحقيقية بنوع من التمويه، الذي غالباً ما يستقطب الأذهان نحو مكافحة الإرهاب، إلا أن عقدة الأكراد التي تقضي مضجع مسؤوليها على مر السنين فضحت أجنداتها الحقيقية.
فمعاناة الشعب السوري أو إحلال السلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب، ليست ضمن أولويات أردوغان وإنما يتبع هوسه الدائم من ذلك الرعب الذي يثيره في نفسه احتمال قيام دولة كردية على الحدود مع بلاده، وهذا ما يفسر أن عملية "درع الفرات" كانت أول تدخل لها خارج حدودها منذ "عملية السلام" في قبرص عام 1974.
تدخل عسكري جرى بين أغسطس/آب 2016 ومارس/آذار 2017، بدا أن الضرورة القصوى حتمته آنذاك على أنقرة، غير أنه لن يكون الوحيد طالما شبح الأكراد لا يزال يثقل مخيلة أردوغان، لتتبعها نهاية الشهر الماضي عملية "غصن الزيتون" في عفرين.
وبنظرة مبدئية، يمكن اعتبار "غصن الزيتون" خطوة مكملة أو لاحقة لـ"درع الفرات"، وتأتي في إطار مخطط أردوغاني مكتمل البنود يشمل أجندة أكبر بكثير من عناوين التضامن ومكافحة الإرهاب التي تزدان بها خطاباته وحاشيته.
فالعمليتان تتقاطعان عند نقطة واحدة وهي "القضاء على الإرهاب" ظاهرياً، لكن باطنها يشمل القضاء على كل ما يشكل عدواً للمشروع الأردوغاني الحالم بالتوسع في الشرق الأوسط، والأهم قبل ذلك، القضاء على الأكراد، مدنيين أو مسلحين، ومنع تكتل هذا الشعب أو حدوث أي نوع من التواصل الجغرافي بين مكوناته الشرقية والغربية شمالي سوريا، وبالتالي وأد فكرة الدويلة أو الممر الكردي.
خنجر يغرسه أردوغان في قلب سوريا النازف، بإعلانه تصعيداً يستبطن مواجهة محتملة مع قوات النظام حال دخولها عفرين لحماية وحدات حماية الشعب الكردية، لتتخذ الأزمة منحى تصاعدياً يطيح بجميع آمال إحلال السلام.
aXA6IDMuMTI5LjQyLjE5OCA= جزيرة ام اند امز